• لبنان
  • الأحد, أيار 04, 2025
  • اخر تحديث الساعة : 11:37:04 ص
inner-page-banner
مقالات

الخيارات التركية «محدودة» لدعم سوريا في مواجهة إسرائيل

سعيد عبد الرازق ـ الشرق الأوسط

شكّل توسيع إسرائيل هجماتها في سوريا، خلال الأشهر الماضية، عنصراً جديداً للتوتر مع تركيا، حيث بدا أن هناك صراع نفوذ بينهما على الأراضي السورية عقب سقوط نظام الرئيس السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول) الماضي. ومع تعزيز الإسرائيليين ضرباتهم في سوريا، بحجة حماية الدروز فيها، تُطرح تساؤلات حول كيف يمكن لأنقرة أن تدعم الحكم الجديد في دمشق بمواجهة التدخلات الإسرائيلية المتصاعدة.

ونُشرت تقارير في الفترة الأخيرة عن سعي تركيا التي تتمتع بعلاقات جيدة للغاية مع الإدارة السورية الجديدة، إلى توسيع وجودها العسكري في البلاد والحصول على قواعد عسكرية. وتزامنت هذه المعلومات مع توسيع إسرائيل نطاق سيطرتها في مرتفعات الجولان لإنشاء مناطق عازلة جديدة داخل الأراضي السورية، إلى جانب تكثيف ضرباتها لإضعاف القدرات العسكرية للحكم الجديد في دمشق.

استباق إسرائيلي

وعلى الرغم من أن تركيا لم تعلن بشكل رسمي سعيها إلى إقامة قواعد جوية في سوريا، فإن إسرائيل قامت بخطوات استباقية وقصفت قاعدة «تي 4» شرق حمص، أكثر من مرة في مارس (آذار) الماضي، فضلاً عن قصف مطار حماة العسكري وإخراجه من الخدمة نهائياً.

جاء التحرك الإسرائيلي بعد تقارير أفادت بأن تركيا بدأت العمل على تحويل «تي 4» إلى قاعدة تابعة لها، في ظل خشيتها من سيطرة إسرائيل على الأجواء السورية من الجنوب إلى الشمال، واستخدام مطار حماة في نقل مواد البناء والمعدات إلى القاعدة.

وقالت مصادر إسرائيلية إن القواعد والبنية التحتية الأخرى التي تم استهدافها كانت أيضاً ضمن مصلحة تركيا التي ترغب، حسب ما يقول الإسرائيليون، في تحويل سوريا إلى «محمية عثمانية».

وفي حين تؤكد وزارة الدفاع التركية استمرار المحادثات الفنية مع دمشق بشأن التعاون العسكري، إلا أنها لم تدل بتصريح رسمي بشأن المزاعم المتعلقة بإنشاء قواعد، علماً بأن تقارير تفيد بأن إسرائيل تعدّ إقامة قاعدة تركية في تدمر بريف حمص الشرقي «خطاً أحمر».

سياسياً، تدعم تركيا الإدارة السورية في مواجهة الهجمات الإسرائيلية المتكررة، سواء عبر مجلس الأمن أو في مختلف المحافل.

استبعاد المواجهة

أما عسكرياً، فهناك رغبة متبادلة بين أنقرة وتل أبيب، كما يبدو، في عدم خوض مواجهة على الأراضي السورية، وهو ما أكده وزير الخارجية التركي، هاكان فيدان، في أبريل (نيسان) الماضي، عقب تصاعد التوتر مع إسرائيل، إذ قال: «ليست لدينا القواعد التي أُعلنت. علينا أن نتحلى ببعض الاحترام تجاه سوريا، فتقييماتهم ومواقفهم مهمة أيضاً».

وأكد فيدان أن بلاده لا ترغب في حدوث صدام مع إسرائيل على الأراضي السورية؛ لأن سوريا ملك للسوريين، وليست ملكاً لتركيا أو إسرائيل، مضيفاً أن إدارة دمشق قادرة على التعاون مع أي دولة تريدها، بما في ذلك إسرائيل.

وأشار الوزير فيدان إلى أن مسؤولين من الجانبَيْن التركي والإسرائيلي عقدوا محادثات في باكو، عاصمة أذربيجان، بهدف الاتفاق على آلية لمنع وقوع حوادث أو صدام في سوريا حيث ينشط جيشا الجانبَيْن، وفتح قناة اتصال لتجنّب سوء فهم محتمل بخصوص العمليات العسكرية في المنطقة.

على الجانب الآخر، أكد مسؤولون إسرائيليون عدم الرغبة في حدوث مواجهة مع تركيا في سوريا، وأن المحادثات الفنية في أذربيجان كانت إيجابية، وأن إسرائيل قد تقبل بقاعدة عسكرية محدودة لتركيا في سوريا.

