• لبنان
  • الأحد, تموز 06, 2025
  • اخر تحديث الساعة : 7:43:10 م
inner-page-banner
مقالات

هل زيارة نتنياهو المرتقبة لواشنطن تأتي في سياق استكمال سايكس – بيكو 2؟

في عام 1916، جلست الإمبراطوريتان البريطانية والفرنسية لترسما خريطة جديدة للمشرق العربي بعد انهيار الدولة العثمانية، معلنتين الاتفاقية التي تُعرف باتفاقية "سايكس – بيكو".

ولما كانت الإمبراطورية العثمانية آنذاك توصف بـ"الرجل المريض"، الذي تقاسمت الإمبراطوريتان إرثه الجغرافي، فإن بنيامين نتنياهو، الذي من المقرر أن يزور واشنطن للقاء الرئيس دونالد ترامب في الأيام القليلة القادمة، هو – إلى جانب ترامب – بطل سايكس – بيكو 2، ولكن بصورة معكوسة:

الرجل المريض هذه المرة ليس تركيا... بل العرب.

و"مكتب التقسيم" لم يعد في لندن وباريس، بل في تل أبيب وواشنطن.

فما الذي يؤكد أو يشير إلى ميلاد سايكس – بيكو 2؟

في سايكس – بيكو الأولى، تهاوت الإمبراطورية العثمانية بفعل الحرب العالمية، فتم تقسيم أراضيها بناءً على مصالح القوى الغربية المنتصرة.

أما في سايكس – بيكو الجديدة، 2025، فالسياق يتكرر في عدد من الدول لكن بصورة أخرى منذ انطلاق حرب طوفان الأقصى:

- غزة تحت الحصار العسكري والإبادة التدريجية.

- لبنان في فراغ سياسي وأمني وضغوط خارجية مختلفة تضاعفت أكثر إثر تراجع حزب الله سياسيًا وعسكريًا.

- سوريا تغيّر شكل نظامها بعد سقوط نظام الأسد.

- العراق في صراع فصائلي متضارب الرؤى والتوجهات تجاه المستجدات الإقليمية.

- مصر تعاني اقتصاديًا وتواجه ضغوطًا ومهددات أمنية مكثفة.

- الخليج العربي يسعى لاستغلال المعطيات الجديدة لتكريس نفوذه، لكنه ما زال غير قادر عن تجاوز الحدود المرسومة.

- تركيا ترى نفسها قد أصبحت الرجل الصحيح النشط، الذي بات بإمكانه إلى حدٍّ ما تعويض ما خسره في سابق عهده كرجل مريض.

- إيران تستجمع قواها استعدادًا لمعالجة ومواجهة تحديات الداخل ومهددات الخارج، على أمل استعادة نفوذها بصور وطرق أخرى.

إذًا، في ظل وضع عربي إقليمي كهذا، ما هو شكل سايكس – بيكو 2؟

تحركات لتشكيل ما يسمى بـ"تحالف أمني إقليمي"، أو "ناتو شرق أوسطي"، أو "ناتو عربي"، بمشاركة إسرائيلية فعالة تحت المظلة الأميركية.

هدفه الظاهري:

- حماية أمن الخليج.

- مواجهة  الإرهاب.

- ردع إيران.

أما في جوهره فهو:

1. ضمان تفوق إسرائيل العسكري بلا منازع.

2. ضبط السلوك السياسي والاقتصادي العربي بما يخدم المصالح الإسرائيلية.

3. تجريم أي مقاومة مستقبلية باسم مكافحة التطرف.

4. توزيع الموارد والأسواق وإعادة الإعمار وفق أجندة تل أبيب.

أي أن سايكس – بيكو 2 ليست استعمارًا واحتلالًا بصورتهما التقليدية، وليست "ناتو دفاعيًا" فحسب، بل منظومة من الوصاية الأمنية والعسكرية والسياسية طويلة المدى على المنطقة.

ترتكز على تعريفات ومفاهيم وأدوات جديدة ومختلفة:

- المسيّرات بدل الجيوش.

- الاغتيالات الذكية بدل الإنزالات البرية.

- المساعدات المشروطة بدل الاستعمار المباشر.

- التحكم السيبراني بدل الاحتلال العسكري.

 لم تعد الدول تُحتل، بل تُدار عن بُعد.

لم تعد تُقصف، بل تُستنزف من داخلها.

لم تعد تُسقط، بل تُنهك وتُحوّل إلى "مساحات أمنية وظيفية" خالية من القرار.

لماذا كل هذا؟

- الاستمرار في إضعاف إيران.

- تكسير إرادة الاستقلال العربي.

- تكميم أي خطاب مقاوم.

- مجابهة أي نزعة تناهض أو تتصدى للمشروع الإسرائيلي – الأميركي.

- ضمان استمرار التفوق الإسرائيلي.

بمعنى أن زيارة نتنياهو لواشنطن ليست إلا تدشينًا لمرحلة جديدة من تاريخ  المشرق العربي، أو ما يُسمى "الشرق الأوسط"، على أساس:

- منطقة عربية أو شرق أوسط بلا مقاومة.

- دون سيادة عربية حقيقية.

- دون عروبة مستقلة.

-تل أبيب تصبح اللاعب الأول:

- سياسيًا: عبر فرض الترتيبات الإقليمية.

- عسكريًا: عبر شبكة الناتو الإقليمي المتوقع.

- اقتصاديًا: عبر الاستثمار في إعادة الإعمار والسيطرة على الموارد.

- سيبرانيًا: عبر تقنيات المراقبة والتجسس والتوجيه عن بُعد.

يمكننا القول:

إن كانت سايكس – بيكو 1916 قد مهّدت لقيام إسرائيل على أنقاض العرب،

فإن سايكس – بيكو 2025 لا شك أنها تمهّد لفرض بقاء إسرائيل على أنقاض الإرادة العربية.

وإن كان "الرجل المريض" إبّان سايكس – بيكو الأولى هو إسطنبول، فإننا اليوم أمام ليس رجلًا مريضًا واحدًا، بل رجال أمراض كُثر، هم عدد من العواصم العربية في المقام الأول.

وإن كان طبيبا "الرجل المريض" في سايكس – بيكو الأولى هما سايكس وبيكو،

فإن طبيبَي "رجال مرضى" سايكس – بيكو الجديدة هما نتنياهو وترامب.

فهل سينجح نتنياهو وترامب في تنفيذ سايكس – بيكو 2؟

وهل يدرك العرب حجم المؤشرات وخطورة هذه الخطة؟

وإن كانوا يدركون، أما آن لهم أن يتحركوا لكبحها بما ينتصر لقضية الأمة المركزية – فلسطين – ويصون سيادة الأمة واستقلالها، حاضرًا ومستقبلاً؟

بوابة صيدا

الكاتب

بوابة صيدا موقع إخباري متنوع ينطلق من مدينة صيدا ـ جنوب لبنان، ليغطي مساحة الوطن، والأمة العربية، والعالمين الإسلامي والغربي.. يقدم موقع (www.saidagate.com) خدمة إخبارية متنوعة تشمل الأخبار السياسية، والاقتصادية، والاجتماعية، والإسلامية، والمقالات المتنوعة.. تقوم سياسة الموقع على الحيادية، والرأي والرأي الآخر، يستقي الموقع أخباره، من تغطيته للأحداث، ومن وكالات الأنباء العربية والعالمية..

مدونات ذات صلة