بديعة النعيمي ـ بوابة صيدا
كان الأسطول البحري للولايات المتحدة في بداية القرن التاسع عشر "١٨٠١ ـ ١٨٠٥" يسرح ويمرح في القسم الغربي من البحر الأبيض المتوسط، ختى أنها فُرضت حينها معاهدات جائرة على الجزائر وتونس والمغرب حيث قامت بتهديدها بمدافع أسطولها المتواجد في ذلك القسم.
ومنذ ذلك الوقت كانت أدواتها الأساسية لسياستها الخارجية قد تمثلت في العدوان وإملاء الإرادة والعنف. وقد صيغت سياسية التوسع السافر لها عام ١٨٢٣ في ما سمي ب "مذهب مونرو".
غير أن هناك من زاحمها وخاصة بعد انتهاء حروب "نابليون". إنها بريطانيا القارة التي لم تكن الشمس تغيب عنها، حيث أجبرت الولايات المتحدة على سحب أسطولها من البحر الأبيض المتوسط..
لكن سحر الشرق ظل يتراءى للولايات المتحدة، فما كان منها إلا أن قامت عام ١٨٣٣ بذريعة نشر المذهب "البروتستانتي" عن طريق الجماعات التبشيرية الأميركية بإقامة المستشفيات والمدارس في سوريا وإيران ومصر وتركيا.
وبرغم تأسيس الجامعة الأمريكية في بيروت عام ١٨٦٦، وأخرى في القاهرة عام ١٩٢٠، إلا أنها لم تنجح في نشر المذهب في الشرق الأوسط. غير أنه ومع نهاية القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين كانت البرجوازية الأميركية قد دخلت من جديد الصراع مع الدول الاستعمارية وأعلنت عن تبنيها لمذهب "سياسية الانفتاح". وتمت للمرة الأولى صياغة أحد المبادئ الأساسية للاستعمار الجديد الذي نص على أن "تكافؤ فرص الدول الرأسمالية في المنافسة من أجل تقاسم أسواق التصريف ومصادر الخامات بموجب قوة الرأسمال".
وبذلك كانت الولايات المتحدة قد ثبتت مصالحها في الشرق العربي كأضخم دولة إمبريالية.
غير انه وفي عام ١٩٢٠ كان الصراع في "سان ريمو" قد انتهى بتقسيم الإرث العثماني، حيث حصلت فرنسا على سوريا ولبنان، أما بريطانيا فكانت حصتها العراق وشرقي الأردن وفلسطين التي ستمنحها فيما بعد لليهود لتكون وطنا قوميا لهم بناء على "وعد بلفور".
أما الولايات المتحدة التي كانت الأرضية تحت أقدامها في الشرق الأوسط لا زالت رخوة، فقد ظلت مهتمة به وخاصة بعد اكتشاف النفط. لذلك ظلت تحاول تطبيق سياسة "الانفتاح" على الشرق الأوسط إلى أن نجحت بعد أن أقرت "وعد بلفور"، ما عزز من مواقع احتكاراتها فيه.
وبذلك فإنها بدأت بمزاحمة بريطانيا التي خرجت من الحرب العالمية الثانية كقارة عجوز، حيث تنحت الأخيرة للقارة الفتية التي خرجت كأقوى دولة رأسمالية.
واعتبارا من ١٩٤٥ بدأ النشاط السياسي الخارجي للولايات المتحدة في المنطقة.
وأصبحت الأم التي احتضنت الحركة الصهيونية التي رأت فيها القاعدة والحليف الذي سيثبت اقدامها في الشرق الأوسط.
وعلى إثر ذلك أعلن الرئيس "ترومان" في أكتوبر/١٩٤٦ أن الولايات المتحدة تؤيد إقامة دولة يهودية في فلسطين. وكانت أول من اعترف بها عند صدور قرار التقسيم بتاريخ ٢٩ نوفمبر ١٩٤٧. ومنذ ذلك الوقت كانت المراكز الصهيونية قد رحلت عن لندن لتستقر في نيويورك.
فمدتها بكافة أنواع الدعم وساهمت في تثبيت الدولة الوليدة لاستخدامها كأداة لسياساتها في الشرق الأوسط. وقد صرح بذلك علانية وأمام اجتماع كرس لجمع التبرعات لصالح دولة الاحتلال بتاريخ ٢٩ مارس ١٩٥٣ رئيس لجنة الشؤون الخارجية في مجلس الشيوخ الأمريكي في خطابه حيث قال "إن الولايات المتحدة تعتبر إسرائيل بمثابة قاعدتها العسكرية والاقتصادية الأساسية في الشرق الأوسط".
وفي المقابل وعدت الحركة الصهيونية "البيت الأبيض" بأنها ستقضي على حركات التحرر الوطني في الشرق الأوسط.
وبالفعل فبعد توطيد أقدام هذه الحركة في فلسطين، ساهمت بالإطاحة بحركات التحرر، ففي عام ١٩٥٨ سمحت دولة الاحتلال لبريطانيا باستخدام أراضيها لنقل قوات الإنزال التي كان عليها أن تخمد حركة التحرر العراقية.
وفي العام ١٩٥٨ رحبت أيضا بالإنزال الأميركي في لبنان لإخماد الثورة الشعبية ضد الحكومة الموالية للغرب.. والأمثلة كثيرة على ذلك.
ومنذ ذلك الحين وإلى يومنا هذا والولايات المتحدة لم تفلت يد دولة الاحتلال. وكانت الحائط الذي تستند عليه دولة الاحتلال في كل مرة تشعر بأنها ستسقط.
واليوم في حربها على غزة قدمت الولايات المتحدة الأمريكية لدولة الاحتلال كافة أنواع الدعم ولا زالت. وعندما قرر "بنيامين نتنياهو" دخول حرب على لبنان، صرح "البيت الأبيض" دعمه الكامل له وأنها لن تتركه في حربه التي اعتبرها على حد زعمه دفاعا عن النفس.
وبعد لبنان يأتي دور الأردن وهلم جرا...
والدليل ما تناقله الإعلام العبري "لأن ما يحدث في لبنان تجربة لما سيحدث في الأردن".
دقت طبول الحرب فاستيقظوا يا أمة المليار...
بوابة صيدا موقع إخباري متنوع ينطلق من مدينة صيدا ـ جنوب لبنان، ليغطي مساحة الوطن، والأمة العربية، والعالمين الإسلامي والغربي.. يقدم موقع (www.saidagate.com) خدمة إخبارية متنوعة تشمل الأخبار السياسية، والاقتصادية، والاجتماعية، والإسلامية، والمقالات المتنوعة.. تقوم سياسة الموقع على الحيادية، والرأي والرأي الآخر، يستقي الموقع أخباره، من تغطيته للأحداث، ومن وكالات الأنباء العربية والعالمية..