• لبنان
  • الجمعة, تشرين الثاني 22, 2024
  • اخر تحديث الساعة : 10:41:39 م
inner-page-banner
مقالات

الحرب على غزة ـ راحاب وأولادها

بديعة النعيمي ـ بوابة صيدا

ورد بحسب الخرافة التوراتية بأن "يهوشع بن نون" خليفة موسى، عندما استولى على منطقة شرقي الأردن بعد قتل سكانها، قرر الاستيلاء على أريحا. فأرسل إليها جاسوسين بهدف معرفة قوة حاميتها ومواطئ ضعفه.

ولأن ضعاف النفوس ممن يبيعون أوطانهم بأثمان بخسة، موجودون في كل زمان ومكان، فقد مثلت الخيانة في ذلك الوقت امرأة اسمها "راحاب" العاهرة.

حيث قامت بإيواء الجاسوسين حتى نهاية المهمة. ثم قامت بعد ذلك بتهريبهما من المدينة، مقابل وعد أخذته منهما يتضمن عدم المساس بها وبأهلها عند العودة لاحتلال أريحا.

وكما تقول الخرافة اليهودية التوراتية فإنه عند اجتياح مدينة أريحا من قبل "يهوشع" وجيشه قاموا "بذبح كل ما فيها من بشر، رجالا ونساء وصغارا وكبارا". كما "قتلوا أبقارها وأغنامها وحميرها" واعتبروها "مدينة ملعونة". باستثناء "راحاب" التي نجت هي وأهلها من القتل.

فالقصة ليست جديدة. فمنذ أن قدحت شرارة فكرة الاستيلاء على فلسطين التاريخية في ذهن مؤسسي الحركة الصهيونية، "وراحاب" العاهرة تتكاثر وتساهم في تنفيذ مخططاتهم ومؤامراتهم ولكن بمسميات جديدة. فعندما وصلت الخلافة العثمانية مرحلة الوهن، ظهرت "راحاب" لتساعد عبر الرشاوى في التأسيس للاستيطان في فلسطين. وساهمت في تمرير الهجرات اللاشرعية إلى فلسطين.

وفي نهايات الخلافة عادت وظهرت على شكل جمعيات صهيونية ابرزها "الاتحاد والترقي" و "جمعية تركيا الفتاة"  بقيادة يهود "الدونمة" حيث ساهمتا في إسقاط الخلافة وخاصة بعد رفض السلطان عبد الحميد الثاني بيع فلسطين لليهود حين زاره "ثيودور هيرتزل" وعرض عليه تسديد ديون الدولة وآلاف الليرات الذهبية له شخصيا.

ثم عادت "راحاب" لتظهر بشخص " جمال أتاتورك" اليهودي العلماني الذي أول ما قام به، منع الأذان في المساجد، وقلب نظام الدولة الإسلامي ليحل مكانه النظام العلماني. ثم نكل بالعرب وعلى إثرها كانت اتفاقية "سايكس بيكو" حيث تكاثرت "راحاب" لتصل إلى حكام يقال أنهم عرب، ساهموا بفعل رغباتهم وأطماعهم بتقسيم البلاد والعباد وأنجحوا الاتفاقية التي لم تقم بعدها للعرب قائمة.

فكان الاستعمار البريطاني والفرنسي على بلادنا. فاستقل الجميع استقلالا زائفا كاذبا ووضعت فلسطين تحت الانتداب البريطاني الخبيث. وعندما أنهت انتدابها خرجت "راحاب" الصهيوعربية لتقتسم فلسطين مع اليهود.

ثم توالت الخيانات وكانت "راحاب" قد تكاثرت وأصبح لها الكثير من الأولاد ساهموا في التطبيع مع اليهود عبر الاتفاقيات والمعاهدات المخزية. فمن "كامب ديفيد" إلى "أوسلو" ف"وادي عربة" وصولا إلى ما تسمى ب "اتفاقيات أبراهام" والتي شكلت مسارا جديدا من الانحطاط سيرا على خطى أمهم "راحاب" التي ما زالت إلى اليوم تعلمهم خيانة الأوطان والتآمر على الأهل.

كل ذلك من أجل ماذا؟؟؟

العروش؟ الكراسي؟ التمسك بالعز والجاه الموهوم المغمس بالذل والعار؟

حتى لو كان الثمن خيانة الأوطان، ومساهمة في إبادة جماعية تمارسها دولة ظالمة، بل دول على قطاع ضيق مكتظ. تقتل كل ما فيه كما فعل بطل أسطورتهم "يهوشع" بشرقي الأردن؟.

هل الكرسي مغر لهذه الدرجة؟ درجة الاستكانة المقيتة والصمت المقزز والتواطئ المهين، بل والقتل.

يصمتون حين تذبح غزة ويجوع أهلها، وينتفضون ليهود الشتات وبطونهم شبعى.

يصفقون لأمثال "نتنياهو" حينما يصف أطهار غزة بالحيوانات. ول "سموتريتش" حين ينكر وجود شعب صامد فقد أرضه، اسمه فلسطيني. بل ويدعو إلى عمليات الطرد والتهجير لاستيطان ما تبقى من الأرض.

يكملون تصفيقهم لجعير "بن غفير" وهو الذي لا يساوي شعس نعل لطفل من غزة، حين يدعو إلى إبادة غزة وشعبها.

فإلى متى وراحاب تتكاثر في أوطاننا؟ وإلى متى نصمت كشعوب على خيانتها وخيانات أولادها؟.

بوابة صيدا

الكاتب

بوابة صيدا موقع إخباري متنوع ينطلق من مدينة صيدا ـ جنوب لبنان، ليغطي مساحة الوطن، والأمة العربية، والعالمين الإسلامي والغربي.. يقدم موقع (www.saidagate.com) خدمة إخبارية متنوعة تشمل الأخبار السياسية، والاقتصادية، والاجتماعية، والإسلامية، والمقالات المتنوعة.. تقوم سياسة الموقع على الحيادية، والرأي والرأي الآخر، يستقي الموقع أخباره، من تغطيته للأحداث، ومن وكالات الأنباء العربية والعالمية..

مدونات ذات صلة