• لبنان
  • السبت, كانون الثاني 18, 2025
  • اخر تحديث الساعة : 4:07:05 ص
inner-page-banner
يهوديات

10 فوائد من سؤال النبي صلى الله عليه وسلم لليهود: هَلْ أَنتم صَادِقِيَّ عَنْهُ؟

عَنْ أَبِي هُريْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: «لَمَّا فُتِحَتْ خَيْبَرُ أُهْدِيَتْ للنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم شاة فِيهَا سُمّ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: "اجْمَعُوا لِي مَنْ كَانَ هَاهُنَا مِنْ يَهُودَ"، فَجُمِعُوا لَهُ، فَقَالَ لَهُمْ: "إِنِّي سَائِلُكُمْ عَنْ شَيء، فَهَلْ أَنتم صَادِقِيَّ عَنْهُ؟ " 

فَقَالُوا: نَعَمْ.

قَالَ لَهم النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: " مَنْ أَبُوكُمْ؟ "

قَالُوا: فلانٌ. فَقَال: "كَذَبْتُمْ، بَلْ أَبُوكُمْ فلانٌ ".

قَالوا: صَدَقْتَ.

قَالَ: "فَهَلْ أنتمْ صَادِقِيَّ عَنْ شيء إِنْ سَأَلْتُ عَنْهُ؟ "

فَقَالُوا: نَعم يَا أَبَا الْقَاسِمِ، وَإِنْ كَذَبْنَا عَرَفْتَ كَذِبَنَا كَمَا عَرَفْتَهُ فِي أَبينَا.

فَقَالَ لَهُمْ: "مَنْ أَهْلُ النَّارِ؟ "

قَالُوا: نَكُونُ فِيهَا يَسِيرا، ثُمَّ تَخْلُفُونَا فِيهَا.

فَقَال النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: "اخْسَؤُوا فيها، واللهِ لَا نَخْلُفكُمْ فِيهَا أَبَدا".

ثُمَّ قَالَ: "هَلْ أَنْتُمْ صَادِقِيَّ عَنْ شَيءٍ إِنْ سَأَلْتُكُمْ عَنْهُ؟ "

فَقَالُوا: نَعَمْ يَا أبَا القَاسِمِ.

قَالَ: "هَلْ جَعَلْتُمْ فِي هَذِهِ الشَّاةِ سُمّا"

قَالُوا: نعَمْ.

قَالَ: "مَا حَمَلَكُمْ عَلَى ذَلِكَ؟ "

قَالُوا: أرَدْنا إِنْ كُنْتَ كَاذِبا نَسْتَريحُ، وإن كُنْتَ نَبيّا لَمْ يَضُرَّكَ».

(صحيح البخاري الحديث 3169)

في هذا الحديث دروس وفوائد دعوية منها:

أولا: من تاريخ الدعوة: ذكر فتح خيبر: دل الحديث على ذكر شيء مما وقع في غزوة خيبر؛ لقول أبي هريرة رضي الله عنه: لما فتحت خيبر أهديت لرسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - شاةٌ فيها سم "، وهذه الحادثة من الحوادث التاريخية المهمة في السنة السابعة للهجرة، وقد ظهر خبث اليهود وخيانتهم لله ورسوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.

ثانيا: من أساليب الدعوة: السؤال والجواب: السؤال والجواب من الأساليب الدعوية، وقد ظهر في هذا الحديث؛ لأن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سأل اليهود عن أبيهم؟ ثم أجابهم، وسألهم: من أهل النار؟ ثم أجابهم بالجواب الصحيح، وسألهم هل جعلوا في الشاة سما؟ ثم سألهم عن السبب لذلك، وهذا يبين أهمية السؤال والجواب في الدعوة إلى الله عز وجل.

ثالثا: من أساليب الدعوة: الجدل: الجدل بالتي هي أحسن من أساليب الدعوة؛ ولهذا استخدمه النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في هذا الحديث في المجادلة في أول الأمر، فقال لليهود: «إني سائلكم عن شيء فهل أنتم صادقي عنه"، فقالوا: نعم. فقال: "من أبوكم؟ " قالوا: فلان، فقال: "كذبتم بل أبوكم فلان" قالوا: صدقت. قال: "فهل أنتم صادقي عن شيء إن سألتكم عنه؛ " فقالوا؛ نعم، وإن كذبنا عرفت كذبنا كما عرفته في أبينا. فقال لهم: "من أهل النار؟ " قالوا: نكون فيها يسيرًا ثم تخلفونا فيها، فقال النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "اخسئوا فيها والله لا نخلفكم فيها أبدا» وقد دل هذا الجدل على القوة والغلظة على اليهود؛ لأنهم ظلموا وكذبوا ولم ينقادوا؛ قال الله عز وجل: {وَلَا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ} [العنكبوت: ٤٦] وهذا يؤكد أن الجدال بالتي هي أحسن إنما يكون مع من استمع للحق ولم يتجاوز حدود الأدب، فإذا تجاوز ذلك أغلظ عليه عند القدرة كما قال الله عز وجل: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ} [التحريم: ٩]  وهذا فيه تأكيد على أهمية استخدام الجدل على حسب أحوال المجادل، والله المستعان.

