• لبنان
  • الخميس, كانون الثاني 09, 2025
  • اخر تحديث الساعة : 5:45:03 م
inner-page-banner
مقالات

هل يتناسب تسليم القرضاوي مع مبادئ حقوق الإنسان؟

عمر نشابة ـ الأخبار

قررت الحكومة اللبنانية تسليم الناشط المصري عبد الرحمن القرضاوي، نجل الداعية الراحل يوسف القرضاوي، إلى دولة الإمارات العربية المتحدة، استجابةً لطلب تقدّمت به السلطات القضائية الإماراتية بسبب فيديو بثّه عبر وسائل التواصل الاجتماعي. صدر قرار التسليم بعد تلقّي مجلس الوزراء يوم الأول من أمس مشروع مرسوم أعده وزير العدل، هنري الخوري، استناداً إلى مطالعة قانونية للنيابة العامة التمييزية في لبنان أبدت فيها الأخيرة موافقتها على التسليم.

وكان القضاء الإماراتي قرر ملاحقة القرضاوي بعد بثّه فيديو سجّله أثناء جولة قام بها في باحة المسجد الأموي في دمشق في الشهر الماضي، حذّر فيه من أن «الثورة السورية تتعرض للتآمر»، مهاجماً الإمارات والسعودية ومصر.

ونأت وزارة الإعلام في الإدارة السورية الجديدة بنفسها عن تصريحات القرضاوي، إذ أكدت في بيان نقلته وكالة الأنباء السورية الرسمية «سانا» أن «جميع المواقف والتصريحات الصادرة عن الزوّار والمشاركين في وسائل الإعلام داخل سوريا تعبّر عن آرائهم الشخصية ولا تمثل بالضرورة موقف الحكومة السورية».

أوقف القرضاوي الذي يحمل الجنسيتين المصرية والتركية يوم 29 كانون الأول الماضي فور وصوله إلى لبنان عبر معبر المصنع الحدودي قادماً من سوريا تنفيذاً لبلاغ صدر عن النيابة العامة الإماراتية. وخضع لاستجواب أمام النيابة العامة التمييزية في لبنان يوم 30 كانون الأول، وصدرت مذكرة توقيف وجاهية بحقه.

إن قرار تسليم القرضاوي إلى دولة الإمارات العربية المتحدة يطرح تساؤلات حول مدى تناسبه مع مبادئ حقوق الإنسان. ونشير في هذا الصدد إلى بعض الملاحظات، بداية في المضمون ثم في الشكل:

إن قرار تسليم لبنان أي شخص إلى أيّ دولة أخرى، بسبب تعبيره عن رأي في بلد ثالث، لا يتناسب مع مبادئ حقوق الإنسان التي يفترض أن يحترمها لبنان، استناداً إلى مقدمة الدستور. نُقل أن عبد الرحمن القرضاوي شكّك في أن «الثورة السورية تتعرض للتآمر» وهاجم الإمارات والسعودية ومصر. وإذا كان كلامه لا ينال من أمن الدولة، ولا يتضمّن تهديدات وشتائم فمن حقه أن يعبّر عن هذا الرأي باحترام. وهو بريء حتى تثبت إدانته أمام المحكمة المستقلة التي تقدم له كامل الحق في الدفاع عن نفسه. أما أن يُقبض عليه في لبنان ويحال إلى التحقيق ويُسجن في نظارة، ثم يُرحّل إلى دولة لا تتأمن فيها كامل ضمانات المحاكمة العادلة فيبدو مضرّاً بمصالح لبنان وبسمعته ومكانته ودولته.

صحيح أن الرئيس نجيب ميقاتي أجرى يوم الإثنين (6 كانون الثاني) اتصالاً هاتفياً بنائب رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية الإماراتي الذي أكّد التزام دولة الإمارات بتأمين «المعاملة العادلة والإنسانية للشخص المطلوب»، وصحيح أن الإمارات فازت للمرة الثالثة بعضوية مجلس حقوق الإنسان في الأمم المتحدة، لكن ذلك لا يشير إلى وجود ضمانات بالمحاكمة العادلة في الإمارات بحسب المعايير الحقوقية الدولية.

