“سادتي، شعب إسرائيل، أطلب منكم الخروج إلى الشوارع من أجلنا! لست مستعداً لعار اعتقالي، لقد وهبت حياتي لكم”، هكذا صرخ جندي يرتدي الزي العسكري أمام العدسات بغضب. في هذه المرة، لا يتعلق الاحتجاج بغلاء المعيشة أو الانقلاب النظامي، بل بالهدف الأسمى الذي يمكن تخيله: الدفاع عن مغتصبين ساديين، أبطال إسرائيل الجدد.
دعي الجمهور لأداء واجبه الوطني، والآن يجب عليكم التقرير: هل أنتم مع اغتصاب في الشرج أم لا. ربما لم يكن هذا تخبطاً جدياً في الماضي البعيد، لكن المطالبة بالتحقيق مع المشتبه فيهم بفعل ذلك في هذه الفترة تجعلكم خونة خطيرين، متعاونين مع الأعداء اللدودين، بهدف المس بالقيمة المقدسة التي تتمثل بالاغتصاب.
افحصوا أنفسكم: معتقل فلسطيني تم احتجازه في منشأة الاعتقال الظلامية “سديه تيمان”، توجه إلى المستشفى عقب ضرر كبير أصاب شرجه، وبسبب ذلك لا يقدر على المشي. لا نعرف عمره أو منصبه، وأي أعمال اشتبه أنه ارتكبها وإذا كان مذنباً أم لا. في الأصل هذا غير مهم من أجل السؤال. هل يجب التحقيق مع الجنود المشتبه فيهم بالتحرش الجنسي؟
فكروا جيداً قبل الإجابة، لأن هذا قد يبدو بسيطاً. ولكن التفكير بوجوب فحص مثل هذه الادعاءات ليس مجرد تفكير ساذج ومتغطرس، بل هو ما يسمى الآن “حوار 6 أكتوبر”، وهذا أسوأ الموجود. لا تريدون التعلق بالماضي الظلامي فقط، لأنكم لم تستطيعوا الصعود في الوقت المناسب على عربة الفظائع والانطلاق نحو الهاوية بسرعة.
الوزير بن غفير وطني مشهور، لذلك يقف في الجانب الصحيح من قضية التحرش الجنسي. العفو لأنني كررت هذا التعبير مرة ثانية، لكن الفعل بالتأكيد أخطر من الكلمات التي تصفه. بعد وصول رجال الشرطة إلى “سديه تيمان” للتحقيق مع جنود الاحتياط المشتبه فيهم في القضية، أعلن بن غفير بأن “مسرحية رجال الشرطة العسكرية وهم قادمون لاعتقال أفضل أبطالنا في “سديه تيمان”، ليست أقل من أمر مخجل”. هذا يشوش قليلاً. لذلك، سأحاول شرح القاموس الجديد: “أفضل أبطالنا” هم الآن الأشخاص المشتبه فيهم بارتكاب التنكيل المخيف، أما المشهد المخجل فهو التحقيق معهم لذلك السبب. شيء ما تعودوا على فعله فقط في مكان بعيد جداً يسمى “دولة القانون”.
صرخة بن غفير وصلت عنان السماء، وسارع عشرات الإسرائيليين من بينهم أعضاء كنيست ووزير للانقضاض بأجسادهم على الجدران التي تحيط بـ ”سديه تيمان” وعلى المعايير الأخلاقية الرخوة. “الوطني إنسان يستطيع الصراخ بصوت مرتفع بدون معرفة على ماذا يصرخ”، كتب مارك توين. يبدو أنه يمكن القول بثقة كبيرة، إنه لم يخطر بباله أيضاً أن يأتي يوم ويصرخ فيه الوطنيون بسبب الاغتصاب الوحشي. في الحقيقة، هذا غير مفاجئ، لأن شهادات حول أفعال فظيعة في “سديه تيمان” موجودة منذ أشهر. أين يمر الحد الوطني بين الاغتصاب، والتقييد الذي يؤدي إلى بتر أعضاء أو أفعال أخرى أدت إلى موت عشرات المعتقلين؟
حتى الآن، أي محاولة للتعبير عن معارضة هذه اللطخة الأخلاقية التي تسمى “سديه تيمان”، ووجهت بعنف واعتبرت خيانة. جميع الأشخاص الذين برروا وجود منشأة سادية تعارض القانون الإسرائيلي والقانون الدولي لا يمكنهم الاستغراب، حيث الوهم الدقيق للقانون يتفكك في نهاية المطاف، والآن يُطلب منهم الخروج إلى الشوارع للدفاع عن الحق في الاغتصاب في الظروف الصحيحة.
(يوعنا غونين / هآرتس 30/7/2024 / نقلا غن القدس العربي)
بوابة صيدا موقع إخباري متنوع ينطلق من مدينة صيدا ـ جنوب لبنان، ليغطي مساحة الوطن، والأمة العربية، والعالمين الإسلامي والغربي.. يقدم موقع (www.saidagate.com) خدمة إخبارية متنوعة تشمل الأخبار السياسية، والاقتصادية، والاجتماعية، والإسلامية، والمقالات المتنوعة.. تقوم سياسة الموقع على الحيادية، والرأي والرأي الآخر، يستقي الموقع أخباره، من تغطيته للأحداث، ومن وكالات الأنباء العربية والعالمية..