• لبنان
  • الثلاثاء, تموز 15, 2025
  • اخر تحديث الساعة : 10:59:08 م
inner-page-banner
من صفحات التاريخ

سقوط بيت المقدس في أيدي الصليبيين.. وارتكاب المذابح بحق المسلمين

بوابة صيدا

حاصر الصليبيون مدينة القدس عام 1099 خلال الفترة ما بين 7 حزيران / يونيو إلى 15 تموز / يوليو 1099، (10 شعبان 492هـ ـ 18 شعبان 492هـ) وتَزَعَمَ القوات الصليبية كل من الدوق جودفري والدوق ريموند صنجيل، وانتهى الحصار باقتحام الصليبيين للمدينة وذبح غالبية سكانها. وبعد الاستيلاء على القدس تأسست مملكة بيت المقدس واعلان جودفري ملكاً على القدس.

استمرت المذابح لمدة يومين، ويذهب المؤرخون لوصف أنه لم يبق أحد من السكان المسلمين واليهود إلا قد ذُبح أو هرب أو بيع في اسواق النخاسة، وكان اليهود قد دافعوا عن حيّهم في شمال المدينة في الساعات الأولى للمعركة، وعندما اخترقت القوات الصليبية السور ودخلوا المدينة، توجهوا إلى الكنيس الرئيسي للصلاة، فاقفل الصليبيون عليهم المنافذ، وأحرقوا أكوام من الحطب حول الكنيس ليقتلوا حرقا.

أما ما فعلوه بالمسلمين فلنقرأ ما كتبه كُتَّابٍ صليبيين حضروا تلك المذابح وشاركوا فيها، أو عن من نقلوا عنهم من بني دينهم.

قال المؤرخ الصليبي فوشيه الشارتري في كتابه: " أعمال الفرنجة حجاج بيت المقدس" (115 - 128)، و"الحملة الصليبية الأولى نصوص ووثائق تاريخية" لقاسم عبده قاسم (254 - 255): "وهرب بعض هؤلاء العرب إلى برج داود، وأغلق آخرون على أنفسهم معبد الرَّبّ ومعبد سليمان، وتَمَّ شنُّ هجوم وحشي على المسلمين في فناء هَذينِ المعبدَيْنِ، ولم يكن هناك مكانٌ يمكن أن ينجيهم من سيوف رجالنا، ولو أنك كنت موجودًا هناك لغاصَتْ قدماك حتى العقبينِ في دماء المذبوحِينَ، ترى ماذا أقول؟ لم نتركْ منهم أحدًا على قيد الحياة، ولم ينجُ حتى النساء والأطفال، كم سيكون مُدْهشًا لو أنَّك رأيتَ فرساننا ومشاتنا بعد أن اكتشفوا خداعَ المسلمينَ فشقّوا بطونَ الذين ذبحوهم؛ لكي يَستخرجوا من المعدة والأمعاء العُمْلاتِ الذهبية التي كان المسلمون قد ابتلعوها وهم أحياء!! ولنفس السبب قام رجالُنا بعد أيام قلائل بجمع كومة من الجثث وأحرقوها حتى صارت رمادًا، حتى يمكنهم أن يجدوا بسهولة الذهب الذي ذكرنا خبره. عندما جرى رجالنا وسيوفهم مشرعة عبر أرجاء المدينة، ولم يُبقوا على أحد، حتى أولئك الذين يرجون الرحمة، سقط الجميع كما تسقط التفاحات العَفِنَة جميعًا من الأغصان المهزوزة، وبعد هذه المذبحة الكبيرة دخلوا بيوت السكان، واستولَوْا على كلّ ما وجدوه فيها، وتمَّ هذا بطريقة جعلت كل من كان يدخل أولاً سواء كان فقيرًا أم غنيًّا لا يجد من يُنازعه من الفرنج الآخرين، وكان له أن يحتل المنزل أو القصر، ويمتلِكُه بكل ما فيه؛ كما لو كان ملكية خالصة له، وهكذا اتَّفقوا جميعًا على هذا النمط من الملكية، وبهذه الطريقة صار كثيرون من الفقراء أثرياء"

وقال المؤرخ الصليبي ريمون الأجوي لري يصف ما شاهد في كتابه: "تاريخ الفرنجة غزاة بيت المقدس" ترجمة: جوزيف نسيم يوسف (246 - 247)، و"الحملة الصليبية الأولى نصوص ووثائق" (267 - 269): "بدأ رجالنا يدخلون إلى القدس بجسارة وإقدام، وقد أراقوا من الدماء في ذلك اليوم كمية لا يمكن تخيلها"، وقال: "ما إنِ استولى رجالُنا على السور والأبراج... أطاحوا برؤوس أعدائهم، بينما رشقهم البعض الآخر بالسهام، بحيثُ سقطوا من الأبراج، على حين عذبهم البعض فترة طويلة بأن قذفوهم في النار أحياء، وكانت أكوام الرؤوس والأيدي والأرجل تسترعي النظر في شوارع المدينة، وكان المرءُ يَشُقّ طريقه بصعوبة بين جثث الرجال والخيول، ولكن هذه كانت أمورًا صغيرة إذا قورنت بما جرى في معبد سليمان... ترى ما الذي حدث هناك؟! إذا ذكرت الحقيقة فإنَّها ستتعدَّى قدرتكم على التصديق؛ ولذا يكفي أن أقول: إنه في معبد سليمان كان الرجالُ يخوضون في الدماء حتى ركبهم وحزام ركابهم، والواقع أنه كان حكمًا عادلاً ومحترمًا منَ الرَّبّ أن يمتلئَ هذا المكان بدماء الكفار؛ لأن هذا المكان طالما عانى من دَنَسِهم، وامتلأت المدينة بالجُثث والدِّماء، والآن تم الاستيلاء على المدينة وهي جديرة بكل أعمالنا السابقة، والمصاعب التي واجهناها؛ لترى إخلاص الحُجَّاج في الضريح المقدس.

