الأخبار

غيب الموت جراح الأعصاب اللبناني العالمي البروفسور فلاح بشارة مارون، أحد أبرز الرواد في طب وجراحة الأعصاب في كندا والعالم، والذي شكل على مدى أكثر من نصف قرن علامة فارقة في الطب الإنساني والأكاديمي.

ولد الراحل في بيت مري - المتن العام 1935، وتخرج في كلية الطب في جامعة القديس يوسف في بيروت، قبل أن يتابع اختصاصه الدقيق في المعهد العصبي في مونتريال. وفي العام 1967، قصد مدينة سانت جونز في مقاطعة نيوفاوندلاند ولابرادور الكندية لإجراء إقامة مؤقتة (Locum) لأسابيع قليلة، غير أن هذه الإقامة تحولت إلى مسيرة حياة، بعدها اختار البقاء في المقاطعة إثر إقامة ثانية، في حادثة طريفة اشتهرت ب"اختطافه من الطائرة" من قبل الدكتور تيد شابتر، ليبدأ فصلا استثنائيا من العطاء الطبي.

تسلم البروفسور مارون العام 1968 رئاسة قسم جراحة الأعصاب في سانت جونز، وبقي في هذا المنصب قرابة أربعين عاما، وكان لسنوات طويلة جراح الأعصاب الوحيد في المقاطعة. كما لعب دورا محوريا في التعليم الجامعي في جامعة ميموريال، حيث شغل منصب أستاذ ورئيس قسم الجراحة بين عامي 1989 و1999، وأسهم في تطوير البرامج السريرية والتعليمية والبحثية.

تميز بريادته في مجال جراحة الصرع، إذ أجرى العام 1970 أول عملية جراحية للصرع في نيوفاوندلاند ولابرادور، في وقت كانت فيه هذه الجراحة تجرى في عدد محدود جدا من المراكز حول العالم. كما وضع برامج متقدمة لتدريب الممرضين في علوم الأعصاب، وأطلق مبادرات وقائية وتثقيفية للحد من إصابات الرأس والعمود الفقري.

إنتاجه العلمي كان لافتا، إذ نشر أكثر من 72 بحثا علميا، وقدم ما يزيد على 230 ورقة بحثية ومحاضرة في مؤتمرات دولية، إضافة إلى كتاب مرجعي حول التشوهات الخلقية في العمود الفقري، وأفلام تثقيفية طبية استخدمت كمراجع تعليمية.

نال البروفسور فلاح مارون أرفع الأوسمة والتكريمات، منها:وسام الأرز الوطني في لبنان برتبة فارس ووسام الاستحقاق اللبناني العام 1974.

- وسام الاستحقاق الوطني الفرنسي العام 2001

- وسام كندا العام 2002.

- وسام نيوفاوندلاند ولابرادور عام 2018، وهو أعلى وسام في المقاطعة، تقديرا لإسهاماته الاستثنائية في خدمة سكانها.

-جائزة شارلز درايك لعام 2018 عن مجمل عطائه من الجمعية الكندية لجراحة الأعصاب.

وفي نعي رسمي، أعرب رئيس حكومة نيوفاوندلاند ولابرادور توني واكهام عن حزنه العميق لرحيل البروفسور مارون، واصفا إياه ب"الرائد الحقيقي في الطب، الذي ستبقى بصمته مؤثرة لأجيال"، مشيرا إلى أنه "قدم إلى المقاطعة لإقامة قصيرة، فاختارها وطنا له، وأسهم في تحويل جراحة الأعصاب والتعليم والبحث الطبي"، مؤكدا أن "تكريمه بوسامي كندا ونيوفاوندلاند ولابرادور يعكس مكانته الوطنية الرفيعة".

وفي تكريم حديث لمسيرته، أنجز العام 2025 فيلم وثائقي بعنوان "Maroun, a Lifetime Locum"، سلط الضوء على رحلته الإنسانية والمهنية الاستثنائية، وعلى التزامه الدائم بالطب كرسالة حياة وخدمة للإنسان.

برحيل البروفسور فلاح بشارة مارون، يخسر لبنان واحدا من أبنائه الكبار في الاغتراب، ويخسر العالم الطبي قامة علمية وإنسانية تركت إرثا باقيا في العلم والطب والإنسان.