نزار سيف الدين ـ اللواء
في كل يوم يمرّ تتعرّى الحقائق الصهيونية وينكشف زيفها وتتوضح عنصريتها القائمة على الحقد والكراهية، وقد كشفت الكتابات الصهيونية الطبيعة الإجرامية للعقيدة الصهيونية وعرقيّتها التي أصبحت غير قابلة للشك، أو لاحتمال التأويلات المغايرة للواقع المدموغ بالحقائق التي لا تحتمل أكثر من وجه.
وهي توضح أهدافها في قول «أفرام شنكار» العضو القيادي في المنظمة الصهيونية العالمية والدائرة الدعائية التابعة لها، الذي دعا الى «الوصول الى يقظة عارمة في الحركة الصهيونية وجعل المنظمة الصهيونية القوة الموجهة والمسيّرة في حياة اليهود...»، إذن يقظة عارمة؟! لكن من أين تبدأ هذه اليقظة..؟
سؤال بديهي يعرف الصهاينة الإجابة عليه فيما يمارسونه ويفعلونه، إذ انهم يبدأون بالأطفال تعبئة وحقنا وخلق جو من هستيريا العداء لكل ما هو إنساني وشريف وصولا الى «رسالة الصهيونية» في تعميق الروح العدوانية ضد العرب من جهة وإيجاد «النموذج» الذي لا يقهر في نفس الطفل الصهيوني من جهة أخرى.
وعلى هذا الأساس يعلّمون أطفالهم بأن: «العرب هم الأعداء، وهم قذرون جداً، صحراويون قساة، أوباش كسالی جبناء...».
بينما يتعلّم الطفل العربي في رياض الأطفال وفي بيته أغاني المحبة والتسامح، يتعلّم الطفل عندهم أن يغني:
«سوف نهاجم الأعداء
خلال الظلام بكل قوة
لانه لا يوجد لدينا لذة
غير لذة الجريمة..»
فالمطلوب طبعا من الطفل القتل والشعور بلذة الجريمة ومن سيكون القتيل غير العربي..؟
وفي مسلسل الأطفال «أوزياوز» تجد كيف أن المغامرات التي تدور تمجّد الطفل الصهيوني، الجبار، العظيم، الذي لا يقهر ويبرّر «هازي لابين» كاتب المسلسلات عنصريته وحقده الأسود الذي يشحن به الأطفال قائلا:
«هذه عصابتي وأنا موقن أن الحياة لا تسير بهدوء ففي الوقت الذي نشعر فيه أن كل شيء يسير على ما يرام، نجد أنفسنا أمام أشخاص يظهرون في الظلام، وفي أيديهم الآلات الجهنمية وفي عقولهم أفكار شريرة والحقد الأسود يملي في قلوبهم..».
ثم يوضح «هازي لابين» آرائه أكثر ليبرز ما يخبئه لنا جميعاً في كلمات تذكّرنا بالنازية الهتلرية التي أرادت في يوم أن تنتقم من العالم أجمع وها هو الكاتب يتقمص النظرية ويزيد عليها، يرفض أن يتعلّم الأطفال حب الفراشات والزهور لانه يريد خلق جيل ينتقم ويأخذ بالثأر..؟ يقول:
«نحن نعيش في زمن صراع مع العرب، نعيش فيما يمكن أن نطلق عليه «حقول الدم» لهذا تجد أن من واجبنا أن نبتعد عن كتابة القصص الجميلة التي تتحدث عن الفراشات والزهور.. فهذا سيوقعنا في ورطة نحن في غنى عنها، ماذا سيكون موقف الطفل الذي تدهمه الحرب وهو يقرأ قصة عن الطائر المغرّد؟ ماذا سيفعل؟ لا شك أنه سيفقد ثقته بنفسه وينهار، وهذا تضليل لا يمكن أن نسمح به.. إني أريد خلق الجيل الذي ينتقم لي ويأخذ ثأري، وهذا الجيل هو مئات الآلاف من القرّاء الذين يسارعون لقراءة كتبي».
ولا يختلف الكاتب «شراجا آغافين» واسمه الحركي «ان ساريج» عن «لابين» خاصة فيما كتبه تحت عنوان «قصص من التوراة للشباب» لذلك لن يحزن الطفل الصهيوني إذا رأى طفلاً عربياً مضرجاً بدمائه لانه تعلّم القتل في مدرسته وفي بيته، ولننظر إلى ما توحيه إليه الكاتبة «بائیل دايان» في احدى قصصها من فلسفة قائمة على إبقاء الطفل بحالة قلق واضطراب حيث تقول: «وهو عندما يغادر عربته المصمّمة على شكل دبابة يخاطبه والده:
- اقتل ببرود.. ولا تخف.. فهذا الذي ينسكب من العربي ليس دما..
«يجب أن لا تثق بأحد فليس ثمة أصدقاء حقيقيين ويجب أن لا نتوقع شيئاً من أي إنسان، هذه هي صديقتك الوحيدة «القوة» أنت رجل لا تحتاج إلى أصدقاء، احذر الشفقة والرقّة والحرارة».
ومن نماذج الأدب الصهيوني للأطفال حكاية الكاتب «يوري ايفاتز» الذي يصوّر الكاتب العربي وحشاً لا يكتفي بالتهام البشر وقتلهم بل يتطلّع إلى القمر فيغتاله ان صح التعبير.. بينما الصهيوني يحوّله إلى قناديل تضيء أرض إسرائيل وتنشر الفرح.. «العربي قاتل»..؟ والصهيوني هو الذي يعيد للقمر وجهه المشرق، كما يعيد أيضاً للطفولة صفائها وأحلامها، انه المنقذ الذي يخلّص الأشياء الحلوة من بين براثن المتوحشين العرب؟!
وعنوان هذه الحكاية «الأمير والقمر» التي يجري الحوار فيها على الشكل التالي:
- قالت الصغيرة لي: من الذي سرق القمر..؟
- قلت: العرب..
- قالت: ماذا يفعلون به..؟
- قلت: يعلّقونه للزينة على جدران بيوتهم..
- قالت: ونحن؟..
- قلت: نحوّله إلى مصابيح صغيرة نضيء أرض إسرائيل كلها.
منذ ذلك الوقت، والصغيرة تحلم بالقمر، وتكره العرب، لأنهم سرقوا حلمها، وحلم آبائها..
وتنتهي الحكاية بقتل العربي للأمير بعد أن يسرق القمر، ثم يأتي الصهيوني فيعيد للقمر وجهه الجميل وللطفولة براءتها بعد أن يصف العرب بأنهم جبناء ولصوص وقتلة؟
وبعد، هذه نماذج وأسماء قليلة ممن امتهنوا الكتابة للأطفال وتوجيههم حسب العقيدة الصهيونية، انها أمثلة يجب أن تبقى منقوشة في ذاكرة الصغار والكبار على السواء لأنها الدليل المادي والحسّي الذي من خلاله تتكشف النوايا الصهيونية وأبعادها وأهدافها، فالقتل وحقول الدماء والدمار غايتهم ومرادهم، فهل يقرأ الكبار عندنا ما يكتبه الصهاينة للصغار عندهم..؟
ــــــــــــــــــــــــــــ