ديا تشاكرافارتي ـ التلغراف
قصص فشل الدولة التي أواجهها خلال إعداد مقالات "مراقبة الهدر" لا ترتبط دائماً بخسائر مالية يمكن حسابها بسهولة، لكنها تظل ذات أهمية كبيرة للقراء المهتمين بتدقيق أفعال الدولة أو تقاعسها، ومساءلة المسؤولين عنها.
في هذا السياق، يسلّط المقال الضوء على الإصلاحات التي تبحثها الحكومة الاسكتلندية حالياً، والتي قد تؤدي إلى تشريع الإجهاض الانتقائي على أساس الجنس. هذا النوع من الإجهاض لا يُعتبر حتى الآن من "الأسباب القانونية" وفق قانون الإجهاض لعام 1967، لكن تقريراً صدر الأسبوع الماضي أوصى بألا يتضمن أي تشريع مستقبلي نصاً صريحاً يمنع الإجهاض على أساس الجنس.
الحزب الوطني الاسكتلندي (SNP) يبرّر موقفه بالقول إن حظر هذه الممارسة قد يؤدي إلى "التمييز العرقي" ضد نساء من مجتمعات يُعتقد أن الإجهاض الانتقائي يحدث فيها. المفارقة أن الحزب، الذي ينشغل عادةً بقضايا الهوية الجندرية، اكتشف فجأة أهمية الجنس حين تعلق الأمر بفتح الباب أمام انتهاك آخر لفضاء المرأة الآمن: رحمها.
لديّ تجربة شخصية مع هذه القضية، إذ أنتمي إلى مجتمع يرى كثيرون فيه أن قيمة الفتيات أقل من قيمة الصبيان. أتذكر أن والدتي تلقّت رسائل تعزية بعد ولادتي لأنها "فشلت" في إنجاب ابن. كما نشأت وأنا أشاهد رسوماً كرتونية ممولة من الأمم المتحدة في بنغلادش، كانت تهدف إلى التوعية بهذه المشكلة.
على مدى عقود، ناضلت نسويات حول العالم ضد الإجهاض الانتقائي. ففي الهند مثلاً، صدر عام 1994 قانون يمنع الكشف عن جنس الجنين، بعدما تسببت هذه الممارسة في اختلال التوازن بين نسب المواليد من الذكور والإناث.
لكن المفاجأة أن بعض النسويات في الغرب يقدّمن دعماً لهذه الممارسة بدعوى محاربة "العنصرية" ومنع "الوصم العرقي". وكأنهن يعتبرن أن قتل الأجنّة الإناث جزء أصيل لا يمكن إصلاحه في بعض المجتمعات، وهو ما يبدو في جوهره رؤية عنصرية.
كيف وصلنا إلى هنا؟ منذ أن قرر الليبراليون الغربيون الدفاع عن فكرة أن جميع الثقافات متساوية، لم يعد الفعل نفسه هو المهم، بل هوية الفاعل. وهكذا يُسمح حتى بقتل الأجنّة الإناث، طالما أن الفعل صادر عن أقليات.
هذا المنطق يعيد إلى الأذهان فضائح "عصابات الاستغلال الجنسي"، حيث جرى التركيز على هوية الجناة أكثر من الجريمة نفسها، وكانت الضحايا فتيات بيض من الطبقة العاملة. واليوم، إذا مضت الإصلاحات المقترحة قدماً، ستكون الضحية نساء من الأقليات وبناتهن غير المولودات.
هذه الرؤية تغذّيها مؤسساتنا التي تعاني من التآكل منذ سنوات. ففي عام 2013، أثار قرار النيابة العامة البريطانية عدم ملاحقة أطباء وافقوا على إجراء إجهاض انتقائي غضباً واسعاً، إذ بررت النيابة موقفها بأنه "لا يخدم المصلحة العامة"، رغم وجود أدلة كافية. المسؤول عن ذلك القرار كان مدير النيابة العامة آنذاك، كير ستارمر.
بوابة صيدا موقع إخباري متنوع ينطلق من مدينة صيدا ـ جنوب لبنان، ليغطي مساحة الوطن، والأمة العربية، والعالمين الإسلامي والغربي.. يقدم موقع (www.saidagate.com) خدمة إخبارية متنوعة تشمل الأخبار السياسية، والاقتصادية، والاجتماعية، والإسلامية، والمقالات المتنوعة.. تقوم سياسة الموقع على الحيادية، والرأي والرأي الآخر، يستقي الموقع أخباره، من تغطيته للأحداث، ومن وكالات الأنباء العربية والعالمية..