بقلم العميد (م) حسين الشيخ علي ـ بوابة صيدا
تضمن قرار وقف إطلاق النار والأعمال العدائية بين لبنان وإسرائيل بتاريخ 27 تشرين الثاني 2024 بنداً ينص على حق الدفاع عن النفس لكل من البلدين بما يتماشى مع القانون الدولي، دون تفسير ما هي الأعمال العدائية التي تستدعي الدفاع عن النفس.
كما تحتوي رسالة الضمانات الأميركية المسربة، على بند تعترف بموجبه الولايات المتحدة بحق اسرائيل في الرد على التهديدات القادمة من الأراضي اللبنانية وفقاً للقانون الدولي. وفي حقها في التحرك في أي وقت ضد هذه التهديدات الموجهة اليها في بند ثانٍ، دون تفسير ما هي هذه التهديدات. كما في حقها في تنفيذ طلعات جوية فوق لبنان لأغراض الإستخبارات والمراقبة والإستطلاع.
إن عدم توصيف هذه المصطلحات بدقة من قبل الأطرف الثلاثة ولا من قبل الأمم المتحدة، كون الإتفاق هو عبارة عن آلية لتنفيذ القرار 1701 الصادر عنها، ترك الحرية المطلقة لإسرائيل بتصنيف أي عمل تراقبه على أنه عمل عدائي يشكل تهديداً لها، وبالتالي من حقها التحرك ضده سواء كان فرداً أو مجموعة أو مخزناً أو غير ذلك. علماً بأن أي ضمانات بين الولايات المتحدة وإسرائيل هي غير ملزمة للبنان، إلاّ في حال تم إطلاعه عليها ووافق ضمنياً من أجل إتمام إتفاق وقف إطلاق النار والأعمال العدائية.
تفلتت اسرائيل من عدم التوصيف الدقيق للمصطلحات، وهي مستمرة بقصف المواقع التي تشتبه بها دون الرجوع الى اللجنة الخماسية، كما تقوم بعمليات الإغتيال اليومية لعناصر المقاومة على كامل الأراضي اللبنانية، في ظل عدم تحرك اللجنة الخماسية التي كبلت عملها هذه الصياغات الواسعة والمفتوحة وغير المحددة بدقة.
تفوقت اسرائيل على المقاومة في هذه الحرب من خلال الوقائع والنتائج والخسائر والإختراقات الأمنية، بحيث أصبحت المقاومة محاصرة بين فكي كماشة، أولهما عدم الرد على الإعتداءات الإسرائيلية نتيجة الخوف من رد فعلها المدمر وعدم القدرة على ردعها بالأسلحة التقليدية التي تدمّر الجزء الأكبر منها، وثانيهما السكوت وإصدار بيانات التنديد التي لا تستمع اليها المنظمات والقوى الدولية، معنونة بالتهديدات بالرد بعد نفاذ الصبر الإستراتيجي، الذي ندفع ثمنه كل يوم من خيرة شباب لبنان، دونما ظهور أي حل في الأفق.
تطالب المقاومة الدولة بالتحرك لحماية لبنان من هذه الإعتداءات، في مطلب حق يراد منه باطل، لأن المقاومة تعلم علم اليقين أنها مع الأحزاب الأخرى عملت على مر القعود على تدمير الدولة ومؤسساتها وخرق سيادتها، واستقدام التدخل الخارجي، ونحر الهوية الوطنية بالعصبية الدينية والطائفية وبالمحاصصة. حيث المراد من هذا المطلب إظهار عجز الدولة كمبرر لبقاء السلاح وعدم تسليمه للجيش اللبناني، والتحجج بالصراعات الطائفية في المنطقة، فتحولت مهمة السلاح من تحرير فلسطين الى حماية الطائفة من الطوائف والصراعات الأخرى.
استغلت اسرائيل هذا المأزق، وهي تعمل على بقاء الوضع على ما هو عليه، فيما يشبه وضع لبنان في مستنقع الإنتظار لحين الإقتناع بحصر السلاح بيد الدولة وما يدور حول قدرتها على تنفيذ ذلك وامتناع حزب الله عن تسليم سلاحه بحجة أنه يؤمن الحماية لطائفته، وهذا ما تبين فشله، في ظل الخسائر اليومية التي تنزلها اسرائيل بعناصره.
للخروج من هذا المستنقع لا بد من بناء دولة قوية، تستمد قوتها من جميع المجالات، العسكرية والإقتصادية والسياسية والإجتماعية والمالية والإنتاجية والعلمية والبشرية والمواطنية والقانونية وغيرها الكثير، فالدولة القوية هي عبارة عن كل ذلك. فكم يلزمنا من الوقت لبناء ذلك كله؟ أما في حال بقائنا طوائف وجماعات تقوم بحماية نفسها بنفسها، فتلك مصيبة تدل على أننا لم نتخذ القرار بعد في أن نعيش في كنف دولة تحمينا وتدافع عنا جميعا كمواطنيين متساوين. ونكون قد اخترنا استراتيجية الإستنقاع بأنفسنا في هذا الوضع، الذي لن يخرجنا منه الصبر الإستراتيجي بل يزيدنا غرقاً.
بوابة صيدا موقع إخباري متنوع ينطلق من مدينة صيدا ـ جنوب لبنان، ليغطي مساحة الوطن، والأمة العربية، والعالمين الإسلامي والغربي.. يقدم موقع (www.saidagate.com) خدمة إخبارية متنوعة تشمل الأخبار السياسية، والاقتصادية، والاجتماعية، والإسلامية، والمقالات المتنوعة.. تقوم سياسة الموقع على الحيادية، والرأي والرأي الآخر، يستقي الموقع أخباره، من تغطيته للأحداث، ومن وكالات الأنباء العربية والعالمية..