م. محمود بصراوي ـ بوابة صيدا
في السنوات الأخيرة، أصبح الذكاء الاصطناعي حديث كل القطاعات بلا استثناء، من التصنيع والخدمات المالية وصولًا إلى التعليم والرعاية الصحية. ورغم الحماس الكبير الذي يرافق هذه الموجة، فإن اعتماد هذه التكنولوجيا المتسارعة في بيئة العمل لا يخلو من تحديات وتكاليف خفية قد يغفل عنها الكثيرون.
1. إعادة تشكيل القوى العاملة
إدخال أنظمة الذكاء الاصطناعي يعني بالضرورة إعادة النظر في أدوار الموظفين. بعض الوظائف ستختفي أو تُعاد صياغتها، فيما ستنشأ وظائف جديدة تتطلب مهارات متقدمة في التحليل، البرمجة، وإدارة البيانات. هذه التحولات تستلزم استثمارات ضخمة في التدريب وإعادة التأهيل، ما قد يثقل كاهل المؤسسات التي لا تملك خططًا استراتيجية واضحة.
2. البنية التحتية والتكلفة التقنية
الذكاء الاصطناعي ليس مجرد “برمجية جاهزة”، بل يتطلب بيئة تقنية متكاملة: خوادم قوية، شبكات آمنة، منصات سحابية، وأدوات متخصصة لتحليل البيانات. الاستثمار في هذه البنية قد يتجاوز أحيانًا الكلفة التشغيلية الحالية، مما يخلق فجوة بين المؤسسات الكبيرة والقادرة ماليًا، وتلك الصغيرة أو الناشئة.
3. التحديات الأخلاقية والقانونية
كلما زادت قدرة الذكاء الاصطناعي على اتخاذ قرارات مستقلة، ازدادت الأسئلة الأخلاقية: من يتحمل مسؤولية خطأ الخوارزمية؟ وكيف نضمن عدم تحيز النماذج المستخدمة؟ كذلك، يفرض المشرّعون حول العالم قيودًا جديدة لحماية الخصوصية وضمان الاستخدام العادل، ما يزيد من التعقيدات التي تواجه إدارات الموارد البشرية والقانونية.
4. تأثيره على الثقافة المؤسسية
قد يؤدي الاعتماد الكبير على الأنظمة الذكية إلى تراجع التواصل البشري المباشر داخل الفرق، ما يؤثر على الإبداع وروح التعاون. ومن هنا تأتي أهمية موازنة استخدام الذكاء الاصطناعي مع تعزيز مهارات التعاطف والتواصل بين الأفراد.
خلاصة
الذكاء الاصطناعي ليس مجرد أداة تكنولوجية بل قوة محركة لإعادة تشكيل بيئة العمل. ورغم المنافع الكبيرة من حيث الكفاءة والإنتاجية، إلا أن هناك ثمنًا غير مباشر يتمثل في التكاليف البشرية، التقنية، والثقافية. على المؤسسات أن تنظر إلى هذه التحديات بعين استراتيجية، فتستثمر في الإنسان بقدر استثمارها في التقنية، حتى تجني ثمار الذكاء الاصطناعي دون أن تدفع ثمنًا باهظًا على المدى البعيد.
بوابة صيدا موقع إخباري متنوع ينطلق من مدينة صيدا ـ جنوب لبنان، ليغطي مساحة الوطن، والأمة العربية، والعالمين الإسلامي والغربي.. يقدم موقع (www.saidagate.com) خدمة إخبارية متنوعة تشمل الأخبار السياسية، والاقتصادية، والاجتماعية، والإسلامية، والمقالات المتنوعة.. تقوم سياسة الموقع على الحيادية، والرأي والرأي الآخر، يستقي الموقع أخباره، من تغطيته للأحداث، ومن وكالات الأنباء العربية والعالمية..