• لبنان
  • الأحد, آب 17, 2025
  • اخر تحديث الساعة : 6:23:54 ص
inner-page-banner
مقالات

زيارة دبلوماسية على وقع المتغيرات

العميد (م) حسين الشيخ علي  ـ بوابة صيدا

جاءت زيارة علي لاريجاني أمين عام المجلس الأعلى للأمن القومي في إيران الى بيروت اليوم، من ضمن الزيارات المكوكية التي اعتاد الدبلوماسيون الإيرانيون على القيام بها الى لبنان، في ظروفٍ حصلت فيها تغييرات كبيرة في المنطقة، أدت الى إختلال في موازين القوى لصالح اسرائيل والولايات المتحدة الأميركية.

ونتج عنها انتخاب رئيس للجمهورية وتسمية رئيس حكومة وتأليفها في لبنان من خارج تأثير محور الممانعة الوهمي. وهذا ما لم يستوعبه النظام الإيراني الذي كان وما زال يعتبر لبنان إحدى المحافظات الإيرانية، التي عهد بولايتها الى حزب الله، وزوده بالأسلحة والذخائر وساعده على إنشاء جيشاً رديفاً في داخل الدولة اللبنانية، مخترقاً لسيادتها لعشرات السنوات ومستعملاً أراضيها لتحقيق المصالح الإيرانية في الصراع مع إسرائيل والدول العربية والولايات المتحدة الأميركية.

شعر الزائر الثقيل بهزالة الإستقبال السياسي الرسمي له على أرض المطار، حيث كان في استقباله موظف ممثل لوزارة الخارجية اللبنانية، وبعدها سمع كلاماً دبلوماسياً من رئيس الجمهورية، بمثابة توبيخ للدور الإيراني الذي يدّعي حماية لبنان، ويخرق سيادته في ذات الوقت، بدعمه مكوناً طائفياً، بطرق من خارج القنوات الدبلوماسية المعتمدة بين الدول. كما دعاه رئيس الحكومة الى وقف تدخل المسؤولين الإيرانيين في شؤون لبنان الداخلية، وعدم مناقشة القرارات السيادية للحكومة اللبنانية المتعلقة بحصر السلاح في يد القوى الشرعية اللبنانية، والى الكف عن استعمال لبنان ساحة للرسائل الإقليمية.

غاب عن بال لاريجاني الإعتذار من الدولة اللبنانية نظراً للمصائب التي تسببت بها ايران للشعب اللبناني، ودفعها بالطائفة الشيعية الى هذا المصير المدمّر، بعد خذلانها لحزب الله وخسارته الحرب مع اسرائيل، والتي ستستمر تداعياتها لعقود من السنين. وعن تخزين سلاحها تحت رؤوس الأطفال اللبنانيين وحفر الأنفاق في الأماكن المأهولة، مما تسبب بقتل الالآف من الأبرياء من قبل اسرائيل، لسقوط الحصانة عن الأماكن التي تستخدم في العمليات الحربية. كما غاب عن باله دعم إيران لطائفة وليس للدولة مما تسبب بمزيد من الشرخ في المجتمع اللبناني وتفكك تماسكه.

ادعى لاريجاني استعداد إيران لدعم الدولة اللبنانية وفي ذات الوقت أكد دعمه للمقاومة، في تناقض واضح ودلالة على المناورة السياسية التي لم تعد تنطوي على الشعب اللبناني. كما تجاهل فقدان المقاومة للشرعية الشعبية بعد أن حصل تغيير كبير في الرأي العام اللبناني، ضد تدخلها في قضايا الصراع الإقليمي خارج لبنان. لكن التوبيخ السياسي للمسؤولين الإيرانيين لن يردعهم عن طلب زيارة لبنان مرات ومرات أخرى، وذلك لحاجة نقل الأموال الى حزب الله تحت عناوين حقائب دبلوماسية ومساعدات للجمعيات الخيرية، حيث يتم توزيعها بصورة عشوائية واستنسابية لا تراعي العدالة وبطريقة زبائنة حزبية فاسدة، وخاصة بعد فقدان طرق التهريب البرية عبر سوريا وبعد تدمير الكثير من مصانع الكبتغون للعصابات وتجار المخدرات التي كانت تشكل أحد أشكال الدعم المالي.

نأمل أن يَثبت الموقف اللبناني على صلابته تجاه أي تدخل خارجي غربياً كان أم شرقياً، لجماعات لبنانية من خارج إطار الدولة، وأن يكون القرار السياسي حراً مستقلاً لبناء دولة علمانية ذات نظام سياسي غير طائفي وحكومة رقمية تؤمن العدالة والمساواة في تأمين الخدمات للمواطنين، وأن تتحمل مسؤولية الدفاع عن لبنان وتعمد الى إنشاء وحدات ضمن تنظيم وزارة الدفاع الوطني لتطوع المواطنين الراغبين في ذلك، تكون تحت اشرافها، لكي لا تبقى كل طائفة تدافع عن نفسها وتدعي أنها تدافع عن لبنان، وتحتفظ بسلاحها تخوفاً من الطوائف الأخرى ولزيادة نفوذها في النظام الطائفي.

 

بوابة صيدا

الكاتب

بوابة صيدا موقع إخباري متنوع ينطلق من مدينة صيدا ـ جنوب لبنان، ليغطي مساحة الوطن، والأمة العربية، والعالمين الإسلامي والغربي.. يقدم موقع (www.saidagate.com) خدمة إخبارية متنوعة تشمل الأخبار السياسية، والاقتصادية، والاجتماعية، والإسلامية، والمقالات المتنوعة.. تقوم سياسة الموقع على الحيادية، والرأي والرأي الآخر، يستقي الموقع أخباره، من تغطيته للأحداث، ومن وكالات الأنباء العربية والعالمية..

مدونات ذات صلة