بوابة صيدا
يتعرّض عدد من النواب، ولا سيما الذين يمثلون العاصمة بيروت لحملة على خلفية مواقفهم الرافضة الاستعراض المسلّح الذي قامت به «الجماعة الإسلامية» الأسبوع الماضي في بيروت خلال تشييع أحد عناصرها الذي قُتل مع اثنين آخرين في جنوب لبنان.
وهذه الحملة لا تقتصر على وسائل التواصل الاجتماعي إنما وصلت إلى منابر المساجد، حيث أطلقت بحقهم الشتائم.
وإثر انتقاد عدد من نواب بيروت وتحديداً إبراهيم منيمنة ووضاح الصادق وفؤاد مخزومي، هذا الاستعراض أُطلقت بحقهم الشتائم، حتى أن نائب رئيس «الجماعة» الشيح عمر حيمور وصف هؤلاء بـ«نواب الغفلة»، متّهماً منيمنة (من دون أن يسميه) بأنه لا يفقه تاريخ بيروت وبأنه انتُخب على «ظهر الثورة»... ليعود بعدها النائب في «الجماعة» عماد الحوت ويوضح أن «الجماعة» لم يكن من منهجها أو سلوكها يوماً أن تستقوي على أحد بقوة السلاح؛ لأنها تؤمن بأن مكان السلاح هو في مواجهة العدو على الحدود، وما حصل أثناء تشييع الشهداء إنما هي ردة فعل آنية من رفاق الشهداء، لكنه في الوقت عينه اتهم النواب بـ«الجماهرية ولعبة تسجيل النقاط وإبراز الحضور».
وكان النائب إبراهيم منيمنة أول من تطرق إلى الموضوع بالقول: «إحياء المظاهر المسلحة والعراضات العسكرية وإطلاق الرصاص في قلب بيروت والتي ظهرت منذ يومين من قِبل (الجماعة الإسلامية) ليست سوى تلطي وراء الأحداث لفرض وقائع ميدانية في العاصمة تحت عناوين المقاومة ودعم القضية الفلسطينية، من هنا نطالب الجيش والأجهزة الأمنية بمنع تكرار هذه الممارسات؛ احتراماً لهيبة الدولة وحماية لأمن أبناء بيروت، ووقف هذه التجاوزات فوراً، والعودة إلى سقف الدولة والمؤسسات الشرعية».
وهذا الموقف استدعى شن حملة ممنهجة ضد منيمنة، طوال الأيام الماضية، وإضافة إلى رد منيمنة كان رد من قِبل زملائه النواب وتحديداً ممن يعرفون على أنهم «نواب الثورة»، وهم فراس حمدان ونجاة صليبا وياسين ياسين وبولا يعقوبيان وملحم خلف، عبر إصدار بيان رفضوا فيه تعرض زميلهم «لحملة تحريض وتخوين هدفها إسكات النقاش الذي تجرّأ على فتحه في مدينة بيروت، ضد العراضات العسكرية وتوظيفها السياسي والذي يهدّد أمن المدينة اليوم، وقد يهدّد أمن لبنان كله غدا، إذا سُمح لهذه الحالة بالتوسّع تحت حجّة القضيّة الفلسطينية أو الدفاع عن لبنان، من خارج الدولة».
وقالوا في بيان لهم: «في كل مرّة تريد أحزاب المنظومة النيل من نوّاب التغيير وقطع الطريق أمام دفاعهم عن المصلحة الوطنية بوجه مصالح الأحزاب الضيّقة، تلجأ إلى نغمة أن هؤلاء النوّاب المنتخبين من رحم ثورة 17 تشرين (أكتوبر) وبأكثر من 300 ألف صوت، هم (نوّاب الصدفة)».
وأضافوا «انتُخبنا بإرادة الناس وبقرارها الحرّ، فالشعب اللبناني على وعي ودراية بأن نهج التسلّح من خارج الدولة لن يؤدّي إلا إلى المزيد من التهلكة، وما انتخابه لنا إلا من باب حاجته إلى دولة المؤسّسات والإيمان بها.
وعليه، فإننا أتينا بأصوات الناس، ونمثل جميع اللبنانيين والمصلحة العامّة التي تقتضي الدفاع عن دولة المؤسّسات بوجه المظاهر المسلّحة، مؤكدين: «لن نسمح باستغلال الحرب في الجنوب لفرض واقع أمنيٍّ جديد على حساب بيروت، خصوصاً ولبنان عموماً ودولتنا وشعبنا».
وكان النائب فؤاد مخزومي قد أكد بدوره أن «المظاهر المسلحة التي شهدنا انتشارها في العاصمة بيروت مؤخراً مرفوضة بالمقاييس كافة، وتضعنا أمام تحدٍّ خطير يكمن في إبقاء بيروت بعيداً من الصراعات والمواجهات...».
بدوره، رأى النائب مارك ضو عبر حسابه على منصة «إكس» أن «كلام الشيخ حيمور وغيره هو خطاب تحريضي يؤكد أن هذه الجماعة باتت تلعب دور الغطاء السني لـ(حزب الله) كما لعب غيرها دور الغطاء المسيحي، وهو الغطاء الذي تحته وباسمه مارس (حزب الله) وإيران تخريب لبنان وجرّه إلى حروب مدمرة...».
وفي حين يأسف النائب منيمنة عن استغلال منابر الجوامع التي يفترض أن تنشر الخير بين الناس لا أن تُستغل لأغراض سياسية، مع تأكيده على أنها ليست ظاهرة إنما حالات استثنائية، يقول لـ«الشرق الأوسط»: «على (الجماعة الإسلامية) أن توضح مشروعها السياسي انطلاقاً مما قاله الشيخ حيمور لجهة عدم الاعتراف بالحدود اللبنانية ولا بالدستور اللبناني بعيداً عن أي اعتبار لكيان الدولة، وعليها بالتالي أن تكون واضحة أمام الشعب اللبناني.
في المقابل، يقول النائب الحوت: «إن نهج (الجماعة) يرتكز على بناء الدولة والدفاع عن الوطن بما يتناسب مع الإمكانات»، عادّاً أنه ليس هناك من خلاف حول ضرورة أن تكون «بيروت تكون منزوعة السلاح».
ويقول لـ«الشرق الأوسط» إن ما حصل من ظهور مسلّح هو أن «رفاق الشهداء حملوا بنادق رفاقهم الثلاثة في مشهدية رمزية قبيل الوصول إلى المدافن، وإطلاق النار جاء من قبل شباب غير منظمين، وطلب منهم كذلك الالتزام بقرار عدم إطلاق النار»، عادّاً أن ما حصل في التشييع مختلف عما ذكره النواب.
وفي رد على سؤال حول الهجوم الذي تعرض له النواب المعترضون، ولا سيما النائب منيمنة، يقول الحوت: «منبر الجمعة كغيره من المنابر التي تعدّ أداة للتعبير عن الرأي»، مشيراً في المقابل إلى أن هناك مشايخ آخرين عبّروا عن رأيهم بطريقة أخرى، لكن المشكلة أن التصويب والتركيز كان على حالة خاصة لا تقاس على كل الحالات».
(الشرق الاوسط ـ كارولين عاكوم)