• لبنان
  • الاثنين, تموز 21, 2025
  • اخر تحديث الساعة : 12:29:48 م
inner-page-banner
مقالات

ماذا عن مشروع الكيان الإسرائيلي التفكيكي في سوريا ولبنان؟

د. صريح صالح القاز

لا شك أن الكيان الإسرائيلي منذ نشأته يستند إلى استراتيجية تقوم على تفكيك المحيط العربي إلى كيانات طائفية وعرقية وظيفية لضمان أمنه وتفوقه الجيوسياسي.

وقد مثل ملف الأقليات أحد مرتكزات هذه الاستراتيجية، من خلال التوظيف السياسي، والتجنيد الأمني، والتحريض على الانفصال.

وإن كانت هذه الاستراتيجية قديمة ومتجددة، فإننا نروم في هذا المقال الكشف عن أبرز مستجداتها في سوريا ولبنان، في ضوء الأزمة القائمة جنوب سوريا، لا سيما بين الطائفة الدرزية والحكومة الانتقالية في دمشق، وهي أزمة تدخل فيها الكيان الإسرائيلي بشكل غير مباشر ومتزايد وغير مشروع.

أولًا – التأسيس الأمني للمشروع الدرزي

حيث تدل الشواهد على أن الكيان الإسرائيلي يولي مسألة الطائفة الدرزية في جنوب سوريا أهمية استثنائية، ويؤكد ذلك ما جرى في مفاوضات شيبردزتاون 1999–2000، التي لم يكتب لها النجاح حيث عرض الكيان الإسرائيلي انسحابًا جزئيًا من الجولان مقابل ترتيبات أمنية، منها:

1. إبقاء مواقع الإنذار المبكر الإسرائيلية، خاصة في جبل الشيخ.

2. نزع السلاح السوري من بعض مناطق الجولان وتحديد حجم القوات السورية.

3. إنشاء مناطق عازلة بين الطرفين بإشراف قوات دولية.

4. منع عودة القوات السورية إلى حدود 1967، مع انسحاب تدريجي للقوات الإسرائيلية بما يترك منطقة عازلة بيد الكيان الإسرائيلي.

ثانيًا – الجولان والاستثمار الإسرائيلي في البنية الدرزية جنوب سوريا

1. اعتراف ترامب بسيادة الكيان الإسرائيلي على الجولان عام 2019 شكل غطاء سياسيًا وعسكريًا مكّن الكيان من توسيع التنسيق مع مجموعات درزية وتسليحها مثل:

- فوج الجبل

- مغاوير الثورة

ووفق قاعدة "لا سلاح إلا بيد من لا يعادي إسرائيل".

2. الكيان الإسرائيلي يسعى إلى إنشاء منطقة حكم ذاتي درزي في السويداء، ككيان معزول أمنيًا عن دمشق، ومنزوع السلاح الثقيل وأي قوة عسكرية تابعة لدمشق بما يبقيه خارج سيطرة الدولة السورية.

3. دعم الكيان الإسرائيلي طبيًا وعسكريًا لبعض الفصائل الدرزية في أحداث  2014 العسكرية وفي إطار الأحداث العسكرية- الأمنية الراهنة  في السويداء جدد تأكيده أنه سوف يقدم مساعدات طبية للطائفة الدرزية كما أعلن أيضا أن هناك نحو ألف جندي درزي في جيشه، مستعدين للقتال إلى جانب دروز سوريا.

4. تبرير القصف الجوي الإسرائيلي على السويداء ومقرات عسكرية سورية بحجة "حماية الدروز".

ثالثًا – دعم تحقق الجسر الدرزي الجغرافي الممتد إلى لبنان

1. تمتد سلسلة الجبال من السويداء إلى جبل الشيخ، فإقليم الخروب، فالبقاع، وصولًا إلى جبل لبنان، بما يتيح ممرًا بريًا من الكيان إسرائيلي إلى الساحل اللبناني.

2. يعمل الكيان الإسرائيلي على اختراق البيئة الدرزية اللبنانية وربطها بالمشروع عبر شخصيات دينية وسياسية لتسهيل خلق ممر درزي آمن ومحايد.

رابعًا – استغلال الدعم الأميركي و"قسد"

1. قاعدة التنف على مثلث سوريا – العراق – الأردن تُستخدم لعزل دمشق عن طهران، وتخدم المصالح الإسرائيلية جنوب سوريا.

2. العلاقة الإسرائيلية مع "قسد" تعكس دعما لمشروع كنتنة جغرافية، يتضمن انفصالًا كرديًا في الشرق بما يقوض النفوذين الإيراني والتركي في سوريا ويربط عسكريًا وأمنيًا الشرق السوري الكردي مع الجنوب الدرزي، بما يحول سوريا إلى كيانات منفصلة ضعيفة لاتقوى على مجابهة الكيان.

خامسًا – تفكيك لبنان وربط بعض مناطقه بسوريا الجديدة

فالمشروع الإسرائيلي يهدف إلى:

1. فصل طرابلس وعكار عن بيروت وربطهما بسوريا إداريًا أو على أساس ديني.

2. تحويل سهل البقاع إلى منطقة عازلة ومنزوعة السلاح لتفصل الجنوب اللبناني عن العمق اللبناني الاستراتيجي،  بما يعيق إمداد حزب الله ونفوذه وتحركاته.

هذه الخطط ليست جديدة، بل طُرحت سابقًا أميركيًا وإسرائيليًا، وتتكرر اليوم في تصريحات المبعوث الأميركي "باراك" الذي هدد باجتياح سوريا للبنان إن لم تستجب لبنان سريعًا للمبادرة الأميركية.

يمكن القول: إن ما يجري من تكتل طائفي وأمني جنوب سوريا وشمال لبنان ليس معزولًا عن المشروع التفكيكي الإسرائيلي، الذي يهدف إلى تحويل المشرق العربي إلى كانتونات طائفية ضعيفة، يكون فيها الكانتون الدرزي رأس جسر للنفوذ الإسرائيلي. إلا أن مصير هذا المشروع مرهون بوعي الشعوب وتمسكها بوحدتها، إضافة إلى موقف عربي وإسلامي قادر على تفعيل أوراقه.

بوابة صيدا

الكاتب

بوابة صيدا موقع إخباري متنوع ينطلق من مدينة صيدا ـ جنوب لبنان، ليغطي مساحة الوطن، والأمة العربية، والعالمين الإسلامي والغربي.. يقدم موقع (www.saidagate.com) خدمة إخبارية متنوعة تشمل الأخبار السياسية، والاقتصادية، والاجتماعية، والإسلامية، والمقالات المتنوعة.. تقوم سياسة الموقع على الحيادية، والرأي والرأي الآخر، يستقي الموقع أخباره، من تغطيته للأحداث، ومن وكالات الأنباء العربية والعالمية..

مدونات ذات صلة