• لبنان
  • الاثنين, آذار 10, 2025
  • اخر تحديث الساعة : 12:22:29 ص
inner-page-banner
مقالات

أين "الغرينتا" السنية في مواجهة استبداد "الشيعية السياسية"؟

سامر زريق ـ نداء الوطن

خاضت "السنية السياسية" معركة قاسية في مواجهة سعي "العونية" الدائم، قبل عهد الرئيس ميشال عون وخلاله، إلى الانتقاص من هيبة ودور رئاسة الحكومة، تحت شعارات مضللة عنوانها استرداد الصلاحيات التي سلبها اتفاق "الطائف" من رئيس الجمهورية.

بيد أن انزواء "العونية"، الظاهرة والشخصية، لم يفضِ إلى تحرّر حامل مفتاح "السراي" من أعباء خوض معارك لحماية الصلاحيات الدستورية لعرشه المنتظر. لكنه عرّى المحرّك الأصلي الذي يقف خلف هذه الظاهرة التي طبعت حقبة برمّتها، وعقّدت عملية استيلاد الحكومات: "الحزب" الإلهي، وذراعه السياسية الضاربة "أمل"، أو "حزب الله" بـ "كرافات".

والحال أن "الحزب" وذراعه السياسية برعا في استغلال نزق العونية وشهوتها السلطوية التي لا تعرف الشبع، من أجل دفعها إلى دائرة الضوء الإعلامي، للتغطية على مسار سياسي رامَ فرض وصاية دائمة على رئاسة الحكومة، وتحويلها من رأس السلطة الإجرائية، إلى "باش كاتب" تارة، و"بوسطجي" أطواراً. إلا أن المفارقة هي في طريقة تعامل السنّة المتّسم ببرودة موصوفة إزاء استبداد "الشيعية السياسية"، على النقيض من الحماوة التي خِيض بها النزال مع "العونية"، وما صاحبه من عمليات "تسخين" مذهبي.

إحداها، حينما أرسل رئيس الجمهورية السابق ميشال عون مسوّدة التشكيلة الحكومية إلى الرئيس المكلف وقتها، سعد الحريري، عبر درّاج من قوى الأمن الداخلي، لتعبئة الفراغات المتبقية بالاسم المناسب. فهبّ الأخير ورهطه "المستقبلي"، ومعهما شطر واسع من السنّة، لشن حملة عنيفة ومحقّة على الرئيس عون وحامل ختمه جبران باسيل.

لكن الحريري نفسه، و"الملأ" السني، لم يجدا غضاضة في إرسال رئيس البرلمان أسماء الوزراء الشيعة، في ظرف مقفل ممهور بختم "عين التينة"، إلى الرئيس المكلف في بعبدا، لإسقاطها على تشكيلة الحكومة، وإصدار مراسيمها، من دون أن يكون له، أو لرئيس الجمهورية، فرصة إبداء الرأي في الأسماء المرسلة. وهذا الأمر رافق عملية تشكيل الحكومات، على الأقل منذ اتفاق "الإذعان" في "الدوحة". فهل الاعتداء على صلاحيات رئاسة الحكومة مرفوض إن كان عونياً أو مسيحياً فقط؟ ومقبول إن كان شيعياً؟ أو أن بري يحق له ما لا يحق لغيره؟ يبدو ذلك.

اليوم، ينأى السنة بأنفسهم عن تلقّف التحوّلات التاريخية في لبنان والمنطقة، وما أتاحته من فرصة القيام بـ"ريمونتادا" تاريخية تُنهي الوصاية التي فرضها بري و"الحزب" على رئاسة الحكومة، والتي لا تقف عند حدود احتكار التمثيل الشيعي، بل تمتد لتصل إلى قرار الحكومة نفسها، من خلال الهيمنة على التوقيع المالي، واستخدامه ليس لفرض رؤية إصلاحية، بل من أجل تعطيل قرار مجلس الوزراء، وابتزاز رئيسه والقوى السياسية. فتحوّل شاغل المالية إلى وزير فوق الوزراء، ورقيب غير دستوري على زملائه ورئيسه، من دون تحمّل أيّ تبعات قانونية. وهذا بالضبط ما كان يشكو منه المسلمون إزاء الصلاحيات الواسعة لرئاسة الجمهورية قبل "الطائف".

والـ"ريمونتادا" مصطلح إسباني يعني العودة الإعجازية، يُتداول بكثرة لدى متابعي بطولات كرة القدم الأوروبية، حينما يكون فريق متأخراً في النتيجة ويعود من بعيد لينتصر. من الواضح أن السنة يعانون من غياب "الغرينتا" التي يمكن من خلالها إحاطة الرئيس المكلف بشبكة حماية، تعينه على مواجهة استبداد "الشيعية السياسية"، وتضغط عليه عندما تزلّ قدمه بعض الشيء. و"الغرينتا" مصطلح إيطالي شهير، يرمز إلى الروح القتالية الممزوجة بالمعنويات العالية.

ذلك أنه ما من موقف سني واحد خرج للدفاع عن مقام رئاسة الحكومة في ظل كل ما يتعرض له القاضي نواف سلام من عمليات ترهيب لإبقاء حجر الوصاية جاثماً على صدر حكومته، ولا إزاء اتهام الرئيس بري لرفيق الحريري بالغدر، على مسافة أيام من ذكرى اغتياله. ترى هل اطلعت النخب السنية على ما نشر من كتاب "البرزخ" للرئيس نبيه بري، حول إدارته، ومن موقعه الرسمي، التحضيرات لمحاصرة السراي الحكومي عام 2006، والتداول بإمكانية اقتحامها؟

من الضرورة التذكير بأن صلابة الموقف والخطاب السياسي يحدثان فارقاً واضحاً في حماية عرش السراي وصولاً إلى تحريره من إسار الوصاية. بيد أنه ثمة لامبالاة سنية عجيبة، تعبّر عن حالة ركود سياسي تراكمت تحت تأثير الوصايات، والاختراقات البنيوية لـ "الشيعية السياسية"، إلى الحد الذي أضحت معه صناعة السياسة عند السنة عملية صعبة ومعقدة. 

بوابة صيدا

الكاتب

بوابة صيدا موقع إخباري متنوع ينطلق من مدينة صيدا ـ جنوب لبنان، ليغطي مساحة الوطن، والأمة العربية، والعالمين الإسلامي والغربي.. يقدم موقع (www.saidagate.com) خدمة إخبارية متنوعة تشمل الأخبار السياسية، والاقتصادية، والاجتماعية، والإسلامية، والمقالات المتنوعة.. تقوم سياسة الموقع على الحيادية، والرأي والرأي الآخر، يستقي الموقع أخباره، من تغطيته للأحداث، ومن وكالات الأنباء العربية والعالمية..

مدونات ذات صلة