• لبنان
  • الجمعة, كانون الثاني 03, 2025
  • اخر تحديث الساعة : 5:35:38 ص
inner-page-banner
مقالات

سُنّة البعث و"حزب الله" ينشقون بالجملة

عيسى يحيى ـ نداء الوطن

تبقى الساحة السنية الأكثر تأثراً بالمتغيرات في المشهدَين الداخلي والإقليمي، بدءاً من حرب "طوفان الأقصى" في غزة إلى حرب أيلول في لبنان وصولاً إلى سقوط نظام الأسد، ما أدى الى  انسحاب "حزب الله" من سوريا. ودفعت هذه المتغيّرات إلى السؤال عن الواقع السني المستجد وتموضع  الذين كانوا التحقوا بحزب "البعث" و"سرايا المقاومة" التابعة لـ"الحزب"، وأي خيار لهم في المرحلة المقبلة؟

يرافق السنّة إحساس النشوة بالانتصار واستعادة دورهم وحضورهم، بمقدار الإحساس باليتم والتهميش خلال السنوات الأخيرة، وما رافقها من فراغ في الساحة السنية على مستوى القيادة والمرجعية كي يجتمع حولهما أبناء الطائفة. فبعد اعتزال الرئيس سعد الحريري الحياة السياسية، تركت الأبواب مشرّعة أمام الطامحين إلى وراثة الشارع السني، ما دفع بالكثيرين إلى الالتحاق بـ"البعث" و"سرايا المقاومة"، بحثاً عن قوة تشدّ أزرهم، في ظل تنامي وصعود نجم المحور الممانع، قبل أن تنهال  الضربات المتتالية على الأخير.

يشبه الانتقال من ضفة إلى ضفة، ومن حزب إلى آخر، التكويعات التي تحصل بعد سقوط بشار الأسد. هذه هي حال السنة الذين انضموا إلى صفوف البعث بجناحه اللبناني، أو انتقلوا إلى ضفة "حزب الله" تحت مسمى "سرايا المقاومة". وكان الكثير من هؤلاء من ضمن صفوف تيار "المستقبل" أو تنظيمات سنية أخرى، وها هم اليوم يبحثون مجدداً عن توجه جديد بعد انهيار "البعث"، الذي يبحث عن شعار جديد يطل به على الجمهور بعيداً عن الرسالة الخالدة، وكذلك بعدما أصبح "حزب الله" غير قادر على تمويلهم إثر التكاليف الباهظة التي يدفعها بعد الحرب، وتغطيتهم أمنياً وقانونياً.

شكلّ سُنة الأطراف، لا سيما في المحافظات التي غاب عنها زعماء الطائفة على اختلاف أسمائهم ومناصبهم، طوال مدة تمثيلهم لها، بيئة خصبة استطاع خلالها بعض الأحزاب اللعب على وتر الحرمان والتهميش، واستقطاب أعداد كبيرة من ابناء السنة عبر تقديم المساعدات المالية والصحية، مروراً بتسهيل الملفات القضائية وتأمين الوظائف، وصولاً إلى إطلاق موقوفين في السجون السورية فاق عددهم المئة، على يد الأمين العام لـ"البعث" علي حجازي. ومع تبدل التركيبة اللبنانية وانقلاب موازين القوى بسرعة قياسية، توازي سرعة هروب الأسد وسقوط نظامه، بدأ سنة البعث و"سرايا المقاومة" بالانسحاب التدريجي من التنظيمين، والبحث عن خيار جديد يتوافق والصورة التي ترتسم في المنطقة ولبنان، وعودة الدور السني إلى طليعته في السيادة والاستقلال وبناء الدولة، مشدوداً بأزر التغيير الذي حصل في سوريا، وتسلم السنة الحكم بعد أكثر من خمسين عاماً من حكم الأقليات.

حصلت استقالات بالجملة وتخلٍ عن بطاقات الانتساب لحزب البعث، وبدأ أصحابها بتسليمها إلى مسؤولي الشعب والبلدات، ولسان حالهم جميعاً يردد: انتفى السبب الذي دفعنا إلى الانتساب للبعث كي يقصدوه لإخراج أقرباء لهم من سجون سوريا، أو إزالة أسمائهم عن لوائح الأمن السوري، وتسهيل دخولهم إلى سوريا. وبالرغم من التطمينات التي وصلتهم بأن البعث سيغيّر اسمه كونه حاصلاً على ترخيص من الدولة اللبنانية، لم تفلح  في بقاء من استقالوا من صفوفه. وما ضاعف شعورهم بوهن البعث وضعفه، هو  قيام الجيش اللبناني بمداهمة منازل عدد من البعثيين بتهمة إخفاء عناصر وضباط من النظام السوري، الذين تم إلقاء القبض على عدد منهم، فيما لا يزال أصحاب تلك المنازل متوارين عن الأنظار.

وينطبق الأمر نفسه على السنة ضمن "سرايا المقاومة" وإن اختلفت الصورة. فقد كانت الحرب التي استمرت شهرين وبضعة أيام، سبباً في ترك هؤلاء "السرايا"، لأن  أحداً منهم لم يستطع استقبال أي من المسؤولين الحزبيين في منزله خوفاً من الاستهداف، وامتنع آخرون عن التواصل مع مسؤولين في "الحزب" للحصول على المساعدات المالية والعينية، والتي كانوا قد التحقوا بـ"السرايا" لأجلها.

اللافت في الأمر أن المنشقين عن "السرايا" والبعث، يقومون بتعبيد الطريق للحاق بركب التطورات، إما عبر مبايعة قائد العمليات العسكرية في سوريا أحمد الشرع حيناً، وإما بزيارة سوريا وبعض المقامات الدينية حيناً آخر، بموازاة مغازلة بعض القيادات السنية والأحزاب لا سيما تيار "المستقبل"، لضمان تكويعة جديدة نحوهم، خصوصاً وأن التيار الأزرق يضخ أجواءً عن اقتراب عودة الرئيس سعد الحريري، ما يوحي باستعادة التيار نشاطه السياسي والشعبي، وبالتالي ضمان عودة السنة إلى حضنه.

تتمثل هشاشة الجسم السني بالانتقال من ضفة لأخرى، والبحث دائماً عن قوةٍ يستظل بها لحمايته،. ويستدعي  هذا الظرف بالذات، البحث عن حاضنة قيادية تستطيع توحيد أبناء الطائفة على اختلاف مناطقهم وبلداتهم، بعد فشل معظم القيادات الحالية في أن تكون جامعة لهم، وتتم معاملتهم على أنهم صناديق بريد انتخابية، تنتهي صلاحيتها متى انتهت الإنتخابات. 

بوابة صيدا

الكاتب

بوابة صيدا موقع إخباري متنوع ينطلق من مدينة صيدا ـ جنوب لبنان، ليغطي مساحة الوطن، والأمة العربية، والعالمين الإسلامي والغربي.. يقدم موقع (www.saidagate.com) خدمة إخبارية متنوعة تشمل الأخبار السياسية، والاقتصادية، والاجتماعية، والإسلامية، والمقالات المتنوعة.. تقوم سياسة الموقع على الحيادية، والرأي والرأي الآخر، يستقي الموقع أخباره، من تغطيته للأحداث، ومن وكالات الأنباء العربية والعالمية..

مدونات ذات صلة