• لبنان
  • الجمعة, آذار 14, 2025
  • اخر تحديث الساعة : 2:45:39 م
inner-page-banner
مقالات

31% من أطعمة المستشفيات تنتهي في الـقمامة

راجانا حمية ـ الأخبار

31.4% هي نسبة الطعام الذي يُهدر في المستشفيات. بكلام آخر: ثلث الطعام المنتج في مطابخ هذه المؤسسات أو المقاصف والمطاعم الملحقة بها يذهب إلى القمامة.

الطعام المهدور واحد من التحديات المعقّدة التي تواجهها المستشفيات، شأنه شأن أزمة الصرف الصحي والنفايات الطبية وغيرها، لكن غالباً ما يتمّ التغاضي عنه، رغم تداعياته العميقة على رعاية المرضى والاستقرار الاقتصادي والاستدامة البيئية.

في إطار مشروع تعاوني بين وحدة الغذاء في المجلس الوطني للبحوث العلمية في لبنان والجامعة الأميركية في بيروت، بإدارة الجامعة اللبنانية الأميركية، أجرى فريق من الباحثين دراسة مفصّلة حول هدر الطعام في المستشفيات. الدراسة المفصّلة شملت 16 مستشفى موزّعة على كل المحافظات اللبنانية، وبمشاركة 155 مريضاً و32 اختصاصي تغذية عاملين في المستشفيات، وانتهت بإصدار ست مقالات علمية، خلصت إلى أن نحو 366 طناً من الغذاء في المستشفيات (التي شملتها الدراسة) تنتهي سنوياً في القمامة.

و«تفوّقت» المستشفيات اللبنانية بالمقارنة مع متوسط الهدر البالغ 25.4% في مستشفيات ثلاث دول في المنطقة، بينها اثنتان كبريان، وهي السعودية وإيران وقطر. وبحسب معدّي الدراسة، فإن الهدر في لبنان «أعلى من متوسط هدر الطعام في منطقة شرق البحر الأبيض المتوسط».

حجم الهدر

شملت الدراسة 2575 سريراً في 16 مستشفى توزّعت بين محافظتي بيروت وجبل لبنان (7) وعكار والشمال (4) والجنوب والنبطية (4) والبقاع وبعلبك - الهرمل (1).

وأظهرت النتائج أن 0,39 كلغ من أصل 1,24 كلغ طعام تُقدّم للمريض، تنتهي في القمامة، وهي تعادل ما نسبته 142.3 كلغ سنوياً لكل سرير، وما يتخطّى الـ 366 طناً سنوياً للـ 2575 سريراً موضوع الدراسة.

وتبيّن أن متوسط الهدر في مستشفيات المناطق الريفية (0.429 كلغ يومياً لكل سرير) أعلى منه في مستشفيات المدن (0.379 كلغ). وتتربّع محافظتا البقاع وبعلبك - الهرمل على رأس القائمة مع مستويات هدر مرتفعة قاربت 0.957 كلغ لكل سرير يومياً، فيما سُجّلت النسبة الدنيا في محافظتي شمال لبنان وعكار (0.277 كلغ).

وفي ترتيب الوجبات، تحل فترة الغداء أولاً من حيث الهدر (37% من وزن الوجبة)، تليها فترة العشاء (34%) فالوجبات الخفيفة (16%).

اللافت، والمقلق أيضاً، هو أن المجموعة الغذائية التي يطاولها أكبر قدر من الهدر هي الخضر بكل أنواعها، إذ بلغت نسبة التلف فيها 55.5%، تليها الدهون والزيتون والمكسرات والبذور (40%). في المقابل، كانت الحبوب (13.97%) والبيض (13.89%) الأقل هدراً. كذلك تتفاوت نسبة هدر الطعام بين الأجنحة داخل المستشفى الواحد.

ففي إطار الدراسة التي شملت أربعة أقسام هي: التوليد وأمراض النساء، الجهاز الهضمي، القلب والأوعية الدموية، والجراحة، سُجّلت النسبة العليا من الهدر في قسم التوليد وأمراض النساء (0.409 كلغ) فالجهاز الهضمي (0.402 كلغ) ثم الجراحة (0.397 كلغ)، فقسم القلب والأوعية الدموية (0.32 كلغ).

أثمان اقتصادية

العوامل التي تساهم في هدر الغذاء في المستشفيات معقّدة ومتنوّعة، منها ما يتعلّق بالقيود الغذائية والحالات الطبية التي تفرض على مطابخ المستشفيات تحدياً كبيراً ومعقّداً في إعداد الوجبات، إذ إنها لا تنتج قائمة طعامٍ واحدة لجميع مرضاها، بل تفرض حالات المرضى والأجنحة أنواعاً مختلفة ومحددة من الأطعمة.

