أمل سيف الدين ـ الديار
في عالمنا الرقمي المتسارع، أصبح التأثير عبر وسائل التواصل الاجتماعي قوة لا يستهان بها. هادي الهضام، التيكتوكر الشاب البالغ من العمر 17 عامًا، نجح في جذب آلاف المتابعين بفضل موهبته في الغناء والرقص والأزياء. إلا أن هذه الشهرة لم تكن لتخلو من تحدياتها.
ففي ليلة مشؤومة من شهر نيسان 2024، تحول مسار حياة هادي من صعود مستمر إلى كابوس حقيقي، حينما وجد نفسه في خضم أحداث غامضة ومخيفة. تلك الليلة التي بدأت باتصال هاتفي غير متوقع، كشفت عن شبكة معقدة من الاتهامات والتلاعبات، تاركة عائلته في حالة من القلق والاضطراب.
من هو هادي الهضام؟
هادي الهضام، وهو تيكتوكر مشهور يقدم محتوى في الغناء والرقص والأزياء، من عكار ويعيش في عائلة محافظة. في 30-4-2024 الساعة 10 ليلاً، تلقى هادي الهضام اتصالًا من شخص يدعى هادي رعد. كان يسأله عن مكان وجوده. ووفقًا لادعاءات هادي الهضام، فإنه لا يعرف هذا الشخص معرفة شخصية، وأن معرفته به تقتصر على تيك توك. طلب هادي رعد من هادي الهضام أن يلتقيا، لكن الأخير اعتذر بحجة أنه مع أصدقائه، ولا يريد مقابلته. حصل ذلك بوجود اخته معه في السيارة، بعد ظهر يوم الثلاثاء الواقع في ٣٠ نيسان، نهار التوقيف.
ليلة الغموض في Foody Land: اختفاء هادي الهضام ومطاردة الحقيقة
أكدت مصادر خاصة لصحيفة "الديار" أن هادي الهضام توجه مع أصدقائه إلى "Foody Land" في منطقة الجناح لمتابعة مباراة كرة قدم. أثناء وجوده هناك، تلقى هادي اتصالًا آخر من الشخص نفسه يسأله عن مكانه. بعد أن أجابه هادي، طلب هادي رعد الانضمام إليهم لحضور المباراة، لكن هادي رفض بحجة أنه لا يريد رؤيته، مشيرًا إلى أنه يعرف انه ذو سمعة سيئة.
وبعد حوالى 5 دقائق، اقتحم عناصر من فرع المعلومات المقهى، وألقوا القبض على هادي الهضام وأخرجوه إلى الخارج، حيث كان يوجد عشرات المسلحين. قاموا بمصادرة سيارته وهاتفه. وحاولت أخته في الساعة 11 ليلاً التواصل معه عبر واتساب، لكنه لم يرد، رغم أن حالته كانت تشير إلى أنه متاح، مما جعلها تشعر بأن شيئًا سيئًا قد حدث له. وعند الساعة 12:30، اتصلت والدتها وأبلغتها بأن هادي قد تم اختطافه من قبل أشخاص مجهولين.
علمًا أن أخته كانت قد نزلت معه من منطقة عكار إلى بيروت، لكنها لم تذهب معه لحضور المباراة، بل ذهبت للقاء أصدقائها. بدأت أخته في البحث عنه لتكتشف عند الساعة 1:30 صباحًا أن هادي موقوف في فرع المعلومات، ولم يتلقوا أي اتصال من الفرع. في اليوم التالي، توجهت أخته إلى فرع جرائم المعلوماتية، وتأكدت من وجوده هناك، لكنها لم تحصل على تفاصيل حول سبب توقيفه.
ونهار الخميس كان لدى هادي تحقيق أولي ليدلي بإفادته، فقامت عائلته بتوكيل محامية له فوافقت المحامية واستغربت طريقة اعتقال هادي ووعدتهم بمساعدتهم، ووعدت الأهل بأنها ستحضر التحقيق الأولي لأنه بحسب المادة 47 يمنع التحقيق مع أي قاصر من دون وجود محام أو مندوب أحداث. ولكن المفاجأة كانت أن المحامية نهار الخميس صباحًا قررت عدم مساعدتهم بشكل يثير الشكوك. وبعد الضغط عليها، بعثت بمحامٍ من مكتبها لمساعدتهم، لكن الفرع رفض إدخال المحامي بحجة أن لديهم أمرا من النيابة العامة ومن القاضية عون بمنع دخول المحامي إلى التحقيق، رغم أن القانون ينص على أنه لا يجوز أن يتم التحقيق مع القصر من دون وجود محام.
