• لبنان
  • الأحد, تشرين الأول 06, 2024
  • اخر تحديث الساعة : 1:32:33 ص
inner-page-banner
مقالات

الحرب على غزة ـ يريدون أن نبقى على الهامش

بديعة النعيمي ـ بوابة صيدا

عندما قاد محمد علي باشا عام ١٨٣١ حملة التوسع لإقامة مملكة عربية جُنّ جنون بريطانيا، فقامت بالتحالف مع النمسا وبروسيا وروسيا وفرنسا لوقف هذا التوسع وإرغام محمد علي على سحب قواته من سوريا وحصر نفوذه بمصر.

وبهذا الشأن كتب "جورج انطونيوس" يقول "إن نمو محمد علي في مصر ثم امتداده إلى الجزيرة العربية والبحر الأحمر، أكسبه سيطرة على تلك المناطق الواقعة على طريقه من أخطر الطرق التجارية في العالم".

وجاء في رسالة ل "اللورد بالمرستون" وزير خارجية بريطانيا ورئيس وزرائها فيما بعد، موجهة إلى سفير بلاده في نابولي بتاريخ ٢١/مارس/١٨٣٣ "إن هدف محمد علي الحقيقي هو إقامة مملكة عربية تضم جميع البلاد التي تتكلم العربية".

ومن هنا يتضح لنا خبث بريطانيا في ذلك الوقت وإقدامها على إحباط كل ما يسهم في توحيد العرب، من أجل الحفاظ على مصالحها في بلادنا من خلال القضاء على أية حركات تحرر تنشأ فيها. فأوجدت على أرضنا قاعدة لها. وجمعت يهود العالم في فلسطين، قلب الوطن العربي وأطلقوا عليها "إسرائيل".

وبعد الحرب العالمية الثانية تبنت الولايات المتحدة هذه القاعدة وثبتت أقدامها كما ذكرت في مقال سابق في الشرق الأوسط.

ثم بدأت الولايات المتحدة وبريطانيا تطبق سياسة التفرقة من خلال العمل على سياسة الأحلاف، فاقترحت كلتا الدولتان على بعض الدول العربية الانتساب لما يسمى "منظمة الدفاع عن الشرق الأوسط". غير أن القاهرة رفضته لأن جمال عبد الناصر رأى في تلك السياسة محاولة لشق العالم العربي. فما كان من بريطانيا وفرنسا ودولة الاحتلال إلا أن قاموا بتاريخ ٢٥/نوفمبر ١٩٥٦ بإجراء مباحثات في مدينة "سيفر" الفرنسية، توصلوا من خلالها إلى اتفاق سري كانت نتيجته أن تبادر دولة الاحتلال باستفزاز مصر ثم تدخل الدول الثلاثة في عدوان على مصر هدفه ليس كما ادعو إجبار عبد الناصر على فتح مضايق تيران إنما إسقاط حكومة عبد الناصر الرافضة لسياسة الدول الإمبريالية. فكان العدوان والباقي معروف.

كما حاولت بريطانيا عندما انتصرت الثورة العراقية في ١٩٥٨ بقيادة حركة التحرر العراقية أن تخمدها. وعندما اندلعت الثورة الشعبية في لبنان ضد الحكومة الموالية للغرب عام ١٩٥٨ أنزلت الولايات المتحدة قواتها لإخمادها. والأمثلة كثيرة عبر التاريخ وحركات التحرر العربية.

ولا زالت الولايات المتحدة التي تتربع على عرش الإمبريالية وحلفائها تواصل الانغماس في عمليات عسكرية في بلادنا العربية بحجة القضاء على الجماعات الإسلامية التي تسمها بالإرهابية على حد زعمها مثل حماس وحزب الله وأنصار الله وغيرها وتضعها في صفوف داعش والقاعدة فخر الصناعة الصهيوأميركية.

والحقيقة أن الولايات المتحدة وحلفائها هدفها الحقيقي، القضاء على الحركات التحررية كي تبقى بلادنا على الهامش، هدفها أن لا تتوقف الماكينة التي تصنع الشعوب التي تتصف بالخنوع والذل والمهانة، الشعوب التي يخرسها أي تهديد يفقدها النعمة الأميركية المتمثلة برغيف الخبز.

حركات التحرر اليوم والمتمثلة بالمقاومة الفلسطينية واللبنانية واليمنية وغيرها، رفعت رأسها في وجه الولايات المتحدة وحلفائها وقالت كفى.. وعند آخر حرف من كفى، جُن جنونها فتحركت الأساطيل والبوارج والجسور الجوية والبرية للقضاء على تلك الحركات، فشيطنتها وزرعت عملائها وأجهزة تجسسها، فدمرت غزة وأبادت أهلها واغتالت العشرات من قادة مقاومتها. وعندما أوجعتها المقاومة اللبنانية فعلت بها ما فعلت في غزة، كان آخرها اغتيال الشهيد السيد حسن نصر الله.

فإلى متى الصمت والجميع اليوم مهدد؟ إلى متى ونحن صامتون قبل أن نقرر نفض غبار الاستسلام واللامبالاة عن أنفسنا؟

إلى متى ونحن نشاهد ما يحدث من قتل وتدمير وتهجير وتجويع وتضييق وتشفي من العدو بنا وبشهدائنا؟

إلى متى ونحن كالأصنام التي تتحرك العيون في محاجرها وترصد ما يحدث غير آبهة؟ إلى متى وذلك السرطان يستشري في الجسد يقضي عليه ببطء؟

فاعلموا يا أمة الصمت أنه وعلى أرض فلسطين تتقرر هويتنا ويتقرر مستقبلنا.

فإما أن نظل على صمتنا فنزداد تمزقا وضياعا ونكون اللقمة السائغة التالية، وإما أن ندرك ما يحصل وما يحاك ونهب للدفاع عن وجودنا..... 

بوابة صيدا

الكاتب

بوابة صيدا موقع إخباري متنوع ينطلق من مدينة صيدا ـ جنوب لبنان، ليغطي مساحة الوطن، والأمة العربية، والعالمين الإسلامي والغربي.. يقدم موقع (www.saidagate.com) خدمة إخبارية متنوعة تشمل الأخبار السياسية، والاقتصادية، والاجتماعية، والإسلامية، والمقالات المتنوعة.. تقوم سياسة الموقع على الحيادية، والرأي والرأي الآخر، يستقي الموقع أخباره، من تغطيته للأحداث، ومن وكالات الأنباء العربية والعالمية..

مدونات ذات صلة