• لبنان
  • الجمعة, آب 22, 2025
  • اخر تحديث الساعة : 7:22:57 م
inner-page-banner
مقالات

خطورة الخوض في مسائل العقيدة والسياسة الشرعية بغير علم

د. محمد عياش الكبيسي

الناس في العادة يتورعون عن الإفتاء في فقه العبادات وأحكام الزواج والطلاق، لكنهم قد يطلقون لألسنتهم العنان للخوض فيما هو أخطر من ذلك.

أتابع الجدل (الديني) حول لقاء الوزير السوري بمسؤول أو أكثر من الكيان الغاصب، فأجد العجب العجاب في الجرأة على الله وعلى دين الله..

يا أخي المسلم اتق الله في نفسك ولا تفت بغير علم.

واعلم أنه في علاقة المسلم مع العدو  هناك دائرتان؛ دائرة العقيدة، ودائرة السياسة الشرعية.

في دائرة العقيدة يجب أن يكون هناك تمايز واضح، فمن تقرّب للعدو  بتزكيته وبتصحيح عقيدته الباطلة، فهذا منكر قد يصل بصاحبه إلى الكفر، فالرضا بالكفر كفر، ويقرب من هذا من أحبّهم وناصرهم وانتمى لمعسكرهم حتى لو لم يعتقد معتقدهم.

في دائرة السياسة الشرعية يجوز التفاوض معهم بالمباشر وغير المباشر، فقد باشر النبي عليه الصلاة والسلام مفاوضاته مع قادة المشركين واليهود حتى وهم في حالة الحرب،  وتحالف مع غير الحربي منهم، كما تحالف مع خزاعة، لكنه لم يصحح لهم عقيدة ولو بنصف كلمة، لأنه لو صحح عقائدهم-حاشاه- لبطلت رسالته من أساسها.

لكن هذا الجواز مقيد بتقدير الموقف الصحيح وما يحقق المصلحة الراجحة، وهنا قد نختلف في ذلك، لكن هذا الخلاف يدور بين (الصواب والخطأ) وليس بين (الكفر والإيمان)

أما من جعل مجرد اللقاء بالعدو والتفاوض معه سقطة دينية أو أخلاقية، فهذا يخشى عليه -والله- لأنه من الثابت أن رسول الله قد تفاوض مع العدو المحارب تفاوضا مباشرا كما في صلح الحديبية وغيره.

وإن تعجب فعجب أن ترى من يبرر (التزكية الدينية) للعدو الذي يخالفنا في ثوابت عقيدتنا بحجة (المصلحة) ليغرر بذلك عامة الناس ويفتنهم في دينهم، بينما يرى المنكر كل المنكر في خبر لقاء مسلم بعدوه ليفاوضه دون أن يعرف ما دار بينهما ولا ملابسات هذا اللقاء ، فهل هناك تطفيف في الميزان واتباع للهوى أكبر من ذلك؟

إن الظاهرة الأخطر التي نواجهها في أغلب الأزمات أننا لا نتحاكم إلى (الإسلام) الذي أنزله الله، بل ننقسم بحسب مناطقنا ودولنا واختلاف قضايانا، ونختلف في فهم الإسلام نفسه، وكأنه أصبح لكل منّا نسخته الخاصة من الإسلام، والله سبحانه وتعالى يقول: (فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما).

والذي يفتي الناس إنما يوقّع عن رب العالمين، (إعلام الموقّعين عن رب العالمين) فيا لسوء عاقبة من وقّع عن رب العالمين بالمزاج والتعصب والعاطفة والهوى، ولم يكن أمينا على هذا التوقيع.

(ولا تقولوا لما تصف ألسنتكم الكذب هذا حلال وهذا حرام لتفتروا على الله الكذب إن الذين يفترون على الله الكذب لا يفلحون)

بوابة صيدا

الكاتب

بوابة صيدا موقع إخباري متنوع ينطلق من مدينة صيدا ـ جنوب لبنان، ليغطي مساحة الوطن، والأمة العربية، والعالمين الإسلامي والغربي.. يقدم موقع (www.saidagate.com) خدمة إخبارية متنوعة تشمل الأخبار السياسية، والاقتصادية، والاجتماعية، والإسلامية، والمقالات المتنوعة.. تقوم سياسة الموقع على الحيادية، والرأي والرأي الآخر، يستقي الموقع أخباره، من تغطيته للأحداث، ومن وكالات الأنباء العربية والعالمية..

مدونات ذات صلة