بوابة صيدا
وسط فصول التوتر الدولي وتعمّق الصراع المالي – الدبلوماسي حول إيران، ظهر تقرير استقصائي لصحيفة "وول ستريت جورنال" يكشف أن الصين أنشأت آلية خفيّة، شبيهة بالمقايضة، لكي تواصل استيراد النفط الإيراني من دون المرور بالنظام المصرفي الدولي، متجاوزة بذلك العقوبات الأميركية المفروضة على طهران.
ملامح الصفقة السرّية
بحسب مصادر غربية مطّلعة استعانت بها الصحيفة، فإن الآلية تعمل بهذا المسار:
1. النفط مقابل المشاريع: تُرسل إيران شحنات نفطية إلى الصين، مقابل أن تقوم شركات صينية تابعة للدولة بتنفيذ مشاريع بنية تحتية داخل الأراضي الإيرانية، كالمواصلات، المطارات، محطات الطاقة وغيرها.
2. الكيان المالي الغامض: يُعتقد أن هناك وسيطًا ماليًا صينيًا خفيًا يُدعى “Chuxin” – لا يظهر اسمه في قوائم البنوك والشركات المعلنة – تتلقى فيه المبالغ التي تودعها الجهات الصينية، ليُحوَّل منها الدفع إلى المقاولين المنفذين في إيران.
3. دور الضمان عبر “Sinosure”: شركة التأمين الحكومية الصينية Sinosure (China Export & Credit Insurance) تلعب دورًا محوريًا في تأمين مشاريع البنى التحتية التي تُنفَّذ في إيران، مما يُخفف المخاطر ويُسهّل الموافقة على تنفيذ تلك الصفقات.
4. طريقة الشحن والتسليم المموَّهة: النفط الإيراني غالبًا ما يُنقَل عبر عمليات تحويل من سفينة إلى سفينة (ship-to-ship transfers) وخلطه مع نفوط من دول ثالثة، بحيث يُخفى بوضوح الأصل الحقيقي للحمولة في السجلات المعتمدة.
5. الحجم المالي: يُشير التقرير إلى أن القيمة المُحوَّلة عبر هذا النظام في السنة الماضية قد بلغت نحو 8.4 مليار دولار، ما يُشكّل شريانًا حيويًّا للاقتصاد الإيراني وسط الضغوط والعزلة المالية.
6. تجَنُّب الكشف الرسمي: الكيان “Chuxin” غير مدرج في قوائم البنوك الصينية المعلنة، ولا يظهر في السجلات العامة، ما يجعله معزولًا إلى حد كبير عن الرقابة المالية الرسمية.
ردود الفعل والمواقف المتوقعة
الولايات المتحدة: قد تستعمل هذا الكشف لفرض مزيد من العقوبات على الشركات الصينية المتورطة، وربما تستهدف “Sinosure” أو كيانات مرتبطة بها إذا تأكد الربط بين هذه الآلية والعقوبات.
وتوسيع نطاق العقوبات قد يخلق توتّر جديد في العلاقات الأميركية – الصينية، ويُشكّل اختباراً لقدرة واشنطن على مراقبة التدفقات غير التقليدية |
الصين: مرجّح أن تنفي الحكومة أو تقول إنها «غير مطلعة» على التفاصيل الدقيقة، وتؤكد أنها تلتزم بالقانون الدولي وتدعو لرفض العقوبات الأحادية.
و ستسعى للحفاظ على توازن دقيق بين مصالحها في الطاقة والتجارية وبين التعرّض للمزيد من العقوبات أو الإضرار بمؤسساتها المالية الكبرى.
إيران: يُتوقّع أن تستخدم تقريرًا كهذا دليلاً على قدرتها على المناورة في مواجهة الضغوط، وتعزيز حجّتها في أن علاقاتها مع الصين استراتيجية وليس مجرد تجارة نفطية.
هذه الآلية تمنح إيران دعماً للبنية التحتية وتحافظ على قدر من العائدات النفطية في ظل العزلة المالية الشديدة.
الوسط الدولي والمجتمع المالي: قد يُثار نقاش حول مدى فاعلية العقوبات الغربية، والضرورة لتطوير آليات رقابية جديدة لمراقبة الشبكات الموازية للتمويل والتجارة.
وقد تظهر دعوات لتنسيق رقابي دولي أقوى، وربما مقترحات لتعزيز الشفافية في القطاعات المالية واللوجستية.
ماذا يعني هذا في السياق الإقليمي والعالمي؟
* هذا الكشف يُظهر كيف يمكن للفاعلين الدوليين أن يتجاوزوا القيود المفروضة عليهم عبر إنشاء شبكات مالية وتجارية موازية، مما يُضعف فعالية العقوبات التقليدية.
* من الناحية الجيوسياسية، تُرسّخ الصين موقعها كشريك استراتيجي لإيران، ليس كمشتري نفط فحسب، بل كممول لمشاريع تنموية في الداخل الإيراني، ما يرفع من وزنها في الحسابات السياسية الإقليمية.
* الدول التي تفرض العقوبات تواجه تحديات تقنية وقانونية ضخمة في مراقبة هذه الشبكات المعقّدة، بحيث تصبح السيطرة على التدفقات المالية غير الرسمية أصعب من فرض العقوبات على البنوك الكبرى.
* لقد أُثير في التقارير أيضًا مفهوم الأساطيل المظلمة (shadow fleets) التي تُستخدم لتحريك النفط بطريقة مُموَّهة عبر البحار، وهو جزء من البنية التحتية اللازمة لهذه العملية.
بوابة صيدا موقع إخباري متنوع ينطلق من مدينة صيدا ـ جنوب لبنان، ليغطي مساحة الوطن، والأمة العربية، والعالمين الإسلامي والغربي.. يقدم موقع (www.saidagate.com) خدمة إخبارية متنوعة تشمل الأخبار السياسية، والاقتصادية، والاجتماعية، والإسلامية، والمقالات المتنوعة.. تقوم سياسة الموقع على الحيادية، والرأي والرأي الآخر، يستقي الموقع أخباره، من تغطيته للأحداث، ومن وكالات الأنباء العربية والعالمية..