رابعا: من صفات الداعية: العفو: ظهر في هذا الحديث أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لم يعاقب اليهود بالقتل، أو غيره انتقاما لنفسه، ولكنه عفا وصفح، وقد أكل معه من أصحابه من الشاة: بشر بن البراء ومات بعد ذلك بسبب السم فقتل النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - اليهودية التي سمته قصاصا بالبراء، أما هو - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فقد عفا عنها؛ لأنه كان لا ينتقم لنفسه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فينبغي للداعية أن يعفو ويصفح ولا ينتقم لنفسه إلا أن يجاهد في سبيل الله لنصر الإِسلام.

خامسا: من وسائل الدعوة: التأليف بقبول هدية المشرك مع الحذر: دل هذا الحديث على أن من وسائل الدعوة قبول هدية المشرك تأليفا له؛ لأن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قبل الشاة المصلية التي أهدتها له اليهود، ولكن لا يؤكل من ذبائح غير أهل الكتاب. وقد ذكر الحافظ ابن حجر رحمه الله أن من فوائد هذا الحديث: "جواز الأكل من طعام أهل الكتاب وقبول هديتهم" (١) ولكن يتأكد على الداعية أن يأخذ حذره من المشركين كافة؛ لأن الله عز وجل قد بين أن اليهود والنصارى لا يرضون حتى تُتَّبع ملتهم، قال الله عز وجل: {وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلَا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ} [البقرة: ١٢٠] وقال عز وجل: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا خُذُوا حِذْرَكُمْ} [النساء: ٧١].

سادسا: من أساليب الدعوة: استخدام الشدة بالقول عند الحاجة: إن استخدام الشدة بالقول عند الحاجة من الأساليب الدعوية إذا احتاج الداعية إلى ذلك، ولكن يشترط أن لا يحصل منكر بالشدة، وقد دل هذا الحديث على هذا الأسلوب؛ لأن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال لليهود: «كذبتم بل أبوكم فلان»، وقال لهم: «اخسئوا فيها والله لا نخلفكم فيها أبدا»، وهذا كلام فيه شدة للحاجة إليه من رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فينبغي للداعية أن يعمل الأصلح عند القدرة عليه والله عز وجل الموفق.

سابعا: من سنن الله عز وجل: الابتلاء لأوليائه: إن من السنن الثابتة الابتلاء للأولياء من الأنبياء والصالحين، وقد دل هذا الحديث على ذلك؛ لأن أعداء الله اليهود عملوا السم لرسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فتأثر بذلك وهو حبيب الله وخليله، فينبغي للداعية أن يسأل الله العفو والعافية كثيرا، وإذا حصل له ابتلاء فيلزم الصبر والاحتساب، والله المستعان.

ثامنا: من معجزات الرسول - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: الإخبار ببعض المغيبات: لا شك أن قول النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في هذا الحديث لليهود: "أبوكم فلان"، وقوله لهم: «اخسؤوا فيها، والله لا نخلفكم فيها أبدا»، وإعلام الله عز وجل له بأن اليهود جعلوا في الشاة المصلية سما، يدل ذلك كله على أنه رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حقا وصدقا؛ لإِخباره بأمور غائبة عنه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وهي كما قال؛ لأن الله أخبره بذلك، والله المستعان وعليه التكلان.

تاسعا: من أصناف المدعوين: اليهود: ظهر في هذا الحديث أن اليهود من أصناف المدعوين؛ لأن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تألفهم بالعفو والصفح، فلم ينتقم - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لنفسه عندما سمَّه اليهود، ولأنه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - جادلهم بالتي هي أحسن، ثم أغلظ لهم في القول عندما احتاج إلى ذلك.

عاشرا: من صفات اليهود: الخيانة والخبث: إن اليهود أعداء الله أشد خبثا وعداوة للمسلمين من غيرهم من الكفرة؛ ولهذا عملوا هذا العمل القبيح: من جعل السم في الشاة، ومن مجادلة رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وهم كاذبون في جدالهم، وقد بين الله عز وجل خيانتهم وعداوتهم فقال: {لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا} [المائدة: ٨٢] فينبغي الحذر منهم ومن غدرهم وخيانتهم، ومكرهم قاتلهم الله.

[من كتاب فقه الدعوة في صحيح الإمام البخاري [سعيد بن وهف القحطاني] 2 / 1028 ـ 1032)]

بوابة صيدا

الكاتب

بوابة صيدا موقع إخباري متنوع ينطلق من مدينة صيدا ـ جنوب لبنان، ليغطي مساحة الوطن، والأمة العربية، والعالمين الإسلامي والغربي.. يقدم موقع (www.saidagate.com) خدمة إخبارية متنوعة تشمل الأخبار السياسية، والاقتصادية، والاجتماعية، والإسلامية، والمقالات المتنوعة.. تقوم سياسة الموقع على الحيادية، والرأي والرأي الآخر، يستقي الموقع أخباره، من تغطيته للأحداث، ومن وكالات الأنباء العربية والعالمية..

مدونات ذات صلة