• لبنان
  • الثلاثاء, تشرين الثاني 11, 2025
  • اخر تحديث الساعة : 12:50:39 ص
inner-page-banner
الأخبار

هدنة أم توقف مشروط؟ المواجهة بين إسرائيل وحزب الله تتحول إلى معركة على التنفيذ والتعريفات

بوابة صيدا

تشهد الذكرى الأولى للهدنة بين إسرائيل وحزب الله جدلاً واسعاً حول طبيعتها: هل هي وقفٌ حقيقي لإطلاق النار أم مجرّد «استراحة» تتحكّم بها تل أبيب؟ تباين الروايات حول الانتهاكات وسقوط المدنيين وشروط نزع السلاح يحدّد اليوم طريقة عرض كل طرف لما حدث خلال العام الماضي.

بعد أيام قليلة من دخول الهدنة حيّز التنفيذ، كتبت المقرّرة الأممية الخاصة بالأراضي الفلسطينية "فرانسيسكا ألبانيزي" على منصة «إكس»: «الهدنة وفق المفهوم الإسرائيلي تعني: أنتم تتوقفون، ونحن نطلق النار».

في ذلك اليوم نفسه قُتل خمسة فلسطينيين برصاص الجيش الإسرائيلي رغم سريان الهدنة. وخلال الشهر الأول فقط تجاوز عدد القتلى 200 شخص. أمّا في لبنان، فالمشهد مألوف: عشية الذكرى الأولى للهدنة في 27 نوفمبر، كان عدد الضحايا اللبنانيين قد تجاوز 340 شخصاً.

وتؤكد إسرائيل أنّ هذه العمليات تدخل ضمن «إجراءات تنفيذ الاتفاق»، إذ قالت المتحدثة باسم الحكومة "شوش بيدروسيان" في 6 نوفمبر 2025: «ستواصل إسرائيل الدفاع عن جميع حدودها، كما نصرّ على التنفيذ الكامل لاتفاق وقف إطلاق النار مع لبنان».

لكنّ المحلل اللبناني "عبدالله خوري" يرى أن «ما يجري ليس وقفاً حقيقياً لإطلاق النار بل هدنة من طرف واحد»، مضيفاً أن «واشنطن سمحت لإسرائيل بضرب أي تهديد تعتبره صادراً من حزب الله»، وهو ما منح الجيش الإسرائيلي حرية تنفيذ عمليات شبه يومية في لبنان.

يضيف خوري: «كانت هدنة فُرضت على الطرف الأضعف، فحينها كان حزب الله مستعداً لقبول أي شيء لوقف القصف الإسرائيلي»، مشيراً إلى أن الغارات الإسرائيلية في خريف العام الماضي أودت بحياة نحو 4 آلاف شخص وشرّدت مليوناً على الأقل.

تركّز معظم الهجمات في الجنوب والشرق اللبنانيين، حيث القاعدة الشعبية لحزب الله. وبينما عزز الجيش اللبناني وجوده في بعض القرى الحدودية، ما زالت القوات الإسرائيلية تحتل خمس نقاط استراتيجية على الحدود. ومع تصاعد الدبلوماسية، خصوصاً مع زيارات متكرّرة لمسؤولين أميركيين، وسّعت إسرائيل نطاق أهدافها لتشمل مشاريع إنشائية ضخمة، ما عطّل جهود إعادة الإعمار. عشرات الآلاف لا يزالون نازحين منذ اندلاع تبادل النيران في 8 أكتوبر 2023.

وتقول إسرائيل إنها تستخدم «أسلحة دقيقة واستطلاعاً جوياً وإنذارات مسبقة» لتقليل الخسائر المدنية، متهمةً حزب الله بنشر أسلحته داخل مناطق مأهولة بما يخالف الاتفاق.

في الأسبوع الماضي، داهمت قوات إسرائيلية بلدة "بليدة" الحدودية قبل الفجر، وقتلت موظفاً بلدياً، ثم نفذت غارة كبرى على الجنوب. وصرّح المتحدث العسكري "أفيخاي أدرعي" أن العمليات استهدفت «أنشطة إعادة بناء عسكرية لحزب الله» محذراً من ضربات مرتقبة على «البنى التحتية الإرهابية».

في المقابل، تؤكد مصادر عسكرية لبنانية أن حزب الله التزم إلى حدٍّ كبير بالهدنة وسحب جزءاً كبيراً من سلاحه من الجنوب، ولم يخترق الاتفاق إلا مرة واحدة. إلا أن الجيش الإسرائيلي يرى أن الحزب «يواصل محاولاته لإعادة بناء قدرات قوة الرضوان» ويعتبر وجود مستودعات الأسلحة «انتهاكاً لاتفاق نوفمبر 2024»، الذي يسمح بالردّ على «التهديدات المباشرة».

بحسب وسائل إعلام لبنانية، ارتكبت إسرائيل أكثر من 4500 انتهاك للهدنة، فيما أفادت الأمم المتحدة بمقتل 103 مدنيين خلال العام.