خيارات محدودة وأهداف محددة

ولا تملك تركيا خيارات كثيرة لدعم دمشق عسكرياً في مواجهة إسرائيل رغم وجود قوات لها في شمال سوريا منذ عام 2016. في تلك الفترة كانت السيطرة الجوية بيد روسيا التي انحصر وجودها في سوريا منذ سقوط الأسد. ويُعتقد أن قدرة تركيا على التحرك العسكري الآن تبقى محدودة في ظل عدم امتلاك قاعدة جوية أو أنظمة دفاعية على الأراضي السورية، فضلاً عن تأييد الولايات المتحدة، كما يبدو، لما تقوم به إسرائيل.

بالإضافة إلى ذلك، تبقى أولوية تركيا، حسب ما يؤكد مسؤولوها دائماً، حماية حدودها ضد «المنظمات الإرهابية»، علماً بأنها عضو في التحالف الدولي ضد «داعش»، وفي الوقت ذاته كانت تقاتل ضد «وحدات حماية الشعب» الكردية التي تُعدّ العمود الفقري لـ«قوات سوريا الديمقراطية» (قسد)، أوثق حلفاء واشنطن في الحرب على «داعش» في سوريا.

وتسعى تركيا إلى نقل مهمة الحرب على «داعش» إلى تحالف إقليمي سعت إلى تشكيله مع سوريا ودول جوارها، العراق والأردن ولبنان، حسب ما تمّ تداوله في اجتماع لوزراء خارجية ودفاع ورؤساء مخابرات الدول الخمس في عمّان في 9 مارس الماضي.

ووضعت تركيا عنواناً براقاً لهذا التحالف هو «الملكية الإقليمية»، الذي يعني تولي دول المنطقة حل قضاياها بنفسها والقضاء على التهديدات المحدقة بها دون تدخل من قوى أجنبية. وتم الاتفاق بين الدول الخمس على تشكيل آلية مشتركة وإنشاء مركز للعمليات المشتركة ضد «داعش» في سوريا.

وفي هذا الإطار، قال فيدان إن الغرض الوحيد من الوجود العسكري المخطط له هو القتال ضد «داعش»، وبالتالي فإن تركيا لا تنوي إنشاء هيكل عسكري ضد إسرائيل. ولفت إلى أنه تمّت مناقشة هذه القضية مع الولايات المتحدة أيضاً، مشيراً إلى أن ضرورة تحمّل الدول الإقليمية مسؤولياتها لمنع إحياء «داعش» تتوافق مع رؤية الرئيس دونالد ترمب.

وتعتقد تركيا أن تولي الحكومة السورية مهمة الحرب ضد «داعش»، بدعم من دول إقليمية، من شأنه إقناع الولايات المتحدة بوقف دعمها لـ«وحدات حماية الشعب» الكردية، التي لا تزال تشكّل في نظرها تهديداً خطيراً، رغم الاتفاق بين «قوات سوريا الديمقراطية» ودمشق على الاندماج في مؤسسات الدولة.

يُضاف إلى ذلك قلق تركيا من العلاقات القوية بين إسرائيل وأكراد سوريا، وهو ما يمكن أن يشكل خطراً في حال سيطرة إسرائيل بمفردها على الأجواء السورية وامتداد هذه السيطرة إلى مناطق وجود «سوريا الديمقراطية» في شمال شرقي سوريا.

تعويل على واشنطن

وتعوّل تركيا بشكل كبير على التفاهم مع الولايات المتحدة، سواء فيما يتعلق بملء الفراغ حال تنفيذ انسحاب أميركي كامل من سوريا، أو التصدي لـ«داعش»، الذي يُعدّ نشاطه إحدى ذرائع إسرائيل للتمدد في داخل سوريا، أو فيما يتعلّق بالحد من هذا التمدد الإسرائيلي.

وأعطت مقاربة ترمب بشأن الخلافات بين تركيا وإسرائيل دفعة معنوية إلى أنقرة؛ إذ أكد خلال لقائه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في واشنطن، خلال الشهر الماضي، ضرورة حل الخلافات مع تركيا، وأنه قادر على إنهاء هذه الخلافات بحكم علاقته القوية مع الرئيس رجب طيب إردوغان.

بدوره، لفت إردوغان، الأربعاء، إلى احتمال عقد لقاء قريب مع ترمب، قائلاً: «أعتقد أنني وصديقي ترمب سنضيف زخماً مختلفاً تماماً لعلاقاتنا الثنائية في المرحلة الجديدة، نرى أننا نتفهم بعضنا بعضاً بصفتنا قائدَيْن في قضية سوريا».

بوابة صيدا

الكاتب

بوابة صيدا موقع إخباري متنوع ينطلق من مدينة صيدا ـ جنوب لبنان، ليغطي مساحة الوطن، والأمة العربية، والعالمين الإسلامي والغربي.. يقدم موقع (www.saidagate.com) خدمة إخبارية متنوعة تشمل الأخبار السياسية، والاقتصادية، والاجتماعية، والإسلامية، والمقالات المتنوعة.. تقوم سياسة الموقع على الحيادية، والرأي والرأي الآخر، يستقي الموقع أخباره، من تغطيته للأحداث، ومن وكالات الأنباء العربية والعالمية..

مدونات ذات صلة