سئل شيخ الإسلام أحمد بن تبمية رحمه الله هَلْ الْأَفْضَلُ الْمُجَاوَرَةُ بِمَكَّةَ؟ أَوْ بِمَسْجِدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ أَوْ الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى؟ أَوْ بِثَغْرِ مِنْ الثُّغُورِ لِأَجْلِ الْغَزْوِ ؟
فَأَجَابَ: الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ. الْمُرَابَطَةُ بِالثُّغُورِ أَفْضَلُ مِنْ الْمُجَاوَرَةِ فِي الْمَسَاجِدِ الثَّلَاثَةِ كَمَا نَصَّ عَلَى ذَلِكَ أَئِمَّةُ الْإِسْلَامِ عَامَّةً؛ بَلْ قَدْ اخْتَلَفُوا فِي الْمُجَاوَرَةِ: فَكَرِهَهَا أَبُو حَنِيفَةَ وَاسْتَحَبَّهَا مَالِكٌ وَأَحْمَد وَغَيْرُهُمَا؛ وَلَكِنَّ الْمُرَابَطَةَ عِنْدَهُمْ أَفْضَلُ مِنْ الْمُجَاوَرَةِ وَهَذَا مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ بَيْن السَّلَف حَتَّى قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ "لَأَنْ أُرَابِطَ لَيْلَةً فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَحَبُّ إلَيَّ مِنْ أَنْ أَقُومَ لَيْلَةَ الْقَدْرِ عِنْدَ الْحَجَرِ الْأَسْوَدِ" .
وَذَلِكَ أَنَّ الرِّبَاطَ مِنْ جِنْسِ الْجِهَادِ وَجِنْسُ الْجِهَادِ مُقَدَّمٌ عَلَى جِنْسِ الْحَجِّ كَمَا فِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قِيلَ لَهُ أَيُّ الْعَمَلِ أَفْضَلُ ؟
قَالَ : الْإِيمَانُ بِاَللَّهِ وَرَسُولِهِ
قِيلَ : ثُمَّ مَاذَا ؟
قَالَ : جِهَادٌ فِي سَبِيلِ اللَّهِ .
قِيلَ : ثُمَّ مَاذَا ؟ قَالَ حَجٌّ مَبْرُورٌ
وَقَدْ قَالَ تَعَالَى: {أَجَعَلْتُمْ سِقَايَةَ الْحَاجِّ وَعِمَارَةَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ كَمَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَجَاهَدَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ لَا يَسْتَوُونَ عِنْدَ اللَّهِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ * الَّذِينَ آمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ أَعْظَمُ دَرَجَةً عِنْدَ اللَّهِ} إلَى قَوْلِهِ: {إنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ} .
وَأَمَّا قَوْلُهُ : { مَنْ زَارَ قَبْرِي وَجَبَتْ لَهُ شَفَاعَتِي } فَهَذَا الْحَدِيثُ رَوَاهُ الدارقطني فِيمَا قِيلَ بِإِسْنَادِ ضَعِيفٍ وَلِهَذَا ذَكَرَهُ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ الْمَوْضُوعَاتِ وَلَمْ يَرْوِهِ أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ الْكُتُبِ الْمُعْتَمَدِ عَلَيْهَا مَنْ كُتُبِ الصِّحَاحِ وَالسُّنَنِ وَالْمَسَانِيدِ . وَأَمَّا الْحَدِيثُ الْآخَرُ قَوْلُهُ : { مَنْ حَجَّ الْبَيْتَ وَلَمْ يَزُرْنِي فَقَدْ جَفَانِي } فَهَذَا لَمْ يَرْوِهِ أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ بِالْحَدِيثِ ؛ بَلْ هُوَ مَوْضُوعٌ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَعْنَاهُ مُخَالِفٌ لِلْإِجْمَاعِ ؛ فَإِنَّ جَفَاءَ الرَّسُولِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ الْكَبَائِرِ ؛ بَلْ هُوَ كُفْرٌ وَنِفَاقٌ ؛ بَلْ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ أَحَبَّ إلَيْنَا مِنْ أَهْلِينَا وَأَمْوَالِنَا كَمَا قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { وَاَلَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَا يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى أَكُونَ أَحَبَّ إلَيْهِ مِنْ وَالِدِهِ وَوَلَدِهِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ } .
(مجموع الفتاوى 27 / 24 ـ 25)
بوابة صيدا موقع إخباري متنوع ينطلق من مدينة صيدا ـ جنوب لبنان، ليغطي مساحة الوطن، والأمة العربية، والعالمين الإسلامي والغربي.. يقدم موقع (www.saidagate.com) خدمة إخبارية متنوعة تشمل الأخبار السياسية، والاقتصادية، والاجتماعية، والإسلامية، والمقالات المتنوعة.. تقوم سياسة الموقع على الحيادية، والرأي والرأي الآخر، يستقي الموقع أخباره، من تغطيته للأحداث، ومن وكالات الأنباء العربية والعالمية..