بوابة صيدا
في 26 حزيران / يونيو 1097م الحملة الصليبية الأولى الآتية من أوروبا تدخل الأراضي الآسيوية عبر القسطنطينية وتجبر عاصمة السلاجقة على الإستسلام، وتدخل انطاكيا وبيت المقدس وترتكب المجازر الشنيعة بحق المسلمين فيهما..
الحملة الصليبية الأولى (1096م– 1099م) هي حملة عسكرية شنها الصليبيون تلبية للدعوة التي أطلقها البابا أوربان الثاني سنة 1095م في كليرمونت جنوب فرنسا من أجل تخليص القدس وعموم الأراضي المقدسة من أيدي المسلمين وإرجاعها للسيطرة المسيحية.
وصف البابا في خطاب له ما يلقاه الحجاج المسيحيون أثناء سفرهم من العذاب والمتاعب، ودعا إلى الحروب الصليبية، ونادى الأمراء بترك الخلافات القائمة، وقدم لهم الصليب، ثم قال: فلينطلق المسيحيون بالغرب لنجدة الشرق... ومن يلق مصرعه في المعركة تحلل من ذنوبه وغفر الله له أخطاءه... فلا ينبغي التمهل والإرجاء، فليستعدوا للمسير عند حلول الصيف، وليكن الله هاديهم .
شارك في الحملة عدد من القادة الأوروبين، وانقسمت الجيوش في الحملة الصليبية الأولى إلى قسمين:
أ - حملة الشعوب: ويقودها بطرس الناسك، وكانت مؤلفة من الفلاحين وأهل المدن وصغار النبلاء وبعض قطاع الطرق والمجرمين، ولم تكن تنظمهم رابطة ما إلا أن تكون رابطة الحماس لغزو الشرق الإسلامي والاستيلاء على الأراضي التي تفيض عسلاً ولبناً والاستيلاء على قبر المسيح.
ب - حملة الأمراء والإمبراطور البيزنطي: وهي أكثر نظاماً وأدق إحكاماً فقد سبقها جمع الأموال وتجهيز الأدوات والآلات وإعداد الجيوش، وشارك فيها أبناء ملوك أوروبا والأمراء من فرنسا وإيطاليا وإنجلترا واسكتلنده وغيرها، وقد أمرهم البابا أن يجتمعوا خارج أسوار القسطنطينية.
وكان هدف الجيوش كلها هو الاستيلاء على نيقية عاصمة السلاجقة، واختارت أن تهاجم المدينة في غيبة سلطانها قلج أرسلان الأول، وحوصرت نيقية، وبعد معارك عنيفة استسلمت المدينة وكان معظم سكانها من المسيحيين.
توالت الإمدادات على الصليبيين من أوروبا وهم في طريقهم إلى الشام، فاحتلوا فريجيا وضـورليوم وهرقلة، وقيليقية وقيصرية، وبلاكنتيا ومرعش وأقاموا بها أياماً، وأما الإمبراطور البيزنطي فاستغل الفرصة وهاجم أزمير وإفسوس وليديا وغرب فريجيا واستولى بذلك على الجزء الغربي من الأناضول، بسبب انقطاع هذه المدن عن دولة السلاجقة، وكان استيلاء البيزنطيين على الأناضول من أبرز نتائج الحملة الصليبية الأولى...
ثم سقطت أنطاكية بعد حصار دام سبعة أشهر، وقتلوا من أهلها أكثر من عشرة آلاف مسلم، ومثلوا بالقتلى وبالناس وفعلوا أبشع الجرائم، وولوا عليها أحدهم " بوهيمند الإيطالي "، وقد استقبل النصارى من أهلها والأرمن الصليبيين بكل ترحاب.
