المجتمع

م. محمود بصراوي ـ بوابة صيدا

قد يظن البعض أن المستندات المطبوعة مجرد أوراق عادية لا تحمل أي بصمة رقمية، لكن الحقيقة مختلفة تمامًا. هناك تقنية خفية تعتمدها بعض الشركات المصنّعة للطابعات تجعل الورقة المطبوعة تحمل بصمة خاصة بالطابعة، أشبه ببطاقة هوية لا تراها العين.

ما هي هذه التقنية؟

تُعرف باسم رموز تعريف الطابعة (Machine Identification Code – MIC) أو أحيانًا الطباعة الخفية (Printer Steganography).

الفكرة ببساطة: عند طباعة مستند على بعض الطابعات الليزرية الملوّنة، يتم إضافة نقاط دقيقة جدًا باللون الأصفر موزعة على الورقة بشكل شبكي. هذه النقاط غير مرئية بالعين المجردة، لكنها تكشف الكثير من المعلومات عند فحصها تحت تكبير أو باستخدام ضوء أزرق خاص.

ماذا تحتوي هذه النقاط؟

عادةً ما تُشفَّر فيها بيانات مثل:

• الرقم التسلسلي للطابعة.

• تاريخ ووقت الطباعة بالدقيقة.

• أحيانًا معلومات إضافية تتعلق بالطراز أو المصنع.

بهذا الشكل، تصبح كل ورقة مطبوعة مرتبطة بشكل مباشر بجهاز معيّن وزمن محدد.

لماذا يتم استخدام هذه التقنية؟

الهدف المعلن هو مكافحة التزوير والجرائم المالية، خصوصًا محاولات طباعة الأوراق النقدية أو الوثائق الرسمية.

بفضل هذه العلامات، تستطيع الجهات المختصة تتبع مصدر الورقة ومعرفة الطابعة التي أنتجتها.

هل كل الطابعات تفعل ذلك؟

• الطابعات الليزرية الملوّنة: الأكثر استخدامًا لهذه التقنية.

 • الطابعات الأبيض والأسود: غالبًا لا تضيف هذه النقاط.

• الطابعات النافثة للحبر (Inkjet): في معظمها لا تحتوي على هذه الخاصية.

كيف يمكن رؤية هذه العلامات؟

• باستخدام عدسة مكبرة قوية.

• أو عبر إضاءة فوق بنفسجية (UV) أو ضوء أزرق.

• تظهر على شكل نقاط صفراء صغيرة جدًا موزعة بشكل شبكي متكرر.

الجانب المثير للجدل

بينما ترى الحكومات أن هذه التقنية ضرورية للأمن، هناك من يعتبرها مساسًا بالخصوصية، لأن أي ورقة مطبوعة قد تكشف مصدرها دون علم صاحبها. منظمات حقوقية وتقنية (مثل EFF) سبق أن أثارت النقاش حول ضرورة الشفافية ومنح المستهلكين خيار تعطيلها.

الخلاصة:

قد تبدو الأوراق المطبوعة بسيطة، لكنها في الحقيقة تحمل وراءها بصمة رقمية تجعلها قابلة للتتبع. هي أداة أمنية فعالة من جهة، لكنها تفتح بابًا كبيرًا للنقاش حول الخصوصية من جهة.