بديعة النعيمي ـ بوابة صيدا
أسس "زئيف جابوتنسكي" في عام ١٩٢٥ حلف الصهيونيين التصحيحيين أو المراجعين "هتسوهار" بهدف إجراء إصلاحات شاملة في سياسة الإدارة الصهيونية ل "ديفيد بن غوريون" تجاه سلطة الانتداب البريطاني التي أخذت تتراجع عن دعمها للفكرة الصهيونية.
وقاد "جابوتنسكي" حملة ضد تقسيم فلسطين بين اليهود والعرب. وطرح خطة تهدف إلى توطين مليون ونصف من يهود أوروبا الشرقية في فلسطين خلال عشر سنوات عبر الهجرات اللاشرعية.
وكان قد طور قبل الحرب العالمية الأولى نظرية حول الأسس العرقية للأمم في بحث تحت عنوان "العرق والقومية". ما جعل هناك تقاربا كبيرا بين ما دعا إليه وبين ما دعت إليه "الفاشية".
والفاشية تيار سياسي وفكري من أقصى اليمين. يتميز بنزعته القومية العنصرية.
ومن المعروف بأن الفاشية تبنت العنف السياسي والحرب والسطوة على الأمم الأخرى كطرق للوصول إلى نهضة وطنية.
ويرى هذا التيار بأن الأمم الأقوى لها الحق في مد نفوذها بإزاحة الأمم الأضعف. وقد كانت إيطاليا أولى البلدان التي تأسست بها نظام فاشي.
ولم يكن "موسوليني" وهو من مؤسسي الحركة الفاشية الإيطاليّة وزعماءها، يُكنّ أي عداء لليهود. بل إنه كان يعتبر المنظمات الصهيونية المراجعة أو التصحيحية بمثابة حركة فاشية حقيقية.
لذلك قام عام ١٩٣٤ وبناء على طلب من "جابوتنسكي" بتدريب فرقة كاملة من "البيتار" في المدرسة البحرية التي كان يديرها أصحاب القمصان السوداء.
و "البيتار" حركة شبابية صهيونية تأسست في عام 1923 في "ريغا بلاتفيا" بواسطة "جابوتنسكي". وهي مرتبطة بحزب "حيروت" الأصلي وفيما بعد بحزب "الليكود" السياسي في دولة الاحتلال.
والجدير بالذكر أن هناك تطابق كامل بين "البيتاريين" ونظام "موسوليني" الفاشي".
وقد تم إعداد ١٦٢ بحارا يهوديا في هذه المدرسة الفاشية، لعبوا فيما بعد دورا بارزا في إنشاء القوة البحرية اليهودية في فلسطين.
ويعتبر "البيتار" الذراع المسلح للصهاينة المراجعين أو التصحيحيين.
واعتبارا من ١٩٢٩ أصبحوا يشكلون النسبة الأكبر في الاتحاد الدولي للصهاينة المراجعين. ثم أصبحوا ضمن صفوف العصابة الإرهابية الأخطر "الإرغون".
وابتداء من عام ١٩٣٠ كان زعماء "البيتار" يشرعون أية أعمال عنف قد تؤدي أو تساهم في إنشاء الدولة اليهودية على "ضفتي الاردن". وانتخب "جابوتنسكي" عام ١٩٣١ ليكون أول زعيم لها.
ولم يتردد "موسوليني" في عام ١٩٣٥ في أن يسر إلى "دايفيد براتو" الذي أصبح فيما بعد حاخام روما بقوله "تحتاج الصهيونية كي تنجح إلى دولة يهودية، إلى علم يهودي، وإلى لغة يهودية. وهذا ما فهمه حقيقة، فاشيكم جابوتنسكي".
وقد انتقلت هذه الفاشية من جيل يميني متطرف صهيوني إلى آخر. كما انتقلت بالعدوى إلى العماليين الصهاينة. فأهداف "جابوتنسكي" لا تختلف عن أهداف "بن غوريون" حتى لو اختلفت بعض الآراء.
والدليل قول الأخير عن جماعة التصحيحيين "لا بد من النار والماء معا لإنشاء دولة اليهود".
وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على التوافق بين الصهاينة على اختلاف أنواعها. فلولا حزب العمال وآباءه ودعمهم للعصابات اليمينية المتطرفة التي ارتكبت مئات المجازر ومحت مئات القرى وهجرت ونكلت، لما قامت دولة اليهود في ٤٨ ولا توسعت في ٦٧.
واليوم لا زالت "الفاشية" ديدن هذه الدولة وقادتها. "فبنيامين نتنياهو" صورة طبق الأصل عن "جابوتنسكي" و "بيغن" و "إسحاق شامير" وهؤلاء جميعهم لا يختلفون عن"دافيد بن غوريون " ولا عن "إسحاق رابين" ولا عن "إيهود باراك".
فهم جزء من النظام الفاشي العنصري الذي يرى أن التفوق بالقوة وإزاحة الشعوب الاضعف عن طريق إبادتها بكل الطرق للوصول إلى أهدافها.
وهدف بنيامين نتنياهو اليوم في حربه على غزة كما هدف الأوائل، التوسع وقيام ما تسمى ب "إسرائيل الكبرى". والتوسع على حساب أمة أخرى من الطرق التي تبنتها الفاشية كما ذكرنا في بداية الحديث.
فخطط "سموتريتش" الاستراتيجية لإقامة المستوطنات في الضفة الغربية في المنطقة "ب" تهدف إلى منع التواصل الجغرافي الفلسطيني وبالتالي منع إقامة دولة فلسطينية.
غير أن هناك مقاومة تعمل ليل نهار على تمريغ فاشية دولة الاحتلال وجيشها بوحل غزة وتهشيم مراياها إلى غير رجعة. واستعادة الأرض من الشمال إلى الجنوب ومن النهر إلى البحر.
بوابة صيدا موقع إخباري متنوع ينطلق من مدينة صيدا ـ جنوب لبنان، ليغطي مساحة الوطن، والأمة العربية، والعالمين الإسلامي والغربي.. يقدم موقع (www.saidagate.com) خدمة إخبارية متنوعة تشمل الأخبار السياسية، والاقتصادية، والاجتماعية، والإسلامية، والمقالات المتنوعة.. تقوم سياسة الموقع على الحيادية، والرأي والرأي الآخر، يستقي الموقع أخباره، من تغطيته للأحداث، ومن وكالات الأنباء العربية والعالمية..