• لبنان
  • الجمعة, أيلول 05, 2025
  • اخر تحديث الساعة : 1:37:28 ص
inner-page-banner
المجتمع

التقنية: تُبهر أولًا.. ثم تتباطأ

م. محمود بصراوي ـ بوابة صيدا

مقدمة

من يتأمل مسار تطور التقنية عبر العقود يدرك أنّ لها دورة متكرّرة؛ تبدأ بالانبهار والاندهاش عند ظهورها، ثم تدخل في مرحلة استقرار وتباطؤ يبدو فيها التطور أقل وضوحًا. هذه الظاهرة ليست مجرد مصادفة، بل هي سمة متجذّرة في طبيعة الابتكارات البشرية.

الانبهار الأول

حين ظهرت الهواتف الذكية في بداياتها، كان الانتقال من الهواتف التقليدية إلى شاشات اللمس ثورة حقيقية. شكّل ذلك نقلة نوعية في طريقة تفاعلنا مع العالم الرقمي؛ تطبيقات جديدة، وسائل تواصل مبتكرة، وخدمات لم يكن العقل يتخيلها سابقًا.

في هذه المرحلة، كان كل إصدار جديد بمثابة “قفزة” تُحدث فرقًا واضحًا بين جيل وآخر.

مرحلة التباطؤ

لكن، ومع مرور السنوات، بدأت الهواتف الذكية تدخل مرحلة الاستقرار. صحيح أن الكاميرات تحسّنت والمعالجات صارت أسرع، إلا أن الفارق بين جهاز صدر اليوم وآخر صدر قبل ثلاث سنوات لم يعد مدهشًا كما كان في البدايات. التقنية هنا بلغت نضجًا جعل وتيرة التطوير تبدو أبطأ وأقل إثارة.

لماذا يحدث هذا؟

• قانون العوائد المتناقصة: كلما تطورت التقنية أكثر، يصبح من الأصعب إيجاد قفزات نوعية جديدة.

• تشبّع السوق: المستخدمون لم يعودوا بحاجة إلى تغييرات جذرية، بل يبحثون عن تحسينات عملية.

• التركيز على الاستدامة: الشركات صارت أكثر اهتمامًا بتطوير التفاصيل الصغيرة، مثل تحسين عمر البطارية أو تقليل استهلاك الطاقة.

دروس لنا

هذه الظاهرة تعلمنا أن الانبهار ليس دائمًا، وأن على الفرد والمجتمع أن يتعلموا كيف يواكبون التقنية دون أن يكونوا أسرى لسطوعها الأول. فالفرق الحقيقي لم يعد في الأجهزة ذاتها، بل في طريقة استثمارنا لها في حياتنا اليومية ومشاريعنا وأفكارنا.

خاتمة

التقنية تُبهر أولًا.. ثم تتباطأ. لكن تباطؤها لا يعني موتها، بل يعني نضجها. فالمستقبل لا يتوقف عند انبهار البداية، بل عند كيفية تحويل هذا الانبهار إلى قيمة مستدامة تعود بالنفع على الإنسان. 

بوابة صيدا

الكاتب

بوابة صيدا موقع إخباري متنوع ينطلق من مدينة صيدا ـ جنوب لبنان، ليغطي مساحة الوطن، والأمة العربية، والعالمين الإسلامي والغربي.. يقدم موقع (www.saidagate.com) خدمة إخبارية متنوعة تشمل الأخبار السياسية، والاقتصادية، والاجتماعية، والإسلامية، والمقالات المتنوعة.. تقوم سياسة الموقع على الحيادية، والرأي والرأي الآخر، يستقي الموقع أخباره، من تغطيته للأحداث، ومن وكالات الأنباء العربية والعالمية..

مدونات ذات صلة