بقلم: حسان القطب ـ مدير المركز اللبناني للابحاث والاستشارات ـ بوابة صيدا
منذ ايام اطلق رئيس وزراء الكيان الغاصب نتنياهو، تصريحاً اشار فيه الى انه يحلم باقامة دولة اسرائيل الكبرى على امتداد الاراضي التي يعتبرها اليهود ارض الآباء والاجداد..!! فقد قال نتنياهو.. " إنه في مهمة تاريخية وروحية ويُقر برؤية إسرائيل الكبرى". وجاء في الخبر أن نتنياهو قال في المقابلة إنه يشعر بالارتباط الشديد برؤية "إسرائيل الكبرى" التي تشمل ما كان يفترض أن يكون دولة فلسطينية مستقبلية- في اتفاقية أوسلو- إضافة إلى أجزاء من الأردن ومصر.
إن هذا الحلم او الرؤية او الطموح والرغبة، وان هذه الاطماع التوسعية والقدرة على القتل والتهجير والاحتلال والاغتصاب، لن تستمر طويلاً، لان رؤية العالم الغربي ومختلف دول العالم التي تنظر بتجرد وواقعية وموضوعية الى ما يجري على الاراضي الفلسطينية وفي الدول المحيطة بفلسطين المحتلة، (لبنان، وسوريا).. اصبحوا يدركون بل ويفهمون وينظرون الى ان دولة اسرائيل التي اقامتها دولة بريطانيا، ورعتها فرنسا ومن ثم الولايات المتحدة، انما هي دولة عدوانية تمارس القتل والتدمير بدون رادع او وازع او ضوابط.. مستندة الى دعم الولايات المتحدة الاميركية المطلق التي تغطي جرائمها سياسياً وامنياً ودبلوماسياً بل وتزودها بالاسلحة والذخائر اللازمة لارتكاب جرائمها..
هذا الطموح الاستعماري التوسعي الذي اعلنه صراحة نتنياهو، هو ليس وليد الساعة او مجرد تصريح اعلامي، بل هو عقيدة دينية راسخة في اذهان اليهود، مضمونها ان التاريخ يجب اعادة كتابته من جديد، او عودة المسيح الحقيقي الذي يعتقدون به سوف يعود لتمكين اليهود من حكم العالم.. ومن هنا يتبين لنا التالي:
- ان المعركة مع الكيان الغاصب ليست معركة ارض ومساحات جغرافية بل هي حرب دينية عميقة الجذور.
- ان امكانية التعايش او التفاهم او القبول بوجود هذا الكيان لا قيمة لها بنظرهم بل هي مرحلة تسبق الاستعداد للانقضاض من جديد لتحقيق الحلم الديني والنبوءات التي اطلقها القادة الدينيون وكتبهم المقدسة..
- لقد بدأ العالم بأسره يدرك ان اليهود هم من يعتدي ويقتل ويدمر ويمارس سياسة التجويع، وان المظلومية التاريخية التي استند اليها يهود العالم للحصول على الدعم الخارجي والتعويضات عن المرحلة النازية في المانيا الهتلرية، لم يعد لها مكان في ذهن وفكر المواطن الغربي والالماني بشكلٍ خاص..
اما لماذا لن يتحقق هذا الحلم الصهيوني، نتوقف هنا عند الاسباب:
- الديموغرافيا البشرية لا تعمل لصالح بني صهيون، إذ إن عدد اليهود في العالم وفي آخر احصاء العام الماضي لا يتجاوز 15 مليون نسمة نصفهم تقريبا في فلسطين المحتلة والنصف الآخر منتشر في العالم بأسره لتأمين الدعم اللوجيستي المالي والدبلوماسي والسياسي والامني لهذا الكيان..
- اسرائيل تنوء وتئن، بتزايد المواطنين العرب في ارض فلسطين المحتلة عام 1948، كما في عام 1967 وتسعى جهدها لتهجيرهم او تشجيعهم على الهجرة، والاستيلاء على الاراضي وبناء المستوطنات والتمدد على اراضي الضفة الغربية لن يغير من المعادلة شيء..
- إن التوسع في الاحتلال بدون قدرات بشرية لن يكون ممكنا وهذا ما تعاني منه اسرائيل المحتلة.. وخضوع العالم العربي والاسلامي للاحتلال مستحيل ولن يتحقق..!!
- إن حالة النهوض والوعي العربي والفلسطيني والاسلامي، في مختلف اصقاع العالم، كما في الدول الغربية تؤكد ان التحول النفسي والفكري والثقافي لم يعد يعمل لصالح الكيان الغاصب الذي يعتمد على الدعم الاميركي لمواصلة الحياة..
- إن معركة طوفان الاقصى، قد كشفت هشاشة الكيان العسكرية والامنية، ولولا الحضور الدولي والاميركي بشكلٍ خاص لمساعدة اسرائيل وحمايتها وتامين الغطاء العسكري والسياسي لها لانهارت اقتصاديا وبالتالي عسكرياً.. وهل سيستمر هذا الدعم لما لا نهاية..؟؟؟
الخلاصة
إن فكرة التوسع والاحتلال التي تقوم على ثوابت ومباديء عقائدية ودينية، تجعل من الصراع في المنطقة دينياً، وان العرب والمسلمون وهم اصحاب عقيدة راسخة، وثابتة، يدركون ان التمسك بحقوقهم المشروعة في استعادة فلسطين وطرد المحتل لا عودة عنه، وان حالة التمدد والاستعلاء والاستقواء بالاميركي، لن تستمر طويلاً، وان معركة غزة والضفة الغربية، قد اكدت ان ثقافة مجتمعنا عصية على كل المشاريع الدينية التوسعية التي حاولت وما زالت ان تفرض نهجها ومنطقها على امتنا وشعبنا..
لذا لا مكان لدولة بني صهيون في ارضنا ومهما حاولت اسرائيل وتمادت في ممارسة سياسة القتل والتهجير والتجويع فإن منطق الحق اقوى والغلبة لشعبنا بكل تاكيد.. وسوف يسقط وهم اسرائيل الصغرى قبل الكبرى..!! وسيبقى هذا الحلم الديني سراباً يعيشه بني صهيوني حتى قيام الساعة..
بوابة صيدا موقع إخباري متنوع ينطلق من مدينة صيدا ـ جنوب لبنان، ليغطي مساحة الوطن، والأمة العربية، والعالمين الإسلامي والغربي.. يقدم موقع (www.saidagate.com) خدمة إخبارية متنوعة تشمل الأخبار السياسية، والاقتصادية، والاجتماعية، والإسلامية، والمقالات المتنوعة.. تقوم سياسة الموقع على الحيادية، والرأي والرأي الآخر، يستقي الموقع أخباره، من تغطيته للأحداث، ومن وكالات الأنباء العربية والعالمية..