• لبنان
  • الخميس, حزيران 19, 2025
  • اخر تحديث الساعة : 1:36:17 ص
inner-page-banner
مقالات

مصائد الموت في غزة.. طوابير الجوع... طوابير الشهادة..

بديعة النعيمي ـ بوابة صيدا

في الوقت الذي تتركز فيه أنظار العالم نحو الحرب بين إيران ودولة الاحتلال،  يستمر الوضع الإنساني في غزة بالتدهور والذهاب نحو كارثة حقيقية لم يحصل مثلها في تاريخ البشرية.

 فخلال الأيام الماضية، وثقت منظمات حقوقية ووسائل إعلام دولية سلسلة من الهجمات الصهيونية الغادرة استهدفت المجوّعين الذين كانوا ينتظرون الحصول على مساعدات غذائية عند مراكز توزيع أقيمت تحت إشراف ما تسمى ب "مؤسسة غزة الإنسانية"، وهي مبادرة مدعومة بشكل مباشر من الولايات المتحدة ودولة الاحتلال، حتى باتت مشاهد الدماء والأشلاء جزءا يوميا من محاولة النجاة من الجوع.

في خان يونس، يوم ١٧/يونيو/٢٠٢٥، فتحت عصابات ما تسمى بالقوات الصهيونية النار على  المنتظرين من مناطق غزة على الطريق المؤدية إلى إحدى الشاحنات المخصصة لتوزيع المواد الغذائية. ووفقا لما أعلنته وزارة الصحة في غزة، فقد استشهد ٥١ وجُرح أكثر من ٢٠٠ من المدنيين، بينما أعلنت دولة الاحتلال فتح تحقيق في الواقعة، مكتفية بالإشارة إلى وقوع ما سمته "حادث مؤسف".

 بعدها بساعات، أفادت تقارير وكالة رويترز أن دبابة إسرائيلية أطلقت قذائفها باتجاه تجمهر آخر، أدى إلى استشهاد ٥٩ مدنيًا وإصابة ٢٢١.

ما حدث في ١٧/يونيو كان قد حدث أيضا في اليوم السابق له، حين شهدت رفح انفجارا بالقرب من نقطة توزيع أخرى استشهد عندها أيضا عشرات ممن كانوا يأملون العودة بحفنة طحين تقي من هم خلفهم من أطفال وعجزة وحش الجوع.

وقد وصفت منظمة المركز الأورومتوسطي لحقوق الإنسان هذه المناطق بأنها تحولت إلى "مصائد للموت"، محملة بذلك الجهات المشغّلة للمراكز، بما فيها المؤسسة الأمريكية، مسؤولية خلق بيئة تؤدي إلى التجمهر القسري للمدنيين في مناطق مكشوفة ومعروفة لجيش الاحتلال، ما يجعل استهدافهم سهلا أمام قناصيهم وفوهات مدافع دباباتهم.

ومن المعروف بأن طالبي المساعدات غالبا ما يصلون إلى هذه المراكز قبل الفجر، يدفعهم جوع أطفالهم وعائلاتهم برغم علمهم  بما ينتظرهم من إطلاق نار أو قذائف دبابات وموت. في الوقت الذي تدعي فيه دولة الاحتلال أن قواتها تطلق "نيرانًا تحذيرية"، بينما هذه النيران هي موجهة مباشرة صوب مدنيين غير مسلحين عن قصد في انتهاك  لقوانين النزاع المسلح. غير أن هذه القوانين لا تلاحق جرائم الدولة الظالمة. وقد قلتها مرارا وتكرارا، فكل القوانين تتواطأ مع دولة الشتات منذ قيامها وإلى يومنا هذا.

وقد تجاوز عدد الشهداء من منتظري المساعدات منذ بدءها نتيجة نيران الاحتلال المئات،  فضلًا عن آلاف الجرحى، وسط شحّ شديد في الموارد الطبية بسبب الحصار. وسط تعبير أجوف لما تسمى ب "المفوضية السامية لحقوق الإنسان" عن "قلقها البالغ" إزاء ما تقوم به دولة الاحتلال بمساعدة الولايات المتحدة الأمريكية في "مصائد الموت".

ومن هنا فالعمل الذي كان يفترض أنه  إغاثي تحول بفضل التواطؤ الدولي إلى مهمة شبه عسكرية تنتهي باستدراج المجوعين المحاصرين المنكوبين إلى نقاط موت متعمد.

 وبفضل هذا التواطؤ، يتواصل استهداف الجائعين في طوابير الخبز، لكن دماءهم ستظل شاهدة، تفضح الكذب، وتلعن الصمت، وتكتب للتاريخ الحقيقة.

ووجع أهل غزة لن يمحى من الذاكرة، ولن تُغسل جريمة الاحتلال وداعميهم من عرب وغرب بتقارير "القلق" الدولية.

فمن يموت واقفا في وجه الجوع والخذلان، لا يموت، بل يخلد في الوجدان.

فسلام على من استُشهدوا وهم يحاولون أن يطعموا من خلفهم. 

بوابة صيدا

الكاتب

بوابة صيدا موقع إخباري متنوع ينطلق من مدينة صيدا ـ جنوب لبنان، ليغطي مساحة الوطن، والأمة العربية، والعالمين الإسلامي والغربي.. يقدم موقع (www.saidagate.com) خدمة إخبارية متنوعة تشمل الأخبار السياسية، والاقتصادية، والاجتماعية، والإسلامية، والمقالات المتنوعة.. تقوم سياسة الموقع على الحيادية، والرأي والرأي الآخر، يستقي الموقع أخباره، من تغطيته للأحداث، ومن وكالات الأنباء العربية والعالمية..

مدونات ذات صلة