 أحد سكان مدينة صور قال لـ *ذا ميدا لاين": «إسرائيل تفعل ما تشاء في لبنان، لا أحد يردعها».

لكن إسرائيل تردّ بأن حزب الله ما زال مسلحاً رغم الاتفاق، محذّرة عبر رئيس وزرائها بنيامين نتنياهو في 2 نوفمبر من أن «إسرائيل ستتخذ إجراءات إذا فشل لبنان في نزع سلاح حزب الله»، فيما دعا وزير الدفاع إسحق كاتس بيروت إلى «الوفاء بالتزاماتها».

يقول خوري: «الطرف المنتصر في الحرب الماضية يحاول فرض كل الشروط الممكنة، وهو يحظى بدعم أميركي واضح». ويضيف: «اللبنانيون يدركون ضعفهم، ويحاولون الحفاظ على ما تبقى من سيادتهم، لكن من دون نجاح يُذكر».

وتنصّ الهدنة على نزع سلاح حزب الله، باعتباره آخر فصيل لبناني احتفظ بسلاحه بعد الحرب الأهلية (1975–1990). وترى إسرائيل أن هذه الفقرة هي جوهر الاتفاق، مؤكدة: «لن نسمح لحزب الله بإعادة التسلّح أو استعادة قوته العسكرية التي دمّرها الجيش الإسرائيلي في حرب 2023–2024».

رغم أن الجيش اللبناني أزال جزءاً من ترسانة الحزب من الجنوب بالتنسيق معه، إلا أن حزب الله رفض تسليم أسلحته المتبقية. وتؤكد إسرائيل أنها ستواصل ضرباتها «حتى يتحقق تقدم ملموس في تقليص ترسانة الحزب».

صحيفة "هآرتس" نقلت عن مصادر استخباراتية أن «حزب الله يعمل بشكل مكثّف لاستعادة قدراته العسكرية»، معتبرة أنه «لا يزال القوة العسكرية الأبرز في لبنان». ووفق مراقبين أمنيين، نفذت إسرائيل بين 27 أكتوبر و2 نوفمبر سلسلة عمليات استهدفت مواقع للحزب جنوب وشمال نهر الليطاني، ووصفتها بأنها «عمليات تنفيذ للهدنة».

يطرح خوري تساؤلات مباشرة: «هل يشكّل حزب الله اليوم، حتى لو هرّب بعض الصواريخ القصيرة المدى من سوريا، تهديداً جوهرياً لإسرائيل؟ الجواب: لا. الكمية محدودة، لكن إسرائيل تستخدم ذلك لتبرير موقفها الأكثر تشدداً، بدعم أميركي، وللضغط على الحكومة اللبنانية لتقديم تنازلات سياسية».

في المقابل، تقول إسرائيل إن «المسألة تتعلق بتراكم القدرات لا بالشحنات الفردية»، مؤكدة عزمها على استهداف أي «نشاط لإعادة بناء القدرات العسكرية قرب الحدود».

تحت ضغط متزايد من واشنطن وتل أبيب، وافقت الحكومة اللبنانية وحزب الله على المضي في خطة مدعومة أميركياً لإشراك مدنيين لبنانيين في المحادثات الجارية مع إسرائيل. ومع اقتراب ذكرى الهدنة، تصف إسرائيل عملياتها الأخيرة بأنها «إجراءات تنفيذية مؤقتة» وليست عودة إلى الحرب، مؤكدة أنها أنهت جولة ضربات ضد أهداف مرتبطة بإعادة تسليح الحزب.

ويختتم خوري قائلاً: «اللبنانيون، تحت ضغط هائل، يقدّمون تنازلات محدودة لكنها حقيقية. الأميركيون لا يريدون حرباً جديدة الآن، ولذلك يواصلون هذا المسار طالما أن لبنان يستجيب جزئياً. لكن في نهاية المطاف، أمامنا خياران: إمّا قبول تسوية تُرضي الإسرائيليين والأميركيين، أو العودة إلى الحرب، حيث ستفرض إسرائيل شروطها بالقوة لأن لبنان لا يملك القدرة على المقاومة».

وترى إسرائيل أن تفادي هذا السيناريو «يتطلب تنفيذاً كاملاً لبنود نزع السلاح وإنهاء ما تسميه إعادة تسليح حزب الله تحت غطاء الهدنة».

(تايلور توماس – The Media Line)

بوابة صيدا

الكاتب

بوابة صيدا موقع إخباري متنوع ينطلق من مدينة صيدا ـ جنوب لبنان، ليغطي مساحة الوطن، والأمة العربية، والعالمين الإسلامي والغربي.. يقدم موقع (www.saidagate.com) خدمة إخبارية متنوعة تشمل الأخبار السياسية، والاقتصادية، والاجتماعية، والإسلامية، والمقالات المتنوعة.. تقوم سياسة الموقع على الحيادية، والرأي والرأي الآخر، يستقي الموقع أخباره، من تغطيته للأحداث، ومن وكالات الأنباء العربية والعالمية..

مدونات ذات صلة