ثم اتجهوا بعدها نحو بيت المقدس، فسار لقتالهم كربوقا صاحب الموصل، وصـاحب دمشق دقاق، وصاحب حمص جناح الدولة، غير أن الصليبيين قد انتصروا عليهم، ودخلوا معرة النعمان، ووصلوا إلى بيت المقدس ودخلوها عام 492 هـ (1099) بعد حصار دام واحداً وأربعين يوماً ولما لم يصل حامية القدس المدد من مصر حيث الدولة العبيدية استطاع الصليبيون اقتحام المدينة، ولم يكن أمام الجنود إلا الاحتماء بالمسجـد، بعد أن قاوموهم ما استطاعوا، وقد تبعهم الصليبيون داخل المسجد وذبحوهم بوحشية بالغة، ونهبوا قبة الصخرة، وقتلوا من أهلها أكثر من سبعين ألفاً، وانتخب "جودفري الفرنسي" ملكاً على بيت المقدس، وأخذ لقب حامي قبر المسيح.
وكان العبيديون ـ الدولة الفاطمية ـ قد استغلوا تقدم الصليبيين من الشمال، فتقدموا هم من الجنوب ودخلوا بيت المقدس وطردوا السلاجقة منها قبل وصول الصليبيين إليها، وجرت مفاوضات بين الأفضل الجمالي الوزير العبيدي وبين الصليبيين على أن يكون شمال بلاد الشام للصليبيين وجنوبها للعبيديين، ثم نقض الصليبيون العهد عندما شعروا بالنصر.
فقدت هذه الحملة أكثر مقاتليها فقد جاءت بثلاثمائة ألف مقاتل، ودخلت إلى القدس بأربعين ألف مقاتل فقط.
وبسيطرة الصليبيين على بيت المقدس ارتفعت معنويات سكان الإمارات الإيطالية فبدأت سفنهم تجوب أطراف البحر المتوسط وتقدم المساعدات والدعم للصليبيين، فاستطاعوا أن يأخذوا حيفا وقيسارية عام 1101م (494هـ) وأخذوا عكا عام 1104 (497هـ) وأخذوا طرابلس عام 1110م (503هـ) بعد حصار سنتين، كما أخذوا جبلة في العام نفسه، ثم أخذوا صيدا عام 1111م (504هـ) وطلب المسلمون هدنة فرفض ذلك الصليبيون ثم وافقوا مقابل مبالغ مالية كبيرة يدفعها لهم المسلمون في صيدا، وبعد أن استلموا الأموال غدروا بالمسلمين، وحاصر الصليبيون مدينة صور سنة 1112م (505 هـ) وكانت بيد العبيديين فأمدهم بالمؤن والمساعدات طغتكين صاحب دمشق فامتنعت صور عن الصليبيين.
أما من جهة الداخل فقد جاء الصليبيون من جهة الجنوب فالتقى بهم صاحب دمشق أمين الدولة وهزمهم ولاحق فلولهم الذين وصل بعضهم إلى ملاطية، وقد استطاع أن يدخلها وأن يتملكها وذلك عام 1100م (493هـ).
وهاجم الصليبيون دمشق من جهة الشمال عام 1104م (497هـ) ولكنهم هزموا، وأسر أمير الرها الصليبي غير أنهم استطاعوا في العام نفسه أن يدخلوا حصن أفاميا.
لقد استقبل سكان البلاد من النصارى والأرمن الصليبيين استقبالاً حاراً ورحبوا بهم ترحيباً كبيراً، وقد ظهر هذا في أثناء دخولهم أنطاكية وبيت المقدس، كما قد دعموهم في أثناء وجودهم في البلاد وقدموا لهم كل المساعدات، وقاتلوا المسلمين، وكانوا عيوناً عليهم للصليبيين.
وتشكلت أربع إمارات صليبية في بلاد الشام وهي: إمارة في الرها، إمارة في طرابلس، إمارة بيت المقدس، إمارة أنطاكية.
(المصدر: بوابة صيدا ـ مواقع التواصل الاجتماعي)
ــــــــــــ
إقرأ أيضاً
عيسى العوام مثال فريد في أداء الأمانة