كبريال مراد ـ نداء الوطن
مرّر مجلس الوزراء موازنة 2025 التي ورثها عن الحكومة السابقة بمرسوم، على رغم عدم توافقها مع شعار "الإصلاح والإنقاذ" الذي ترفعه الحكومة، وعلى رغم الملاحظات النيابية عليها، ومطالب القطاعين العام والخاص بتصحيحها من شوائب الرسوم. لكن الحكومة رأت في المرسوم "أفضل الممكن"، علماً أن الحرب شلّت المجلس ولجانه كما أنها لم توزّع على النواب لتناقش.
كان رئيس لجنة المال والموازنة النائب إبراهيم كنعان سباقاً منذ تشرين الأول 2024 في المطالبة باستردادها وتعديلها، لأن تداعيات الحرب وأعباءها سبقت أرقامها وتوقّعاتها، وقد قام في حينه بجولة استشارات على رئيس مجلس النواب نبيه بري ومختلف الكتل، للوقوف عند رأيها، فكانت النتيجة أن لا امكانية ولا نية للتشريع، لأسباب مختلفة بين كتلة وأخرى.
بعد "موازنة المرسوم"، تسأل "نداء الوطن" كنعان عن رأيه، فيعتبر أن "ما من دولة في العالم يحصل فيها "الانقلاب" الذي حدث في لبنان في غضون أشهر، وتستمر بالمشاريع والحسابات والسياسات التي سبقت الحرب. بل أكثر من ذلك، يتغيّر عهد رئاسي وتتألّف حكومة جديدة عنوانها الإصلاح مع ما يتطلّبه هذا التحوّل الكبير من مراجعة لأولويات المرحلة السابقة المالية والاقتصادية والاجتماعية، ونذهب إلى التبني الحرفي لموازنة ما قبل كل هذا الانقلاب بحجة أن صندوق النقد آتٍ وأنه لا يمكن استقباله بالقاعدة الإثنتي عشرية! مش على حد علمي صندوق النقد بدو هيك موازانات "وبياناتو حبرا بعد ما نشّف". علماً أن القاعدة الإثنتي عشرية موَقتة وأفضل من "موازنة الرسوم" لا سيما إذا ارتبطت بمهلة زمنية محددة بأسابيع قليلة لحين إصدار موازنة إصلاحية جديدة... لذلك، ومنذ الدقيقة الأولى في تشرين الأول 2024، طالبت باسترداد موازنة حكومة تصريف الوقت.
تصحيح الدعسة الناقصة
أما عن السبيل لتصحيح ما وصفه "بالدعسة الناقصة"، فيقول كنعان: "الدعسة الناقصة ليست مرتبطة فقط بالرسوم التي وعدت الحكومة بتعديلها وإحالتها بمشاريع قوانين إلى مجلس النواب. بل هي مرتبطة "ببرمة الضهر" للإصلاح المطلوب دولياً ومحلياً. فالرؤية الاقتصادية لسنة كاملة تحقق نمواً وتخفف التضخم وتعالج تداعيات الحرب بأولويات جديدة، ولا تتبنى سياسات وأولويات وأرقام سابقة لم تتم إعادة النظر بها، ما يهدد توازن الموازنة بكاملها وعجزها الوهمي المعلن. لذلك، فالحلول باتت مرجأة للـ 2026 وإن شاء الله الظروف تسمح بتحقيقها".
وبينما أعلنت كتل ونواب إمكانية الطعن، يرى كنعان أن "الطعن وسيلة لإلغاء قرار الحكومة بإصدار موازنة اللاواقع. ولكن، إذا ألغينا قرار الحكومة، الأمر غير السهل بظل الظروف السياسية التي نعرفها، فضلاً عن أن هناك سوابق عديدة تعطيلية للقضاء لا تعد ولا تحصى، فكيف ستتمكن الحكومة من العمل إذا لم تكن قادرة أو لا تريد؟ وفي كل الأحوال، فالطعن وسيلة جديرة بالبحث".
إضافة إلى ملف الموازنة، فأمام الحكومة ملفات مالية عدة على جدول أعمال السنة والنصف من عمرها. فما هي الأولويات المفترضة من وجهة نظر رئيس لجنة المال والموازنة؟ يرى كنعان أن "الموازنة كانت أهم عمل إصلاحي تقوم به أي حكومة في مختلف الأنظمة الديمقراطية. والآن، عليها أن تضع خطة تعافٍ جديدة مع صندوق النقد ومشروع إعادة هيكلة القطاع العام ومشروع إعادة هيكلة المصارف، ومعالجة قضية الودائع بدل شطبها "متل لي بتوجعو إجرو بيقطعولو ياها هيك بيرتاح وبريّح". أي بكلام آخر، يجب مقاربة موضوع الودائع بخلفية المسؤول عن المشكلة لا خلفية "يلي عامل عملة وبدو يلبّسها لغيره متل الدولة والمصارف"... لماذا هذا الموضوع مهم؟ لأن الثقة واستعادتها هي هدف أي إصلاح وهذه الثقة لن تعود إذا تغاضينا عن الحقوق".
صندوق النقد والمصارحة
ومع قدوم وفد صندوق النقد الدولي إلى لبنان، يحضر ما هو مطلوب حكومياً ومجلسياً لاتفاق بمواصفات لبنانية مع الصندوق. وفي هذا السياق، يرى كنعان أن "المطلوب مصارحة صندوق النقد لا التهرّب من الواقع ورميه على الناس. صندوق النقد بالنهاية جهة مالية دولية يفترض التفاوض معها واعطاؤها إشارات إيجابية عن إمكانياتنا القيام بإصلاحات بنيوية جديّة لا "بيع حكي" ورمي المسؤولية على بعضنا".
وبعد تمرير موازنة 2025 بعلّاتها، تعهدت الحكومة ببدء العمل على إعداد مشروع موازنة 2026. هنا، يرى كنعان أن المطلوب أولاً رؤية اقتصادية لا موازنة محاسبية! ثانياً، أهداف إصلاحية بأكثر من مجال من بينها: العجز الحقيقي، النمو، التضخم، الإدارة المالية، الاستثمار بقطاعات منتجة، الدين العام إلخ ... وثالثاً، عدم استعمال الموازنة كسلة تشريعات لتعديل قوانين أو زيادة رسوم وضرائب عشوائياً (مراجعة توصيات لجنة المال والموازنة).
وسط ما تقدّم، يختم كنعان حديثه لـ "نداء الوطن" بالقول: "إن استعادة الثقة ليست مساراً صعباً ولا سهلاً إنما يحتاج إلى إرادة سياسية جدية وصادقة لم تتكون حتى الآن".
بوابة صيدا موقع إخباري متنوع ينطلق من مدينة صيدا ـ جنوب لبنان، ليغطي مساحة الوطن، والأمة العربية، والعالمين الإسلامي والغربي.. يقدم موقع (www.saidagate.com) خدمة إخبارية متنوعة تشمل الأخبار السياسية، والاقتصادية، والاجتماعية، والإسلامية، والمقالات المتنوعة.. تقوم سياسة الموقع على الحيادية، والرأي والرأي الآخر، يستقي الموقع أخباره، من تغطيته للأحداث، ومن وكالات الأنباء العربية والعالمية..