• لبنان
  • الأحد, أيلول 14, 2025
  • اخر تحديث الساعة : 5:59:20 م
inner-page-banner
المجتمع

مفارقة التوظيف: لماذا تبقى الشركات بلا موظفين والباحثون بلا وظائف؟

م. محمود بصراوي ـ بوابة صيدا

سوق العمل في منطقتنا يمرّ بظاهرة غريبة:

الشركات تقول: "نعلن عن وظائف كثيرة، لكن لا نجد الشخص المناسب".

الباحثون عن عمل يصرّحون: "نبحث عن وظائف، لكن لا نجد فرصة واحدة تناسبنا".

المعادلة تبدو وكأنها مغلقة من كل الجهات، مع أن المنطق يقول: ما دام هناك وظائف وهناك مرشحين، فلا بد أن يحدث التلاقي. لكن الواقع مختلف، وهنا تكمن المشكلة.

أولاً: إعلانات وظيفية غير واقعية

في كثير من الأحيان، تتحوّل إعلانات الشركات إلى قائمة أمنيات طويلة:

سنوات خبرة تتجاوز الحاجة الفعلية.

شهادات متخصصة حتى لو لم تكن ضرورية.

مهارات متعددة قد لا يجمعها شخص واحد أصلًا.

والنتيجة؟ الإعلان يستبعد تلقائيًا عددًا كبيرًا من المرشحين المؤهلين، في حين أن الوظيفة على أرض الواقع لا تتطلب نصف هذه الاشتراطات.

ثانيًا: تكرار السير الذاتية بلا جدوى

على الجانب الآخر، لا يتحمل الباحثون عن عمل كامل البراءة.

الكثير يرسل نفس السيرة الذاتية إلى عشرات الوظائف المختلفة دون تعديل أو تخصيص.

وهنا تضيع فرص كثيرة، لأن الشركة لا ترى في الطلب ما يثبت أن المرشح يفهم متطلباتها أو يملك ما تحتاجه فعلًا.

السيرة الذاتية ليست مجرد ورقة، بل رسالة تسويقية، وكل رسالة يجب أن تُصاغ بلغة المستقبِل.

ثالثًا: ضعف التواصل والمتابعة

من المشكلات المتكررة أن بعض الشركات لا ترد أصلًا على المتقدمين، أو تكتفي برد آلي.

في المقابل، هناك مرشحين لا يهتمون بمتابعة طلباتهم أو تحديث ملفاتهم المهنية عبر المنصات.

وهكذا يبقى الطرفان في دائرة مغلقة: شركات صامتة ومرشحين ينتظرون.

ما الذي يجب تغييره؟

على الشركات:

صياغة إعلانات واقعية تعكس ما تحتاجه الوظيفة فعلًا.

الاهتمام بالشفافية في التواصل مع المتقدمين.

إعطاء الفرصة للموهبة المحتملة، لا فقط للخبرة المكتوبة على الورق.

على الباحثين عن عمل:

تطوير المهارات بشكل مستمر، خصوصًا المهارات الرقمية واللغوية.

تخصيص السيرة الذاتية ورسالة التقديم لكل وظيفة.

التعامل مع التقديم للوظائف بجدية واحترافية، بدل الاعتماد على إرسال جماعي غير مدروس.

الخلاصة

سوق العمل ليس ساحة صراع بين طرفين متناقضين، بل شبكة مصالح مشتركة. إذا تعطّل طرف، يتعطّل الآخر.

الشركات الخاسرة حين تبالغ في شروطها ولا تجد من يوظّف.

والباحثون عن عمل الخاسرون حين لا يطوّرون أنفسهم ولا يقدّمون أنفسهم بالشكل الصحيح.

إن إصلاح هذه المعادلة يتطلّب جسرًا من الواقعية والتطوير:

واقعية من الشركات في متطلباتها وتوقعاتها.

وتطوير مستمر من الباحثين في مهاراتهم وطريقة تقديم أنفسهم.

بهذا فقط يمكن أن تتحول "المفارقة" إلى "فرص"، وتتحول الشكوى إلى قصص نجاح حقيقية. 

بوابة صيدا

الكاتب

بوابة صيدا موقع إخباري متنوع ينطلق من مدينة صيدا ـ جنوب لبنان، ليغطي مساحة الوطن، والأمة العربية، والعالمين الإسلامي والغربي.. يقدم موقع (www.saidagate.com) خدمة إخبارية متنوعة تشمل الأخبار السياسية، والاقتصادية، والاجتماعية، والإسلامية، والمقالات المتنوعة.. تقوم سياسة الموقع على الحيادية، والرأي والرأي الآخر، يستقي الموقع أخباره، من تغطيته للأحداث، ومن وكالات الأنباء العربية والعالمية..

مدونات ذات صلة