وقال المؤرخ الصليبي المسمَّى بالفارس المجهول في كتابه: "أعمال الفرنجة وحجاج بيت المقدس الآخرين" (84 - 92)، و"الحملة الصليبية الأولى نصوص ووثائق تاريخية" (277 - 278): "وطاردهم رجالنا يقتلونهم ويمزقونهم حتى معبد سليمان، حيثُ جَرَتْ هناك مذبحةٌ بلغ من عُنْفِهَا أن رجالنا كانوا يخوضون في دماء أعدائهم حتى أعقابهم... لدرجة أن المعبدَ كلَّه كان يفيض بدمائهم... وفي اليوم التالي توجهوا بحذر إلى سطح المعبد، وهاجموا المسلمينَ نساءً ورجالاً، وقطعوا رؤوسهم بسيوفهم، وقذف بعض المسلمين بأنفسهم من أعلى المعبد، ثم تشاور رجالنا، وأمروا بأن يتصدق الجميع، وأن يصلوا للرب؛ لكي يختارَ بنفسه من يريده أن يحكم المدينة، كما أمروا بأن تُرمى جميعُ جثث المسلمين خارج المدينة بسبب الرائحة المرعبة؛ لأن المدينة كلها تقريبًا كانت ملأى بالجثث".

ثم ذكر أن الجثث كُوِّمَتْ في أكوام كبيرة بحجم البيوت، وقال: "لم ير أحد من قبل أو يسمع عن قتلٍ بمثل هذا العدد من الوثنيينَ؛ لأنهم أحرقوا في أكوام مثل الأهرامات، ولا يعرف أحد غير الرب كم كان عددهم".

وذكر المؤرخ الصليبي ميشو في كتابه "تاريخ الصليبية" (1/ 224)، و"المملكة الصليبية" لبويس (20/ 21)، "عن العدوان الصليبي على العالم الإسلامي" للدكتور: صلاح الدين محمد نوار (122): أن المسلمين كانوا يُذْبَحُون ذبح النعام في الشوارع والمنازل، وأنهم لم يجدوا مكانًا آمنًا يَلُوذون به.

وذكر المؤرخ النصراني وِلْيَم الصوري في كتابه تاريخ الأعمال التي تمت فيما وراء البحار" وقد كتب تاريخه هذا بعد مرور حوالي ثمانين سنة على هذه الحملة الصليبية، وهو مولود في أرض فلسطين لأسرة من الغزاة الصليبيين الذين احتلوا بيت المقدس (3/ 185)، وانظر أيضًا: "تاريخ الصليبية" لميشو (3/ 227)، و"تاريخ الحروب الصليبية" لزوي أولدينبرج (15/ 25): أن بيتَ المقدس أصبح مخاضة واسعة من دماء المسلمين، أثارت خوف الغُزاة واشْمِئْزازهم، وأنه لم يكن من الممكن النظر إلى تلك الأعداد الضخمة من القتلى دون الإحساس بالرعب، ففي كل مكان ترى بقايا جثث القتلى مقطوعي الرؤوس والأيدي، وكانت الأرضُ مغطاةً بدماء القتلى.

ونقل المؤرخ الغربي النصراني ديورانت في كتابه قصة الحضارة 15/ 25 عمن حضروا تلك المذابح وشاركوا فيها قولهم: "إنَّ النساء كن يُقتلن طعنًا بالسيوف والحراب، والأطفال الرضع يختطفون بأرجلهم من أثداء أمهاتهم، ويُقذف بهم من فوق الأسوار، أو تُهَشَّم رؤوسهم بدقها بالعمد".

وذكر صاحب كتاب " أعمال الفرنجة وحجاج بيت المقدس الآخرين 119 - 120": "أن جثث قتلى المسلمين وُضعت في أكوامٍ حتى حاذتِ البُيُوتَ ارتفاعًا".

وقد اختصر الصليبيّون وصف هذه المذابح العظيمة في الرسالة التي أرسلوها إلى بابا الفاتيكان أوربان الثاني مُسيّر هذه الحملة الصليبية (والذي قضى قبل وصول الرسالة إليه) يخبرونه بما فعلوا قائلين: "إذا ما أردت أن تعلمَ ما جرى لأعدائنا الذين وجدناهم بالمدينة، فثِقْ أنَّه في إيوان سليمان أو معبده كانت خيولنا تخوض في بحر من دماء الشرقيين المتدفّقة إلى ركبتيها". " من كتاب العدوان الصليبي على العالم الإسلامي (124) "

 

ـــــــــــــ

إقرأ أيضاً

معركة تحرير الفاو.. المعركة الفاصلة في الحرب العراقية الإيرانية

تيمورلنك يزحف بقواته الجرارة.. ويرتكب المجازر في بلاد المسلمين

بوابة صيدا

الكاتب

بوابة صيدا موقع إخباري متنوع ينطلق من مدينة صيدا ـ جنوب لبنان، ليغطي مساحة الوطن، والأمة العربية، والعالمين الإسلامي والغربي.. يقدم موقع (www.saidagate.com) خدمة إخبارية متنوعة تشمل الأخبار السياسية، والاقتصادية، والاجتماعية، والإسلامية، والمقالات المتنوعة.. تقوم سياسة الموقع على الحيادية، والرأي والرأي الآخر، يستقي الموقع أخباره، من تغطيته للأحداث، ومن وكالات الأنباء العربية والعالمية..

مدونات ذات صلة