رغم وجود معاهدة دولية بين البلدين لتسليم المطلوبين قضائياً، امتنعت السلطات اللبنانية في الأعوام السابقة عن تسليم عدد من الأشخاص المطلوبين للقضاء في الجمهورية العربية السورية، بسبب عدم وجود ضمانات للمحاكمة العادلة فيها. ويفترض أن تطبق الدولة اللبنانية هذا المعيار على كل الدول، لأنه ينطلق من أساس مبدئي حقوقي. لكن يبدو أن قرار الحكومة بتسليم القرضاوي إلى الإمارات يستند إلى معيار آخر يستند إلى «تعهّد» الإمارات بتطبيق مبدأ المعاملة بالمثل، وبالتالي على دولة الإمارات واجب تسليم أي مطلوب للقضاء اللبناني يتواجد على أراضيها إلى لبنان.

تبيّن أن السلطات القضائية المصرية كانت قد تقدمت كذلك من السلطات اللبنانية بطلب تسلّم القرضاوي، لأن حكماً غيابياً يقضي بسجنه 5 سنوات في مصر بجرم إذاعة أخبار كاذبة والتحريض على العنف والإرهاب كان قد صدر بحقه عن القضاء المصري. لكنّ أوساط قضائية لبنانية أوضحت أمس أن النيابة العامة التمييزية أنجزت التحقيقات المتعلقة بالمذكرة الإماراتية «لكونها وصلت بشكل سريع، في حين لم يكن ملف الاسترداد المصري مكتملاً». وبالتالي، كان يُفترض اكتمال الملف المصري وإجراء التحقيقات اللازمة قبل اتخاذ القرار، ولكن يبدو أن الاستعجال كان مطلوباً لأسباب ما زالت مجهولة.

وقالت الحكومة إن القرار استند إلى «مذكرة التوقيف الصادرة عن مجلس وزراء الداخلية العرب»، وإن ذلك يُلزم لبنان بتلبية الطلب الإماراتي، لأن لبنان عضو في هذا المجلس وموقعٌ على اتفاقياته، (وفقاً لما ورد في صحيفة «الشرق الأوسط»). لكن إصدار مذكرات التوقيف ليس من وظائف مجلس وزراء الداخلية، بل إن ذلك يعود إى اختصاص الدوائر القضائية. والصحيح أن ما صدر عن الأمانة العامة لمجلس وزراء الداخلية العرب هو «طلب توقيف مؤقت» بناءً على طلب السلطات في دولة الإمارات.

الوكيل القانوني للقرضاوي، المحامي محمد صبلوح اعترض على استعجال السلطات اللبنانية في تسليم موكله إلى دولة الإمارات، لأن ذلك منعه من تقديم طلب وقف تنفيذ القرار أمام قاضي الأمور المستعجلة في بيروت، ومنعه كذلك من الطعن في قرار مجلس الوزراء أمام مجلس شورى الدولة قبل تسليم موكله. واعترض صبلوح كذلك على احتجاز موكله في «مكان مجهول» قبل تسليمه.

بوابة صيدا

الكاتب

بوابة صيدا موقع إخباري متنوع ينطلق من مدينة صيدا ـ جنوب لبنان، ليغطي مساحة الوطن، والأمة العربية، والعالمين الإسلامي والغربي.. يقدم موقع (www.saidagate.com) خدمة إخبارية متنوعة تشمل الأخبار السياسية، والاقتصادية، والاجتماعية، والإسلامية، والمقالات المتنوعة.. تقوم سياسة الموقع على الحيادية، والرأي والرأي الآخر، يستقي الموقع أخباره، من تغطيته للأحداث، ومن وكالات الأنباء العربية والعالمية..

مدونات ذات صلة