بديعة النعيمي ـ بوابة صيدا
نشر الدكتور منير البرش مدير عام الصحة في غزة، تغريدة على حسابه في منصة إكس بتاريخ 3 يونيو 2025 يقول فيها "الإحتلال "الإسرائيلي" لا ينام عن المخططات ضد شعبنا..دمر المستشفيات وأخرج جميع المراكز الصحية عن الخدمة.. ثلاث مصانع أدوية كنا نفتخر بها في غزة تم تدميرها بالكامل..يتعمد خلق الفوضى والتجويع لتفكيك العقد الاجتماعي وضرب الكرامة..حاصرنا في مستشفى الشفاء 14 يوما ثم ألقى الطعام وطلب من الناس الجوعى التهافت عليه، صورهم وقال "أنتم لا تستحقون الحياة".. هو لا يريد فقط احتلال الأرض، بل احتلال العقول..لكنه سيفشل.. والله سيفشل الاحتلال في كل مخططاته..هذا الشعب فقد أبناءه ولم يرفع الراية البيضاء..إحنا بنعرف نبني، هو بس بعرف يهدم*.
من المعروف أن المشروع الصهيوني منذ نشأته لم ينفصل عن الأيديولوجية الاستعمارية الإحلالية التي تنفي وجود الآخر ليس فقط سياسيا، بل تتعداه إلى النفي الإنساني والثقافي والأخلاقي، وبالتالي فإن هذا الاحتلال بعد قيام دولته المزعومة، لم يتعامل مع الفلسطيني إلا كعقبة تاريخية يجب إزالتها من أمام مخططاته.
هذه الأيديولوجية ملازمة لمنظومة دولة الاحتلال بالكامل، وتدار بوعي عميق بحيث جعلت من إذلال الفلسطيني منهجا، ومن التجويع سياسة. تضيّق عليه سبل الحياة أينما توجه ولا تترك له متنفسا واحدا، فقط لتقنعه بأن "لا حياة لكم في دولتنا"، فاخرجوا إلى أي مكان آخر".
وقد صرحت قائدة في حركة الاستيطان بذلك ونفثت سمها قائلة "لا مكان للفلسطينيين في الشرق الأوسط، بعضهم قدم من مصر، فليعودوا إليها، بعضهم سيذهب إلى تركيا، وبعضهم إلى أمريكا الشمالية والجنوبية أو إلى اندونيسيا، لكن لا مكان لهم هنا، لقد ثبت أن بقاءهم في الشرق الأوسط ضرب من المستحيل".
تلك الأيديولوجية الخبيثة تتجلى بوضوح في التغريدة التي ذكرتها في مقدمة المقال للدكتور منير البرش. فالمستشفيات تخرج عن الخدمة، ومصانع الأدوية تُدمر عن قصد، ثم تحاصر المستشفى لأيام، ثم يُلقى بالطعام للجوعى مع عبارة..
"أنتم لا تستحقون الحياة"، عبارة تكشف عن الحملة العنصرية لعقيدة الصهاينة التي تمارس السحق النفسي للآخر، والتي لا ترى بهذا الآخر إلا "حيوان بشري لا يستحق الحياة".
منذ 1948 مرورا بعام 67 وانتهاء بالحرب على غزة 2023، ودولة الاحتلال تعتمد على تقويض البنية المجتمعية الفلسطينية، من هدم للبيوت، للمدارس، للمستشفيات، بالإضافة إلى استهداف الصحفيين الأطباء كوادر الدفاع المدني وغيرها من الاستهدافات، كل هذا بهدف كسر المجتمع الفلسطيني من الداخل بتفكيك نسيجه وتحويله إلى مجموعات متناحرة.
يقول الدكتور منير البرش الاحتلال لا يكتفي باحتلال الأرض، بل يسعى لاختراق الوعي بهدف إعادة تعريف معنى الكرامة للفلسطينيين، حتى يصبح القبول بالمهانة هو الحد الأعلى الممكن، وهنا تتقاطع السياسية مع الأيديولوجيا، فكل حصار هو إعلان أن الحياة لن تكون إلا تحت شروط الاحتلال وحده.
ولكن الاحتلال سيفشل كما يقول الدكتور البرش، الفلسطيني هو الذي سيُفشل تلك السياسة، فهو لم ولن يرفع الراية البيضاء برغم فقد الأبناء، برغم الجوع والقهر والحصار، هذا الشعب يعرف عدوه جيدا ويدرك أن بقاءه مقاومة، وأن الحياة تنتزع ولا تمنح..
"إحنا بنعرف نبني، هو بعرف بس يهدم".
هذه العبارة التي اختتم بها الدكتور تغريدته تلخص ما يجهله العدو وهو أن الروح لا تُهزم بالسلاح وأن عزيمتها تشتد كلما ضيق عليها المساحات....
بوابة صيدا موقع إخباري متنوع ينطلق من مدينة صيدا ـ جنوب لبنان، ليغطي مساحة الوطن، والأمة العربية، والعالمين الإسلامي والغربي.. يقدم موقع (www.saidagate.com) خدمة إخبارية متنوعة تشمل الأخبار السياسية، والاقتصادية، والاجتماعية، والإسلامية، والمقالات المتنوعة.. تقوم سياسة الموقع على الحيادية، والرأي والرأي الآخر، يستقي الموقع أخباره، من تغطيته للأحداث، ومن وكالات الأنباء العربية والعالمية..