• لبنان
  • الخميس, كانون الأول 26, 2024
  • اخر تحديث الساعة : 4:29:43 م
inner-page-banner
مقالات

الحرب على غزة ـ خذوا إمبريالتكم واخرجوا من أرضنا

بديعة النعيمي ـ بوابة صيدا

الإمبريالية فلسفة سياسية هدفها التوسع الإقليمي ثم إضفاء الشرعية على هذا التوسع.

وقد استمدت هذه الإمبريالية مبدأها المشوه الذي طبقته عامدة على عالم البشر من المعرفة التي اكتسبها العلم الأوروبي في مطلع القرن التاسع عشر. حيث صنف العالم إلى فئات ودرجات طبقا للقوة والضعف، التقدم والتخلف، التفوق والتدني.

وقد كان هذا التصنيف هو الإنجاز الرئيسي للعلم الأوروبي في القرن المذكور.

ومن هنا ذهب "داروين" إلى تطبيق نظريات التصنيف للنبات والحيوان على البشر. فقسمهم إلى أجناس، الأبيض والأسود والأصفر وغيره.

وقسم آخرون البشر بناء على اللغات حتى وصل بعضهم إلى التصنيف حسب الفروق العرقية والسلالية. فجاء تصنيف المجتمعات إلى متقدمة ومتخلفة، وأن الإنسان المتحضر يتمتع بالقدرة على تطوير الأرض وتنميتها.

فالإنسان من الجنس الأبيض يتمتع بالقدرة على الإنتاج والإبداع بعكس الأسود المبدد للموارد الطبيعية وإنتاج الأرض.

ومن هنا جاء تقسيم البعض للأراضي في العالم إلى صنفين، صنف فارغ بصرف النظر عن وجود سكان فيه. وصنف تسكنه مجتمعات متحضرة. ولقد صودر الصنف الأول لصالح الرجل الأوروبي الأبيض.

فكان من نتيجة تلك التصنيفات أن قامت الحملات الواسعة في نهاية القرن التاسع عشر لاقتسام الأراضي في افريقيا وآسيا وأمريكا.

وبهذا كان ذلك العلم الأوروبي قد ساعد الرجل الأبيض لتبرير إمبرياليته فاستوطن الأرض التي لا يملكها وشرد أصحابها الشرعيين.

وعندما نشأت الحركة الصهيونية كانت قد استفادت من تلك الإمبريالية في الاستيلاء على أرض فلسطين وأضافتها كخلطة مهمة إلى النصوص الدينية المقدسة عند اليهود.

وبالاستناد إلى التقسيم السابق الذي قسم الأراضي في العالم إلى صنفين أحدهما صنف فارغ ادعت الصهيونية أن فلسطين أرض بلا شعب بالرغم من سكانها الذين يقطنون أرضها منذ قرون. وبمساعدة المستشرقين الذين نقلوا صورة مغلوطة للعالم الغربي بأنها عبارة عن صحراء ومستنقعات وتنتشر فيها الحشرات ،كانت لهم الأحقية في مصادرتها من منطلق أن الرجل الأوروبي الأبيض هو الأولى بتعميرها وتحويلها إلى جنان. وبما أن المستوطنين الأوائل هم من هذا الصنف الأوروبي الأبيض فقد مارسوا إمبريالية الغرب عليها وعلى سكانها المصنفين حسب التصنيفات العلمية الغربية بأنهم الملونين المتخلفين المبددين لموارد الأرض.

وقد تعامل هؤلاء مع الشعب الفلسطيني منذ البداية على هذا الأساس بل أسوأ.

فأبادوهم باعتبارهم حيوانات تشبه البشر. بالرغم من أن الحيوانات تحظى في الغرب الذي جاءوا منه بالاهتمام والرعاية.

ولم تتوقف هذه الدولة وصهيونيتها الإمبريالية عن التعامل مع صاحب الأرض الشرعي على أنه حيوان ومتخلف.

فاليوم في حربه على غزة ، يدخلها بنيامين نتنياهو مع جيشه من نفس المنطلق الإمبريالي العفن فيصف أهلها بالحيوانات هو وقادة وسياسيي الاحتلال.

وقد افتخر وزير الدفاع بأن "جيشه فرض حصارا شاملا على غزة تضمن قطع الماء والكهرباء ومنع الإمداد بالوقود والطعام معلنا العزم على إبادة سكان القطاع لأنهم حيوانات على شكل بشر".

كما تسابق ذكور الساسة والدين الذين ليسوا برجال فالرجولة تتبرأ منهم لأفعالهم، على التحريض ضد الفلسطينيين وتكرر إطلاق وصفهم بالحيوانات. وباتت هذه الأوصاف جزءا من خطابهم السياسي.

ومن هنا فإن صهيونية هذه الدولة مارست إمبريالية الغرب المتوحش على أصحاب الأرض الشرعيين إلا أن المقاومة الفلسطينية أعطتهم منذ بداية الحرب دروسا قاسية في العلوم ولقنتهم درسا مهما لن ينسوه بأن أهل غزة هم الأرقى في سلم التصنيفات البشرية وهي خط أحمر فخذوا إمبريالتكم واخرجوا من أرضنا.

بوابة صيدا

الكاتب

بوابة صيدا موقع إخباري متنوع ينطلق من مدينة صيدا ـ جنوب لبنان، ليغطي مساحة الوطن، والأمة العربية، والعالمين الإسلامي والغربي.. يقدم موقع (www.saidagate.com) خدمة إخبارية متنوعة تشمل الأخبار السياسية، والاقتصادية، والاجتماعية، والإسلامية، والمقالات المتنوعة.. تقوم سياسة الموقع على الحيادية، والرأي والرأي الآخر، يستقي الموقع أخباره، من تغطيته للأحداث، ومن وكالات الأنباء العربية والعالمية..

مدونات ذات صلة