أضف إلى ذلك عوامل أخرى تلعب دوراً حاسماً في تحديد كمية الغذاء المهدور، أهمها فقدان الشهية لدى المريض ورفض تناول الطعام في غالب الأحيان (47.7%). كما تلعب تفضيلات الغذاء، سواء كانت مرتبطة بالعوامل الثقافية أو الأذواق الفردية، إضافة إلى توقيت غير مناسب لتقديم الوجبات.

بعيداً عن الحسابات والنسب، يُعدّ هدر الطعام قضية حاسمة على صعيد الآثار الجانبية التي يخلّفها، فهذه ليست مجرد مشكلة لوجستية بل أزمة تؤثّر على تغذية المرضى، إذ إن المستويات العالية من هدر الغذاء تعني عدم تناول ما يكفي من العناصر الغذائية، ما يعرّضهم لخطر سوء التغذية.

وقد بيّنت الدراسة ذلك في تحديد السعرات الحرارية والبروتينات التي يخسرها المريض. فمن أصل 1489 سعرة حرارية و72 غراماً من البروتين توفّرها الوجبات لكل سرير يومياً، تناول المرضى فقط 1084.3 سعرة حرارية (57.3% من احتياجاتهم المقررة للطاقة) و50 غراماً من البروتين. وهذه الفجوة في تناول العناصر الغذائية تثير قلقاً كبيراً بشأن صحة المرضى في المستشفيات، وما يضاف إليها من تجاوز المستشفيات الحصص الموصى بها للمنتجات اللبنية واللحوم وتقديم حصص غير كافية من الخضر والفواكه والبقوليات. ولذلك، من الملحّ هنا تنسيق الوجبات في المستشفيات مع الإرشادات الغذائية وضمان تلبية احتياجات المرضى الغذائية لمنع سوء التغذية وتحسين نتائج الصحة.

أما بلغة الاقتصاد، فثمة خسارة واقعة بسبب التغاضي عن معالجة هذه المشكلة، سواء في الكلفة المالية التي تذهب هدراً أو في كيفية تصريف النفايات الغذائية. في الشق الأول، قدّرت الدراسة متوسط كلفة هدر الطعام في المستشفيات الخاضعة للدراسة بـ1.04 دولار لكل سرير يومياً، أو ما يعادل 379.6 دولاراً سنوياً... وبلقطةٍ أشمل بما يقرب من مليون دولار في 16 مستشفى فقط، فكيف الحال إذا ما شملت الدراسة كل المستشفيات التي يتجاوز عددها الـ 165، ما يشكّل عبئاً مالياً كبيراً.

... وبيئية

ومن التداعيات غير المباشرة، ما يتسبب به الطعام المهدور من تأثير على البيئة، إذ تتخلص غالبية المستشفيات من نفايات الطعام بدمجها مع النفايات العامة، ما يشير إلى غياب استراتيجيات مستدامة لإدارة هدر الغذاء كالتسميد أو الهضم اللاهوائي. وفي هذا السياق، تشير إدارات هذه المستشفيات إلى أن الكلفة المادية هي العائق الأكبر أمام إدخال هذه الحلول ضمن قائمة استراتيجياتها.

وينعكس هذا النقص في «التفكير المستدام» على العقود أيضاً، إذ إن 9.4% فقط من المستشفيات تضمّنت عقودها مع المقاولين الخارجيين لإدارة النفايات إدارة هدر الغذاء!

هذا الرمي العشوائي لنفايات الغذاء، عدا الكلفة الاقتصادية، تداعياته البيئية مقلقة بالقدر نفسه. فكل سرير مثلاً يساهم في انبعاث 0.85 كيلوغرام من ثاني أوكسيد الكربون المعادل وفي استهلاك ما نسبته 580.25 ليتراً من المياه العذبة ويلوّث ويتسبب بتلوّث النيتروجين بنسبة 3.08 غرامات يومياً. وهي كلفة باهظة الثمن في منطقة تواجه تحديات بيئية كبيرة.

بوابة صيدا

الكاتب

بوابة صيدا موقع إخباري متنوع ينطلق من مدينة صيدا ـ جنوب لبنان، ليغطي مساحة الوطن، والأمة العربية، والعالمين الإسلامي والغربي.. يقدم موقع (www.saidagate.com) خدمة إخبارية متنوعة تشمل الأخبار السياسية، والاقتصادية، والاجتماعية، والإسلامية، والمقالات المتنوعة.. تقوم سياسة الموقع على الحيادية، والرأي والرأي الآخر، يستقي الموقع أخباره، من تغطيته للأحداث، ومن وكالات الأنباء العربية والعالمية..

مدونات ذات صلة