بديعة النعيمي ـ بوابة صيدا
أصدر وزير خارجية بريطانيا " أرنست بيفن" بيانا في نوفمبر/١٩٤٥ أعلن من خلاله عزم حكومته على نقل قضية فلسطين إلى الأمم المتحدة ووضعها تحت وصاية دولية.
وكان هذا بعد عجز بريطانيا عن القضاء على المقاومة الفلسطينية ضد السياسة البريطانية المتآمرة مع الحركة الصهيونية لتحويل فلسطين إلى دولة يهودية.
وكان من خبث بريطانيا أنها لم تنقل القضية إلى الأمم المتحدة إلا في ربيع ١٩٤٧. أي بعد عام ونصف العام على صدور ذلك البيان، بهدف إتاحة الفرصة للحركة الصهيونية من خلال إكسابها ذلك الوقت لتنفذ خططها، مثل زيادة الهجرة اليهودية وإلغاء الأنظمة والقوانين التي كانت قد وضعت لتحديد انتقال الأراضي الفلسطينية لليهود.
وبعد أن ضمنت بريطانيا قدرة الحركة الصهيونية على الاستيلاء على فلسطين، قررت الانسحاب وإحلال الولايات المتحدة الأمريكية مكانها عن طريق تشكيل لجنة كانت قد أعدتها عام ١٩٤٥ عرفت ب "لجنة التحقيق البريطانيةـ الأمريكية المشتركة" بهدف الاستفادة من نفوذ الأخيرة في الأمم المتحدة.
والجدير بالذكر أن بريطانيا كانت تمتلك القدرة وقتذاك على حل القضية الفلسطينية دون اللجوء إلى رفعها إلى الأمم المتحدة، غير أنها كانت مصممة على تحويل فلسطين إلى دولة يهودية ولكن ليس عن طريقها بل عن طريق الأمم المتحدة، وذلك للتخلص من وعودها للعرب، المنصوص عليها في صك الانتداب بإلقاء المسؤولية على الأمم المتحدة للحفاظ على مصالحها الاقتصادية والسياسية مع العرب.
واليوم وبعد السابع من أكتوبر/٢٠٢٣ نجد التاريخ وقد أعاد نفسه، لأن العدو واحد والمخططات أيضا واحدة وهي تصب في مصلحة دولة الاحتلال القاعدة الإمبريالية الدائمة في الشرق الأوسط والدول التي تمتلك هذه القاعدة.
فمثلا عندما ننظر إلى المقترحات التي وضعها رئيس الولايات المتحدة "جو بايدن" في يونيو/٢٠٢٤ فيما يتعلق بالمفاوضات بشأن وقف إطلاق النار في غزة قبل عدة عدة أشهر، وقد تناولتها في مقالات سابقة، نشعر أن "بايدن" هو رجل سلام يسعى إلى وقف الحرب، وأن السبب في فشلها يعود إلى "بنيامين نتنياهو" وأعضاء حزبه.
لكن الحقيقة ليست كما تبدو لنا دائما. ولنا من التاريخ عبر، فما ذكرته في بداية المقال، ينطبق على أحداث اليوم. وبريطانيا لا تختلف عن الولايات المتحدة.
فعندما تقترح الولايات اقتراحا يظهر للعالم أنه يصب في مصلحة المدنيين مثلا، وأن من يعرقله دولة الاحتلال، فالأمر لا يخرج عن كونه اتفاقا بين الدولتين.
و "بايدن" لا يختلف عن أي رئيس حكم الولايات المتحدة، في عدم توانيه عن تقديم أي دعم لدولة الاحتلال، القاعدة الأولى لدولته في الشرق الأوسط. كما أنه أي "بايدن" لن يختلف أيضا عن "دونالد ترامب" الذي يهدد ويتوعد الشرق الأوسط إن هو فاز في الانتخابات القادمة وأنه لن يتخلى عن دولة الاحتلال وسيدعمها بكل ما أوتي من قوة.
و "ترامب" الذي يحث دولة الاحتلال على توجيه ضربة للمنشآت النووية الإيرانية وينتقد "بايدن" الحمل الوديع الذي لا يتفق مع ذلك، ما هو إلا تهريج وضحك على العقول، لأن كل منهما يسير على نفس الخط الذي ينادي بتأييد دولة الاحتلال في حربها ضد كل ما هو مسلم بل وتدميره.
وإلا فما معنى أن يأمل "بايدن" أن تتبنى دولة الاحتلال منهجاً مدروسا يمكنها أن تدافع عن حقها في الرد مع تجنب الإجراءات التي قد تؤدي إلى حرب شاملة فيما لو ضربت المنشآت النووية الإيرانية؟ وهو الذي جند ترسانات دولته وطائرات التجسس التابعة لها لرصد حركات أيران. وما توقف بعد الضربة الإيرانية على نقل المزيد من الأسلحة والطائرات والصواريخ إلى دولة الاحتلال ليضمن سلامتها.
ونحن نعلم أن الولايات المتحدة الأمريكية لو أرادت ايقاف الحرب على غزة لأوقفتها بكبسة زر من أول يوم. لكنها هي من تسعى لاستمرار الحرب وعدم إيقافها. والدليل تعهد "بايدن" منذ أول يوم بأن الحرب حربه وأنه سيوفر الدعم الكامل لدولة الاحتلال ولن يفلت يدها إلى أن تحقق انتصارها.
فيكفي مهاترات وكذب ونفاق، فالتاريخ لا يكذب وهو يكرر نفسه حين يصرخ قائلا " إن معادلة الولايات المتحدة ثابتة وغير قابلة للتغير بالنسبة لدعمها لذيلها وقاعدتها الأولى" والقادم سيثبت ذلك.
ــــــــــــــــــــــــــــ
بوابة صيدا موقع إخباري متنوع ينطلق من مدينة صيدا ـ جنوب لبنان، ليغطي مساحة الوطن، والأمة العربية، والعالمين الإسلامي والغربي.. يقدم موقع (www.saidagate.com) خدمة إخبارية متنوعة تشمل الأخبار السياسية، والاقتصادية، والاجتماعية، والإسلامية، والمقالات المتنوعة.. تقوم سياسة الموقع على الحيادية، والرأي والرأي الآخر، يستقي الموقع أخباره، من تغطيته للأحداث، ومن وكالات الأنباء العربية والعالمية..