هل سافر هادي إلى دبي؟ الحقيقة وراء الشائعات المربكة
كل ذنب هادي أنه كتب اسم "جاي"، المتهم بأنه رئيس عصابة التيكتوكرز المتهمين باغتصاب القصر وتهديدهم في "البايو" على صفحته على تيك توك. ولكن هادي كان يعتبر "جاي" داعمه الأساسي منذ بداية مسيرته على تيك توك. كما انتشرت شائعات بأن هادي هو القاصر الذي سافر إلى دبي للقاء "جاي"، رغم أنه لم يسافر قط، وجواز سفره كان مع المعلوماتية دون أي تأشيرات تدل على سفره إلى دبي.
بعيدًا عن العيون: لماذا اختفى.. هادي وما سر الرقم المجهول؟
نشرت أخته في خاصية الستوري على انستغرام صورة كتبت فيها عن اعتقاله وتعبر عن انزعاجها لعدم اتصال أحد بالعائلة. وبعد عشر دقائق من نشر الكلام المذكور، ورد اتصال من رقم 01، وكان المتصل هادي نفسه، يؤكد أن الفرع منعه من التواصل مع عائلته منذ توقيفه وشدّدوا عليه قائلين: "حتى أهلك ما بدنا ياهن يعرفوا وينك".
محققون ومحامون في تحقيق.. ملتبس حول اختفاء هادي
ومنذ فترة قليلة، جرى تحقيق ثانٍ في حضور محام، لكن الأمور أصبحت أكثر غموضًا. فقد وقع هادي على أقوال لم يدلِ بها، مدعيًا أن مندوبة الأحداث قدمت صورًا لا علاقة له بها، زاعمة أنها وجدتها على هاتفه. كما أضاف المحقق في أقوال هادي أن "جيجي"، المتهمة أيضًا، كانت على معرفة بهادي، وأنه قد قبض مبلغ 250 ألف دولار. وعندما سأل المحامي هادي أمام المحقق إذا كان قد اعترف بهذه الأمور، نفى هادي إدلاءه بأي من هذه المعلومات، مما أثار التساؤلات حول غاية هذه المندوبة وكيف أصبح التحقيق مشوبًا بالتلاعب.
الغموض لم يتوقف هنا. فقد طلب رتيب التحقيق حسن فواز من والد هادي عدم توكيل محامٍ، مؤكدًا أن هاتف هادي نظيف وسيتم الإفراج عنه بعد العطلة. ومع تزايد الشكوك، تظل الأسئلة دون إجابات واضحة، ويبقى مصير هادي معلقًا في ظل هذه الظروف المريبة.
وفي تطور آخر، علمت "الديار" أن القاضية غادة عون طلبت من القاضية جويل أبي حيدر تأجيل محكمة الأحداث عدّة مرّات بحجة عدم قدرتها على إرسال الأطفال إلى قصر العدل في بعبدا بسبب الضغوط الإعلامية. وتم تأجيل الجلسة، ولكن وفاة شقيق قاضي التحقيق الأول منصور أدى إلى تأجيل الجلسة إلى أجل غير مسمى، مما زاد من تعقيد الوضع وجعل الأمور أكثر غموضًا.
علماً أن الجلسة الأولى حصلت مع قاضي التحقيق الاول نقولا منصور في ٢٧ ايار وقدّم المحامون الموكّلون عن القصر دفوعا شكلية، مما دفع القاضي الى تعيين جلسة ثانية في ٩ تموز نسبةً لتعقيد الملف ووسعة تحقيقاته.
تجمع هذه الأحداث المتلاحقة بين التلاعب في التحقيق وتأجيل الجلسات القضائية، وشبهات اخرى في تواطؤ المندوبة ورتيب التحقيق، مما يضع عائلة هادي في موقف صعب، ويثير العديد من التساؤلات حول العدالة والشفافية في هذه القضية.
بينما تتوالى الأحداث وتتعقد الخيوط، يظل هادي الهضام وعائلته في مواجهة مصير مجهول، يرسمه غموض التحقيقات وتلاعبات القضاء. لم يكن يومًا في حياتهم يخلو من التوتر والقلق، حيث يحاولون مواجهة تهم ملفقة والدفاع عن براءتهم في عالم مظلم حافل بالتحديات والمخاطر الرقمية. وبينما ينتظرون الحكم النهائي، يبقى للعدالة فصل آخر في هذه القصة المثيرة، حيث يتمنون أن يتم كشف الحقيقة وإثبات براءة هادي، معلنين نهاية مشوقة لهذا الفصل المأسوي في حياتهم، وبداية لمغامرات جديدة تنتظرها الأفق.