كتب د. لقاء مكي (باحث أول في مركز الجزيرة للدراسات) على حسابه قائلاً:
هذا الوعيد يكرره نتنياهو بعدما كان أطلقه أول مرة بعد عملية طوفان الأقصى قبل نحو العام، لكنه هذه المرة يتحدث بعدما حقق نصرا تكتيكيا مهما بقتل قادة حزب الله وفي مقدمتهم زعيم الحزب حسن نصر الله.
حققت إسرائيل زخما استراتيجيا بما فعلته حتى الآن في لبنان، حيث استعادت قوة الردع التي فقدتها يوم 7 اكتوبر 2023 وتمكنت حتى الآن من تحييد إيران، وإجبارها على اتخاذ موقف سلبي من دعم محورها، ومن غير الواقعي الاعتقاد أنها ستتوقف عند حدود ما فعلته حتى الآن، ولذلك فلوعيده هذا المرة، جدية ينبغي النظر لها بعناية وتوقع الهدف الذي تريد أن تصل إليه.
في الآلية التي استخدمتها إسرائيل في لبنان، وزخم الأرباح التي حققتها، يمكن توقع أن تمضي إلى ما يتجاوز لبنان بكثير، والهدف الراهن هو جميع أطراف المحور بلا استثناء، سواء في العراق أو سورية أو اليمن، وهذا الأمر غير محدد بوقت، ولا برادع إقليمي أو دولي، فإيران لن تدعم أذرعها بعدما فرطت حتى الآن بذراعها الأساسي وهو حزب الله، وستمضي إسرائيل بنفس المنهجية فيما يتصل بكل القوى المؤيدة لإيران، وهي جميعا أضعف كثيرا من حزب الله.
إيران نفسها لن تكون في منأى عن الضربة الإسرائيلية، حتى لو ظلت ساكنة بلا حراك واكتفت بالتصريحات، وليس من المتوقع أن يضيع نتنياهو هذا الزخم، ولا يستهدف المشروع النووي الإيراني والبنية التحتية العسكرية والمدنية في إيران، وفي حالة الرد الإيراني واحتدام المعركة، فقد تتورط الولايات المتحدة في الحرب.
هذا السيناريو إن تم لن يكون نهاية الأمر، ذلك أن إسرائيل تدرك أن مصدر التهديد التاريخي لها، ليس في إيران، فهذا مجرد عدو تكتيكي، الخطر على إسرائيل يكمن في الدول العربية المركزية، وأبرزها العراق وسورية، بعد تحييد مصر بمعاهدة السلام، والأمر هنا يتعلق بشعبي الدولتين لا بنظاميهما، لذلك فالهدف النهائي ربما سيمتد لرسم واقع جيوسياسي جديد للبلدين، باستغلال الانقسام الاجتماعي والسياسي الحاد فيهما، والعمل على تقسيمهما، وتحقيق هدف إسرائيلي قديم يعود للعام 1955.
تقسيم العراق وسورية لم يعد مستحيلا للأسف، والحروب المختلفة المتوقعة ستكون مدخلا لذلك، سواء بالقوة أو باستخدام قوى محلية أو بالاعتماد على حالة التفتت الراهن في البلدين لا سيما في سورية المنقسمة بحكم الأمر الواقع، علما أن هذا التفتت والصراعات الداخلية ذات البعد الطائفي والعرقي، تمهد بقوة وواقعية لتحقيق هذا الغرض.
تقسيم العراق وسورية سيلاقي رفضا من بعض دول الإقليم ورضى أخرى، أما إيران فأغلب الظن أن إسرائيل وأمريكا سيكتفيان بإضعافها وتحييدها دون تقسيمها لأسباب تتعلق بتداعيات ذلك على آسيا الوسطى وأوروبا ودول الخليج، فضلا عن أن إيران الموحدة والضعيفة ستكون فوائدها أكثر من ضررها للغرب.
هذا الواقع الجديد سيجعل عملية التطبيع سياقا طبيعيا يمضي بسلاسة ودون قيود أو روادع، وحينها تطمح إسرائيل أن تكون الدولة المهيمنة في الشرق الأوسط الجديد، تتسابق الدول المهزومة على التعامل معها بحثا عن الحماية والأمن.
يقدر أن تستغرق هذه العملية عدة سنوات، ربما حتى العام 2028 لكنه في النهاية سيناريو افتراضي تريده إسرائيل، ولن تبلغه بالضرورة، فما زالت إسرائيل في بداية تنفيذ مخططها، وأمامها كثير من التفاصيل التي قد تغرقها، وقد علّمنا التاريخ أن الأماني العدوانية الكبيرة والتوسع الممتد خارج الحدود حتى لو بدا سهلا فإنه قد يتحول إلى مستنقع عميق من التفاصيل والتكاليف ينتهي بهزيمة حتمية وقاسية.
بوابة صيدا موقع إخباري متنوع ينطلق من مدينة صيدا ـ جنوب لبنان، ليغطي مساحة الوطن، والأمة العربية، والعالمين الإسلامي والغربي.. يقدم موقع (www.saidagate.com) خدمة إخبارية متنوعة تشمل الأخبار السياسية، والاقتصادية، والاجتماعية، والإسلامية، والمقالات المتنوعة.. تقوم سياسة الموقع على الحيادية، والرأي والرأي الآخر، يستقي الموقع أخباره، من تغطيته للأحداث، ومن وكالات الأنباء العربية والعالمية..