نوال برّو ـ نداء الوطن
أثناء القيادة في شوارع لبنان، وخاصة في المدن الكبرى مثل بيروت، يشعر السائق وكأنه في خضمّ معركة شوارع يكافح فيها من أجل سلامة نفسه وآليّته. الدرّاجات النارية و "التوك توك" تقتحم صفوف السيارات، بينما يقود بعض السائقين وكأن الطريق ملكهم.
يكاد لا يمرّ يوم من دون تسجيل إصابات وضحايا على طرقات لبنان. لقد سئم السّائقون في المدن من خوض المغامرة ذاتها الخطرة يومياً. هذا الواقع دفع محافظة بيروت إلى تكثيف قمع مخالفات الدرّاجات النارية والكهربائية ومنع سير "التوك توك" في شوارعها نظراً لما يشكّله من خطر على السلامة العامة.
ورغم أن فوضى الدرّاجات النارية ليست جديدة، فإنّ ظاهرة "التوك توك" تعتبر حديثة العهد، إذ بدأت بالظهور عام 2020 بعد الأزمة الاقتصادية. ومنذ ذلك الحين، أصبح "التوك توك" وسيلة نقل شائعة نظراً لتكلفته المنخفضة، حيث يبلغ سعره حوالى الـ 2500 دولار ويستهلك كمية وقود قليلة.
لا يغرّك انتشاره الواسع، فـ "التوك توك" يُعتبر مخالفاً لقانون السير اللبناني. يقول نائب رئيس جمعية يازا جو دكاش أن "التوك توك في لبنان ما زال ضائع الهوية، والقوانين الحالية لا تعترف به كوسيلة نقل مرخّصة".
وما يزيد من خطورته، هو تحوّله إلى وسيلة لنقل طلاب المدارس أو استخدامه كـ "تاكسي"، كما أنه لا يتمتع بأيّ من عناصر السلامة. ويشدّد دكاش على أنه "لا يجب استخدام "التوك توك" على الأوتوستراد أو في المناطق الجبليّة، إذ لا يمكن التحكّم به على الطرق المتعرّجة، بعكس الدرّاجة النارية التي يستطيع السائق التحكّم بقيادتها".
صمّم "التوك توك"، ليستعمل في المدن الساحلية المكتظة والضيّقة الشوارع، مثل تلك الموجودة في الهند، تايوان وماليزيا، حيث تكون حركة السيارات أخفّ، ويتم الاعتماد على وسائل النقل العامة. أما في لبنان، فالوضع مختلف تماماً وفقاً لدكاش، إذ لا توجد شبكة مواصلات عامة فعّالة ولا خطط نقل متكاملة، لذلك "كل شي بيتحرّك" أصبح يتواجد على الطرقات، بحسب تعبيره.
ويرى دكاش أن المشكلة ليست في "التوك توك" بحدّ ذاته، بل في غياب خطة نقل متكاملة، كالتي نجدها في باريس أو لندن، حيث لا حاجة إلى وسائل بديلة رخيصة.
وفي إطار الحديث عن دور جمعية "اليازا"، يؤكّد دكاش أنّ الجمعية تعمل منذ أكثر من 30 عاماً بالتعاون مع وزارات الأشغال المتعاقبة لإنشاء خطة نقل شاملة، لكن للأسف، تُوضع الدراسات في الأدراج من دون تنفيذ. ويشير إلى أن ضعف البنية التحتية هو أحد الأسباب، لكنّ السبب الجوهري يكمن في "مافيات النقل العام"، مثل أصحاب الباصات الذين يهاجمون كلّ محاولة لإدخال وسيلة نقل منظمة.
لا ينكر دكاش أن "التوك توك" قد يكون وسيلة ناجحة في بعض المناطق السياحية مثل البترون وبعلبك، شرط أن يتم تنظيم وجوده بشكل قانوني بعد دراسة آلية استيراده، نوع الرخصة المتوجبة، الحمولة المسموحة، وأماكن وتوقيت سيره.
ولا تقلّ خطورة فوضى الدراجات النارية عن "التوك توك"، بل ربّما تفوقها بالنظر إلى أن حوالى 70 % منها غير مسجّلة. ولهذا السبب، يرى دكاش ضرورة في تطبيق "أسبوع أمني" لفرض حظر تجوال على الدرّاجات النارية غير القانونية، خاصة بعد إعادة فتح مراكز تسجيل المركبات.
في ختام حديثه، عبّر دكاش عن تفاؤله بالعهد الجديد الذي أدرج مشكلة السير ضمن البيان الوزاري، مشدّداً على ضرورة إيجاد حلول جذرية، تنهي الحاجة إلى هذه البدائل الخطرة وغير القانونية.
بوابة صيدا موقع إخباري متنوع ينطلق من مدينة صيدا ـ جنوب لبنان، ليغطي مساحة الوطن، والأمة العربية، والعالمين الإسلامي والغربي.. يقدم موقع (www.saidagate.com) خدمة إخبارية متنوعة تشمل الأخبار السياسية، والاقتصادية، والاجتماعية، والإسلامية، والمقالات المتنوعة.. تقوم سياسة الموقع على الحيادية، والرأي والرأي الآخر، يستقي الموقع أخباره، من تغطيته للأحداث، ومن وكالات الأنباء العربية والعالمية..