• لبنان
  • الاثنين, كانون الأول 23, 2024
  • اخر تحديث الساعة : 3:24:15 ص
inner-page-banner
مقالات

الحرب على غزة ـ بتروها حينما أرعبتهم

بديعة النعيمي ـ بوابة صيدا

منذ السابع من أكتوبر/٢٠٢٣ وإلى اليوم الرابع من ديسمبر/٢٠٢٤ والمقاومة الفلسطينية لا تزال تسطٌر في بسالة عزّ نظيرها وبأسلحة متواضعة صفحة ساطعة في تاريخ هذه الأمة في مواجهة الآلاف من عصابات الجيش الصهيوني ومرتزقة العالم، تعززهم مئات الدبابات والطائرات والمروحيات الأميركية والبريطانية وغيرها.

وقد اعترف قادة العدو أكثر من مرة ببسالة المقاومة وصمودها. حيث صرح قائد لواء جفعاتي بتاريخ ٣/ديسمبر/٢٠٢٤ قائلا "المقاومون يخوضون معنا حرب عصابات في جباليا وهم موزعون في مجموعات صغيرة تضم شخصين أو ثلاثة، وبعضهم ممن شارك في هجوم ٧ أكتوبر. وهؤلاء يفضلون الاستشهاد على الاعتقال ولا يستسلمون".

وجيش الاحتلال وكما هي عادته، حينما انكسرت شوكته أمام شراسة المقاومة، لجأ إلى قتل المدنيين العزّل، دون تفريق بين طفل أو شيخ أو امرأة، دون التفريق بين صحيح البدن أو ذي إعاقة. دون التفريق بين منزل سكني أو مستشفى، ولا بين حيوان أو شجر أو بشر.

وقد وصلت وحشية هذا الجيش إلى أقصى حدودها حينما منعت ذوي الشهداء من دفن جثامين شهدائهم المتبعثرة في ساحات المستشفيات والشوارع والأزقة عن طريق التهديد بالقنص والقصف، فاقتاتت عليها الكلاب التي لم تسلم من سياسته التجويعية في مشاهد قاتمة في وجه الإنسانية، تجعل من الكلمات التي نكتبها خيانة، لأنها عاجزة عن فعل شيء أمام التواطئ العربي المذلّ. لكن ولأننا ممتلئين بفلسطين عامة واليوم غزة خاصة ، فإننا نقدم على فعل الكتابة بهدف التوثيق للتاريخ، وحتى لا تسقط جرائمهم هم، والملاحم التي خاضتها المقاومة الفلسطينية ومواقف أهل غزة تجاهها من ذاكرة الأمة، وهذا أضعف الإيمان ولنا ما سعينا بإذن الله.

فاليوم وبعد مرور أكثر من عام على مجازر الإبادة في غزة بحق أهلنا العُزّل نستطيع القول بأن ما يحصل هو فصل آخر أكثر من نكبة، وهو فصل آخر من فصول العجز العربي. العرب الذين يمتلكون الدبابات والرصاص والمجنزرات والطائرات، يستخدمونها للاستعراضات فقط، وبعد سنوات وربما عقود يتباهون بوضعها في متاحف السلاح الكاذبة وكأنها خاضت حروب التحرير ونجحت فيها!! إنها الحقيقة التي تدمي القلب وتجرح الكرامة وتحشرنا كل لحظة تُخذل فيها غزة اليوم في زاوية العار والشعور بالتقصير والذنب. هذا الذنب الذي بات كالجرح الناكئ الذي لا يلتئم لأن غزة تُخذل على مدار الساعة بمجزرة هنا وقصف هناك وتجويع وحصار وتهجير وتنكيل مستمر باختلاف وسائله في محاولة لقتل بذرة المقاومة.

أطفال غزة هم بذرة المقاومة التي يخشاها العدو الفاشي ويخشى نموها وتكاثرها. لذلك فهو يستهدفها هي بالذات وبكل قسوة، يستهدف أطرافها التي ستمسك السلاح يوما ضد ظلمهم وتبترها بكل وحشية.

ففي تصريح صدر مؤخرا عن الأمين العام للأمم المتحدة "انطونيو غوتيريش" قال فيه أن "قطاع غزة يشهد أكبر عدد في العالم من الأطفال المبتوري الأطراف نسبة إلى عدد السكان" وأشار إلى أن "العديدون يخسرون أطرافهم ويخضعون لعمليات جراحية بدون بنج حتى" واعتبر ما "يحصل أنه من أخطر الجرائم الدولية".

قال... لكنه أعجز من أن يفعل شيئا لهم لأن الصرح الذي أطلق تصريحه من خلاله هو تابع للولايات المتحدة الأمريكية التي ترعى ذيلها الصهيوني بل وتدعمه ليرتكب تلك الجرائم.

لكن لماذا البتر تحديدا؟ ولمَ يقدم العدو على استخدام أسلحة تتسبب ببتر الأطراف؟

الإجابة تكمن بالأقدام التي شاهدناها منذ بداية الطوفان تنتعل النعال البلاستيكي الممزق، يخرج صاحبه من بين الركام، يلصق قنبلة من مسافة صفر وينسف أسطورة الجيش الذي لا يهزم، وفخر صناعته "الميركافا" ثم يختفي بنعاله من حيث لا يدري العدو.

كما يكمن السبب في أصابع قناص لم يدخل العشرين من عمره، يضغط على سلاحه ويصيب هدفه من قطعان الجيش المدجج بالسلاح والذي حين نزل إلى الميدان ظن نفسه يدخل لعبة أطفال أغرار لا يتقنون فن الضغط على الزناد ومتابعة اللعبة، صدمه الواقع وأن من ظنه طفلا كان جيش بكامل عتاده.

لذلك يقدم هذا العدو على استخدام ما يبتر هذه الأطراف الصغيرة بحجمها الكبيرة بفعلها. فقد بات يعلم أن طفل اليوم عدو المستقبل. وأن من له ثأر وجميع أهل غزة لهم ثأر معه ان ينسى ثأره وسيكبر قبل أوانه ويكون قاتله في المستقبل القريب بإذن الله.

وحين يظن هذا العدو بأنه قادر على قتل فلسطين وإلقاء غزة في البحر، تنتفض الاثنتان من جديد، وفي كل مرة تكون برميل وقود وقنبلة موقوتة. فالصغير الذي بُترت أصابعه اليوم سيقاتل بأصابع قدميه.والذي بترت قدميه ستكون أسنانه الأصابع التي تضغط على الزناد الذي ينهي وجوده ذات يوم، نراه قريبا ويرونه بعيدا.

بوابة صيدا

الكاتب

بوابة صيدا موقع إخباري متنوع ينطلق من مدينة صيدا ـ جنوب لبنان، ليغطي مساحة الوطن، والأمة العربية، والعالمين الإسلامي والغربي.. يقدم موقع (www.saidagate.com) خدمة إخبارية متنوعة تشمل الأخبار السياسية، والاقتصادية، والاجتماعية، والإسلامية، والمقالات المتنوعة.. تقوم سياسة الموقع على الحيادية، والرأي والرأي الآخر، يستقي الموقع أخباره، من تغطيته للأحداث، ومن وكالات الأنباء العربية والعالمية..

مدونات ذات صلة