بقلم حسان القطب / مدير المركز اللبناني للابحاث والاستشارات / بوابة صيدا
دخول اسرائيل على الساحة السورية، من باب حماية الاقليات، او من زاوية ضمان امن حدودها مع سوريا، يؤكد ان النظام البائد ومن كان يتحالف معه او يدعمه او يشجع استمراره، كان شريك بشكل مباشر او غير مباشر في تطمين الكيان الغاصب بان وجوده على الاراضي السورية لا يشكل خطراً وجودياً على اسرائيل او انه يهدد امنها بشكلٍ او بآخر..
وسبق هذه الادعاءات الاسرائيلية، عمليات القصف الجوي المكثفة، بالتنسيق مع روسيا وفلول النظام البائد وحلفائه، لتدمير ما يمكن القضاء عليه من ترسانة الاسلحة التي كان نظام الاسد ومن معه يمتلكها على الاراضي السورية، وقد اكدت اسرائيل ان تدميرها لهذه الاسلحة هو لمنع النظام الاسلامي الجديد من استعمالها او الاستفادة منها، مما يعني ان وجودها في المرحلة السابقة رغم الادعاءات الكثيرة التي سمعناها بأن هذه الاسلحة هي لمواجهة اسرائيل وتحرير الارض وفلسطين وتامين خط المقاومة ومحورها كانت مجرد ادعاءات..
وقد اكدت اسرائيل موقفها هذا كما ورد في تصريحات ورد فيها التالي:.. (أطلق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو مساء الأحد، تصريحات أقرب إلى التهديدات تجاه سوريا الجديدة، حيث طالب بنزع السلاح، وعدم انتشار قوات الجيش في منطقة الجنوب السوري كلها، أي محافظات القنيطرة، درعا، والسويداء، من الحدود حتى العاصمة دمشق مع تدخل فظّ بالشؤون الداخلية، مشيراً إلى استمرار تواجد جيش الاحتلال في المنطقة العازلة وجبل الشيخ إلى أجل غير مسمى، وضمان أمن الدروز ورفض أي تهديدات لهم..).. كما (أفادت أربعة مصادر مطلعة بأن إسرائيل تضغط على الولايات المتحدة لإبقاء سوريا ضعيفة وبلا قوة مركزية من خلال السماح لروسيا بالاحتفاظ بقاعدتيها العسكريتين هناك لمواجهة النفوذ التركي المتزايد في البلاد..)...
المستجد الان، هو التصريحات الاسرائيلية حول حماية الاقلية الدرزية في سوريا، وكأن ازمة سوريا هي العلاقة بين الاكثرية والاقلية، وليست في طبيعة النظام البائد الذي حكم سوريا طوال اكثر من خمسة عقود.. واسس للانقسام العامودي بين المكونات السورية، وهنا تستفيد اسرائيل من الدور السياسي والامني الايراني ومحوره خلال الانتفاضة الشعبية على نظام الاسد، حين تدخلت تحت عنوان حماية الاماكن المقدسة والمزارات الدينية والتحق بها الميليشيات التابعة لها بذريعة حماية الاقلية الشيعية والعلوية في سوريا.. لذا فإن الدور الاسرائيلي الان الذي يحاول التلاعب بالعلاقة بين المكونات السورية، والعمل على الغاء الهوية الوطنية تستند الى ما قام به محور ايران طوال اكثر من 14 عاماً من الثورة السورية على الظلم والقهر والاستعباد والاعتقال والقتل..
لماذا تريد اسرائيل اظهار نفسها حامية للاقليات وخاصة الدرزية، وهي التي تعتبر نفسها دولة يهودية، وتعمل على طرد العرب الفلسطينيين من ارض فلسطين، ولا تحترم المكونات الدينية على اختلاف انتماءاتها، باعتبارها مكونات دونية واقل قيمة من المكون اليهودي.. ؟؟
اسرائيل بحاجة لأيدي عاملة، تخدم في مصانعها ومزارعها، خاصة عندما يكون جيشها منخرطاً في حربٍ طويلة الامد كالتي يخوضها الان طوال اكثر من 17 شهراً، على مختلف الجبهات..
اسرائيل كما اعلنت منذ ايام انها بحاجة لتجنيد 400 الف جندي من الاحتياط للخدمة العامة في عام 2025.. وبحسب "الميادين".. نقلا عن وسائل إعلام إسرائيلية: (الحكومة صدقت قرار تجنيد نحو 400 ألف جندي احتياط على مراحل)..
اسرائيل تريد الاستفادة من الشباب الدرزي في حال قبل المجتمع الدرزي بالتعاون مع اسرائيل، ليكون هؤلاء جنودها على الحدود من سوريا، بحيث تحمي حدودها بغير اليهود، الذين يعملون في خدمة الاقتصاد الاسرائيلي..
كما ان قبول الدروز وهو امر مستبعد، بالتعاون او الانضمام الى اسرائيل، سيعطي اسرائيل مساحة اضافية من الارض للتمدد والتوسع في جنوب سوريا، من السويداء الى جرمانا التي تبعد اقل من 5 كلم عن العاصمة دمشق..
وبالتالي ادخال سوريا في متاهة مواجهات دينية طويلة الامد، وبما ان لا منفذ بحري او جوي للمجتمع الدرزي، سيكون لزاماً عليهم الخضوع للرغبات والاملاءات الاسرائيلية وبالتالي خدمة مشاريع الاستيطان والدفاع عن يهود اسرائيل والانفصال عن الامة الاسلامية التي اكد عليها الزعيم وليد جنبلاط والكثير من قادة الطائفة..
اذا الاهداف الاسرائيلية ليست حماية الدروز وانما لخدمة اهداف اسرائيل وترسيخ وجودها وتمددها وتوسعها كما يريد ترامب الرئيس الاميركي الذي سبق ان قال ان اسرائيل دولة صغيرة ويجب ان تتوسع..؟؟
والتناغم الاسرائيلي – الايراني يبدو واضحاً من خلال ما نشرته جريدة الراي الكويتية على لسان ولايتي مستشار الخامنئي.. قال مستشار المرشد الإيراني للشؤون الدولية علي أكبر ولايتي، إن هناك احتمالية لاندلاع حرب أهلية في سوريا «في أي لحظة». وأشار ولايتي، أمس، إلى أنه «من المستحيل التنبؤ بمستقبل سوريا في الوقت الحالي لكن الأدلة وما تراه طهران تشير إلى وجود مقدمات لتفكك الدولة». وتابع أن «حزب الله سيواصل مسيرة المقاومة بقوة لأن غالبية الشعب اللبناني تدعمه وستقف معه».
إسرائيلياً، قال وزير الخارجية جدعون ساعر، إنه «يتعين احترام حقوق الأقليات في سوريا بشكل كامل بما في ذلك الأكراد». وأكد أن «المسألة في سوريا لا تتعلق بسلامة الأراضي وإنما مصلحتنا تقتضي أن تكون الحدود هادئة»....
اخيرا نقول بالتأكيد سوف يخيب مشروع اسرائيل كما ايران في تفتيت سوريا والقضاء على وحدتها ووجودها امام وعي قيادات الشعب السوري وطموحاته في ان يعيش بحرية وكرامة واستقلال.. وتناغم ومساواة وعدالة افتقدها طوال عقود..