د. صريح صالح القاز ـ بوابة صيدا
في عام 2017، كان الوفد حكوميًا وعائليًا، بينما في زيارته الراهنة كان الوفد تقنيًا اقتصاديًا، بدليل استبدال الملياردير إيلون ماسك تحديدا بالحسناء إيفانكا ترامب.
هذا التغيير يعكس تحوّلًا في أولويات السعودية، من مجرد الاعتماد على التحالفات التقليدية إلى محاولة تعزيز التعاون في المجالات الاقتصادية والتكنولوجية المتطورة.
في عام 2017، كانت صفقة زيارة ترامب حوالي 460 مليار دولار، لكن في الزيارة الراهنة قد تصل الصفقة إلى حوالي 2 تريليون ونصف التريليون دولار.
في عام 2017، كان ولي العهد السعودي يبحث عن تثبيت وجوده السياسي ومجابهة التحديات الداخلية والخارجية التي كانت ماثلة أمامه، وكان مشغولًا بدعم رؤيته الاقتصادية 2030، وكانت المعادلة وكأنها تقوم على صيغة "المال مقابل الحماية".
لكن اليوم، يبدو أن المخاوف والمهددات التي كانت تستشعرها الرياض قد تراجعت نوعًا ما، مما سمح لها بأن تتمتع بشيء من الاستقلالية، ومعادلة جديدة تقوم على صيغة المصالح المتبادلة، في ضوء التحولات السياسية والاقتصادية والعسكرية في المنطقة والعالم، وضمن سعي الرياض إلى تقليل اعتمادها على الخارج وتركيزها على تحقيق النمو الداخلي.
في عام 2017، كانت أمريكا أكثر إملاءً، والرياض على سبيل المثال كانت أكثر استماعًا، بينما اليوم أصبحت الرياض تمتلك، إلى حد ما، مساحة للمساومة والتفاوض.
ومع تطور المواقف الدولية وتعدد اللاعبين العالميين، باتت الرياض تتجه نحو تنويع تحالفاتها، في مسعى منها لتكون لاعبًا إقليميًا فاعلًا. وما كانت تقوم به السعودية من صناعة الولاء في عام 2017 مع واشنطن، باتت تطمح اليوم نحو بناء نوع من الولاء المتوازن معها.
في عام 2017، كانت طهران الشاغل الرئيس للرياض كخطر أمني، وكانت لها أولوية في النقاش بين الرياض وواشنطن، لكن اليوم بات الأمر أقل حدة بعد التقارب الدبلوماسي الذي طرأ على العلاقة بين طهران والرياض بوساطة صينية.
في عام 2017، كان هناك تفعيل للتطبيع غير الرسمي مع تل أبيب ضمن صفقة القرن الشهيرة، إذ لم يكن الملف الفلسطيني حاضرًا بقوة.
لكن اليوم، أصبح الملف الفلسطيني حاضرًا بشكل أكبر، ولم تعد السعودية تقبل القيام بالتطبيع الرسمي دون مقابل.
فقد بدأت تستخدم القضية الفلسطينية والوضع الكارثي في قطاع غزة منذ اندلاع طوفان الأقصى، والموقف العربي والدولي المتعاطف معها، وكل المعطيات الجيوسياسية في المنطقة، كورقة للمراوغة والتذرع مع أمريكا بشأن علاقتها معها، وبشأن مسألة تطبيعها الرسمي مع إسرائيل.
في عام 2017، كانت إسرائيل في أوج علاقتها المتينة مع أمريكا، وكانت تل أبيب محط زيارة ترامب الثانية بعد الرياض عبر الأجواء السعودية لأول مرة.
لكن اليوم، لا توجد زيارة ترامبية لإسرائيل في جو يشي بشيء من التوتر، حيث بدأت الرياض تُظهر تحفظًا تجاه تعزيز تطبيع علاقتها مع إسرائيل، دون حصولها على أي جديد لمصلحة القضية الفلسطينية، كحل الدولتين، في الوقت الذي تتزايد فيه الضغوط المختلفة على حكومة نتنياهو.
في عام 2017، كانت هناك توترات. خليجية شديدة أفضت إلى محاصرة قطر عمليًا، بينما اليوم لم يعد الحال كذلك، بل هناك تنافس شديد بطرق ووسائل أخرى.
في عام 2017، كانت هناك قمة خليجية أمريكية بالرياض، لكن اليوم يبدو أن هناك قممًا أمريكية خليجية ستُعقد بصورة انفرادية في الرياض وأبو ظبي والدوحة.
أي أن هناك نزوعًا لدى بعض دول مجلس التعاون الخليجي نحو المزيد من الاستقلالية وإظهار الذات، والخروج عن النمط التقليدي الذي كان يعطي الرياض الأولوية والاستثنائية عن بقية دول المجلس.
في عام 2017، جاءت زيارة ترامب للرياض وأمريكا في وضع لا بأس به من حيث الهيمنة العالمية الأحادية، لكن اليوم هناك تغير في المشهد العالمي، حيث صعود ومنافسة القوى الصاعدة مثل الصين وروسيا بشكل ملحوظ بما يؤثر سلبا على مكانة واشنطن لدى دول المنطقة.
هذا التحول، دون شك، قد جعل الرياض تستقوي به وتستغله في إعادة تعريف علاقتها مع واشنطن، بشكل أفضل من ذي قبل.
في عام 2017، كان الجانب العسكري الأمني حاضرًا بقوة بين واشنطن والرياض، لكن اليوم حضر الذكاء الاصطناعي والطاقة الخضراء على رأس ملفات التعاون السعودي- الأمريكي، مما يدل على أن الرياض تتجه بقوة نحو الاستثمار في التقنيات الحديثة والطاقة المتجددة في طريق التنمية المستدامة، بعيدًا عن العوائد النفطية.
بوابة صيدا موقع إخباري متنوع ينطلق من مدينة صيدا ـ جنوب لبنان، ليغطي مساحة الوطن، والأمة العربية، والعالمين الإسلامي والغربي.. يقدم موقع (www.saidagate.com) خدمة إخبارية متنوعة تشمل الأخبار السياسية، والاقتصادية، والاجتماعية، والإسلامية، والمقالات المتنوعة.. تقوم سياسة الموقع على الحيادية، والرأي والرأي الآخر، يستقي الموقع أخباره، من تغطيته للأحداث، ومن وكالات الأنباء العربية والعالمية..