جهاد العايش
6 - السبب الديموغرافي: لقد تنادت المؤسسات الرسمية وغيرها في الكيان اليهودي، محذرة مما أسموه «بالقنبلة الديموغرافية»، لقد عجزت المحاولات اليهودية من تغيير البنية السكانية الفلسطينية، وإضعاف تفوقها مقابل المعدل السكاني اليهودي في فلسطين، لقد عمل اليهود وبكل ما ملكوا من قوة علمية وعسكرية في تعظيم الكثافة اليهودية في فلسطين، على حساب الوجود الفلسطيني المسلم على أرضه، ومارسوا لتحقيق هذه الغاية طرقا ووسائل شتى لم تتوقف منذ أن احتلوا فلسطين عام 1948م من طرد، وقتل، وسجن، بل وتسميم لأرحام الفلسطينيات، أملا بإضعاف خصوبتهن، لكن كانت قدرة الله لهم بالمرصاد، لقد أودع الله في المرأة الفلسطينية قدرة إنجابية تفوق نظيرتها اليهودية التي هيئت لها أسباب الراحة، والإمكانيات العظيمة، التي تكفل بل وتشجع على الإنجاب وتكافئ عليه .
ومع كل المحاولات والجهود المبذولة لرفع مستوى خصوبة المرأة اليهودية، فإنها تعتبر قليلة بالمقارنة مع خصوبة المرأة الفلسطينية، فقد نجحت المرأة الفلسطينية بتوفيق من الله وبركاته في ما يسمى «بالمعركة الديموغرافية» داخل فلسطين التاريخية، حيث بلغ معدل خصوبة المرأة الفلسطينية على سبيل المثال لعام 2006م، 6 مواليد لكل امرأة فلسطينية في مقابل مولودين لكل امرأة يهودية.
وتشير الإحصاءات أن الشعب الفلسطيني مجتمع فتي غالبيته من الأطفال، فقد ذكر جهاز الاحصاء المركزي الفلسطيني، بتاريخ 4/ 4/ 2010م، أن عدد الأطفال دون سن 18 عاما بلغ نحو مليون وتسعمائة ألف، وتشكل هذه الفئة حوالي 42% من إجمالي عدد السكان البالغ عددهم 3.9 مليون فرد في منتصف عام 2009م.
وأوضح مسؤولون في دائرة الإحصاء الفلسطينية، أن الاحصاءات الديموغرافية واتجاهاتها في المجتمع الفلسطيني، تبين أن الأطفال سيشكلون الأغلبية في المجتمع لعدة سنوات قادمة، حيث تعتبر خصوبة المرأة الفلسطينية العالية، ومعدلات وفيات الأطفال المتدنية سببا رئيسا لاستمرار تشكيل الأطفال للأغلبية في المجتمع.
وتفيد البيانات أن الأسرة الفلسطينية تتشكل في وقت مبكر، حيث يبلغ متوسط عمر الإناث عند الزواج الأول 19.5عاما، و 24.8 عاما للذكور للعام 2008 م.
أما في المجتمع اليهودي في فلسطين المحتلة، لا يشكل الأطفال فيهم سوى 29%؛ في مقابل ذلك وصلت نسبة كبار السن الذين تصل أعمارهم إلى 65 سنة وما فوق إلى 10% من مجموع اليهود في فلسطين المحتلة.
ولنا أن نعزو ذلك إلى ظاهرة الإجهاض التي تعتبر دولة الكيان اليهودي الأولى فيها على مستوى العالم، ويمكن النظر إلى حجم هذه الظاهرة بين المجتمع اليهودي في فلسطين بين عامي « 1979م - 1986م»، فقد تم تنفيذ «129000» حالة إجهاض معلن عنها!
وعلى صعيد آخر نشرت دائرة الاحصاء المركزية في «هرتسليا» تقريرا خطيرا، أفادت فيه إلى ارتفاع نسبة الطلاق أمام نسبة الزواج بمعدل 60%، خاصة في المغتصبات اليهودية القابعة في الأراضي الفلسطينية المحتلة.
وجاء في صحيفة «هآرتس» بتاريخ 13/2/2002م في دراسة أعدها البروفيسور «سيرجيو فرغولة»، رئيس معهد اليهودية المعاصرة في الجامعة العبرية في القدس أن نسبة اليهود في إسرائيل، ومناطق الضفة الغربية، وقطاع غزة تصل اليوم إلى 53% فقط، وستصل النسبة في العام 2050- كما توقعت الدراسة - إلى 30%.
لقد أسهمت علمانية دولة ما تسمى إسرائيل في انهيار مفهوم الأسرة، ولم يعد لها أي قدسية عند قطاعات كبيرة في المجتمع اليهودي، وفقدت بهذا عماد وقوام لا يقوم أي مجتمع إلا به، ألا وهو الأجيال الواعدة، لقد تجلى واضحا في السنوات الأخيرة في المجتمع اليهودي في فلسطين تحديدا كوارث في كينونة الأسرة اليهودية، تمثلت في تحديد النسل، وتزايد معدلات الطلاق، والعزوف عن الزواج، والاكتفاء بالعشيقات، فضلا عن انخفاض الخصوبة عند المرأة اليهودية التي أصبحت أقل نسبة خصوبة في العالم.
وقد حذر الباحثون والعلماء في الكيان الصهيوني من هذا الوضع، وتوقع بعضهم أن ينخفض عدد اليهود في العالم سنة 2025م إلى خمسة أو ستة ملايين نسمة فقط، وهي كارثة حقيقية تهدد الوجود اليهودي خصوصا إذا ما علمنا أن نقص الخصوبة وخفضها الشديد عند المرأة اليهودية، يقابله زيادة عالية جدا في معدل الخصوبة لدى المرأة الفلسطينية، وهو الأمر الذي يقلق الحكومات الصهيونية المتعاقبة. ودلت معطيات جديدة أن انخفاضا كبيرا حدث على عدد اليهود في العالم خلال ربع القرن الأخير.
وجاء في تقرير صادر عن «معهد تخطيط سياسة الشعب اليهودي»، ومقره القدس المحتلة أنه خلال 27 عاما انخفض عدد اليهود بـ 2.3 مليون نسمة، حيث يبلغ الآن 7.76 مليون فقط كما يزعمون.
وإني لأعجب من هؤلاء اليهود، وفي ظل عدم الزيادة الديموغرافية الطبيعية لهم فضلا عن الديانة اليهودية غير المؤهلة فطريا وعقليا لاستجلاب وكسب الأخرين إليها، أضف إلى ذلك انغلاقها وعدم السماح للغير باعتناقها، إذا كيف سيزيد عددهم وكل موانع الزيادة حاصل!
إننا نؤكد وبكل يقين أن الكارثة التي تسبب بها الصهاينة الأوائل، والتي لم يدركوا أبعادها، وستسبب الوبال والعناء لخلفهم التي ستقع عليهم مسؤولية الحفاظ على دولة ستزول لا محالة قريبا وبإذن الله.
(نقلاً عن مجلة "بيت المقدس للدرسات التوثيقية" العدد 11 لعام 2011 ـ 1432)
ــــــــــــــ
إقرأ أيضاً
الجزء الأول الجزء الثاني الجزء الثالث الجزء الرابع الجزء الخامس