بديعة النعيمي ـ بوابة صيدا
ما الذي يمكن "بنيامين نتنياهو" من البقاء في رئاسة الوزراء لهذا العدد من الدورات؟
من المعلوم أن "نتنياهو" اعتلى سدة حكمه في دورتها الأولى وليست الأخيرة ما بين ١٩٩٦-١٩٩٩. تلتها ثلاث دورات متتالية منذ عام ٢٠٠٩ وحتى يومنا هذا. ما جعله يتفوق على جنرالات عسكرية كان لهم الدور الكبير في بناء دولة الاحتلال.
فهذا "ديفيد بن غوريون" أول رئيس حكومة لدولة الاحتلال بعد قيامها، والذي يعد من طلائع الحركة العمالية الصهيونية في مرحلة التأسيس وله الدور البارز في قيام هذه الدولة، نجده وقد واجه صراعات داخلية في حزبه "مباي" على قضية "لافون" والتي كان من نتيجتها زعزعة مكانته في أوساط الشارع اليهودي الذي أخذ بالبحث عن بديل له، ما دفعه على تقديم استقالته والانزواء بنفسه والابتعاد عن السياسة.
و "غولدا مائير" التي أجبرت على تقديم استقالتها بعد التقصير الذي حصل بسبب حرب أكتوبر عام ١٩٧٣ وكانت حينها رئيسة الوزراء في دولة الاحتلال، حيث تعرضت بعد الحرب لضغوطات داخلية دفعتها أيضا إلى تقديم استقالتها.
أما "إسحاق رابين" والذي تسلم رئاسة الوزراء كخلف ل "غولدا مائير" فقد تم اغتياله عام ١٩٩٥ أثناء مهرجان خطابي مؤيد "للسلام" ولدوره في اتفاقية "أوسلو" عام ١٩٩٤ على يد اليهودي المتطرف "إيجال امير" بتحريض من "بنيامين نتنياهو".
أما "إيهود باراك" المنتخب عام ١٩٩٧ فقد قدم استقالته إثر هزيمة سياسية مع حزبه على صعيد التفاوض مع الطرف الفلسطيني. والقائمة تطول...
فلماذا "نتنياهو" وهو المتهم بقضايا فساد كبيرة والغير مبال بأسراه لدى حركة حماس، لم يجد إلى اليوم وقد قاربت حربه على غزة على العام، من يغتاله أو يزيحه من مكانه؟
كنت قد تناولت في مقال سابق الطبيعة التي أصبحت عليها اليوم دولة الاحتلال من ازدياد عدد المتدينين من الجماعات اليمينية المتطرفة وخاصة في المستوطنات والتي تعد اليوم بالآلاف، وأن كل مستوطنة لا تخلو من وجود مدارس دينية تخرج قطعان المستوطنين المتطرفين بحكم حاخامي يسيطر على مفاصل الدولة.
وحيث أن "نتنياهو" معبأ بالكراهية والحقد والتطرف والإرهاب والأطماع التوسعية التي تجسدها مقولات منها "الأردن ضفتان هذه لنا وتلك أيضا" فقد كان هو التعبير الحي عن صوت الشارع اليهودي الذي يغص بالمتطرفين المؤيدين لسياسته المتطرفة التوسعية.
وعند ذكر الحاخامات لا بد من العودة للماضي والتعريج على مقابلة جرت بين "بنيامين نتنياهو" والحاخام "ملوبيبتش" في مدينة "بروكلين". ويذكر أن هذه المقابلة سحرت هذا الحاخام حين تحدث خلالها "نتنياهو" عن الطريقة التي يحارب بواسطتها الإرهاب وعن قوة الصمود اليهودية. هذه المقابلة جعلت الحاخام فيما بعد يتبنى "نتنياهو " حين قرر دخول معترك السياسة. فجمع عددا من نشيطي حركة "حباد"، حيث أصبحوا ضباط ميدان له في دولة الاحتلال. ومن هؤلاء من كان من كبار تجار المجوهرات ومنهم في مراكز حساسة في الدولة.. وقد قاموا بتجنيد موظفين وعمال حين قام "نتنياهو" بترشيح نفسه لانتخابات "الليكود" بعد ١٢ عاما من لقاءه مع الحاخام في "بروكلين".
وبالرغم من فضيحة قضية شريط التسجيل الذي كان يحمل معلومات ومواد مصورة ومسجلة وموثقة لقضية غرامية بين "نتنياهو" وامراة أخرى عام ١٩٩٣, أي وقت ترشحه إلا أنها لم تؤثر على مستقبله السياسي كما اراد له منافسيه من الحزب.
بل إن "نتنياهو" خرج في بث حي ومباشر على شاشة التلفزيون واعترف بقصة الخيانة وهاجم منافسيه دون أن يزعزع من مكانته لدى جمهوره وخاصة المتدينين.
والمعنى أن الشارع اليهودي لو أراد إسقاط "نتنياهو" لأسقطه، غير أن هذا الشارع يريده وبقوة لأنه يمثل أطماعه وأفكاره التي تنادي بإبادة الشعب الفلسطيني والسير قدما بسياسة التوسع.
فالشارع بحاخاماته ومستوطنيه يدعمه ويقف خلفه ولا تغرنا المظاهرات والاحتجاجات التي تطالب بصفقة تبادل واستعادة الأسرى. لأن كل هذا في كفة وقبول الشارع عامة له في الكفة الأخرى الراجحة.
لكنها حكمة الله في إطالة حكم هذا الطاغية المجرم الذي يجر دولة الاحتلال إلى نهايتها، فهو اليوم يدعي الانتصار وخاصة بعد قضية البيجرات التي تفجرت بآلاف من عناصر حزب الله ويفتح على نفسه ثلاث جبهات في الشمال ومع الضفة الغربية ومع عرين الأسود الذي أذاقه العلقم ودفعه للهذيان بنشوة الانتصار الزائف.
بوابة صيدا موقع إخباري متنوع ينطلق من مدينة صيدا ـ جنوب لبنان، ليغطي مساحة الوطن، والأمة العربية، والعالمين الإسلامي والغربي.. يقدم موقع (www.saidagate.com) خدمة إخبارية متنوعة تشمل الأخبار السياسية، والاقتصادية، والاجتماعية، والإسلامية، والمقالات المتنوعة.. تقوم سياسة الموقع على الحيادية، والرأي والرأي الآخر، يستقي الموقع أخباره، من تغطيته للأحداث، ومن وكالات الأنباء العربية والعالمية..