• لبنان
  • الاثنين, كانون الأول 01, 2025
  • اخر تحديث الساعة : 2:42:06 م
inner-page-banner
مقالات

الأمر لا يقتصر على غزة: هجوم إسرائيل يتسع من الضفة الغربية إلى سوريا ولبنان

(نسرين مالك ـ الغاردين)

من الواضح الآن أن وقف إطلاق النار في غزة ليس سوى "تخفيف لإطلاق النار". فالهجوم مستمر. هناك هجمات شبه يومية على القطاع. في يوم واحد فقط نهاية تشرين الأول / أكتوبر، قُتل ما يقرب من 100 فلسطيني. وفي 19 تشرين الثاني / نوفمبر، قُتل 32 شخصاً. وفي 23 تشرين الثاني / نوفمبر، 21 شخصاً. والقائمة تطول. منذ بدء وقف إطلاق النار، قُتل أكثر من 300 شخص وأصيب ما يقرب من 1000 آخرين. وهذه الأرقام مرشحة للارتفاع. التحول الحقيقي هو أن وقف إطلاق النار قد قلل من الاهتمام والتدقيق العالمي. وفي الوقت نفسه، تتضح خطة إسرائيل الناشئة: هيمنة دموية ليس فقط في غزة، بل عبر فلسطين والمنطقة الأوسع.

وصفت الأمين العام لمنظمة العفو الدولية، "أغنيس كالامارد"، فترة ما بعد وقف إطلاق النار بأنها "وهم خطير بأن الحياة في غزة تعود إلى طبيعتها". وقالت إن السلطات الإسرائيلية قللت الهجمات وسمحت بدخول بعض المساعدات إلى غزة، لكن "يجب ألا ينخدع العالم. الإبادة الجماعية الإسرائيلية لم تنته بعد". لم يعد أي مستشفى في غزة يعمل بكامل طاقته. ومع حلول الأمطار وبرودة الطقس، أصبح الآلاف مكشوفين في خيام متهالكة. ومنذ وقف إطلاق النار في 10 تشرين الأول / أكتوبر، منعت السلطات الإسرائيلية دخول ما يقرب من 6500 طن من مواد الإغاثة المنسقة من قبل الأمم المتحدة إلى غزة. ووفقاً لمنظمة أوكسفام، رُفضت شحنات المياه والغذاء والخيام والمستلزمات الطبية من 17 منظمة غير حكومية دولية خلال الأسبوعين الأولين بعد وقف إطلاق النار وحدهما.

والنتيجة هي أن السكان الذين دُمرت منازلهم وسبل عيشهم وملاجئهم الثابتة، لا يزال لا يُسمح لهم بتأمين خيام أكثر أماناً أو غذاء كافياً. تحتجز السلطات الإسرائيلية سكان غزة في مظهر مؤلم، مواصلة العقاب الجماعي، ومانعة ظهور الظروف اللازمة لحياة طبيعية، ومكرسة وضع إسرائيل كسيد أوحد لا يخضع للمساءلة، وله سلطة غير محدودة على سكان القطاع.

الضفة الغربية وحصار عسكري شامل

تقع غزة في الطرف المدبب لتوسع الإمبريالية الإسرائيلية، التي تمتد إلى الضفة الغربية وما وراءها. ففي الأراضي المحتلة بالضفة الغربية، يتواصل التصعيد ليتحول إلى حصار عسكري شامل، مع حملة قمع مكثفة منذ 7 أكتوبر 2023. وقد أُجبر عشرات الآلاف من الفلسطينيين على النزوح من منازلهم هذا العام في نمط وصفته منظمة "هيومن رايتس ووتش" بأنه يرقى إلى "جرائم حرب، وجرائم ضد الإنسانية، وتطهير عرقي... ينبغي التحقيق فيها ومحاكمة مرتكبيها".

في الأسبوع الماضي، ظهرت لقطات لرجلين فلسطينيين في جنين أعدما على يد جنود إسرائيليين بعدما بدا أنهما استسلما. وقال وزير الأمن القومي اليميني المتطرف، "إيتمار بن غفير"، إن القوات المتورطة في عمليات القتل تحظى "بدعم كامل" منه، مضيفاً: "تصرفوا تماماً كما هو متوقع منهم — يجب أن يموت الإرهابيون".

وهذه مجرد نافذة صغيرة، في لحظة نادرة تم تصويرها، على سفك الدماء. فقد قُتل أكثر من 1000 شخص على يد القوات والمستوطنين الإسرائيليين في الضفة الغربية خلال العامين الماضيين. واحد من كل خمسة منهم من الأطفال. ويُشتبه في أن أكثر من 300 حالة كانت "إعدامات خارج نطاق القضاء".

وفي تشرين الأول / أكتوبر من هذا العام، سجلت الأمم المتحدة أكثر من 260 هجوماً للمستوطنين، وهو أعلى مستوى منذ بدء سجلاتها قبل 20 عاماً. وأكثر من 93% من التحقيقات في هذه الهجمات تنتهي دون توجيه اتهامات. ويُفيد بأن عشرات الأسرى الفلسطينيين يموتون في السجون الإسرائيلية بسبب العنف الجسدي أو الإهمال الطبي، ويصف أولئك الذين يخرجون أحياء جحيماً من التعذيب وسوء المعاملة.

الامتداد إلى سوريا ولبنان

وتستمر حدود التفويض الإسرائيلي بالاعتداء والقتل والاستيلاء على الأراضي في الاتساع. ففي الأسبوع الماضي، شنت القوات الإسرائيلية توغلاً برياً في جنوب سوريا، مما أسفر عن مقتل 13 سورياً، من بينهم أطفال. رفض الجيش الإسرائيلي تقديم معلومات عن المجموعة التي زعم استهدافها في الغارة، ليحتفظ ببساطة بحقه في التوغل في الأراضي السورية، كما فعل عدة مرات منذ غزوه واحتلاله للمنطقة العازلة بين البلدين وأجزاء أخرى من جنوب سوريا. ومنذ ذلك الحين، اتهمت منظمة "هيومن رايتس ووتش" القوات الإسرائيلية بتطبيق دليل الاستعمار المماثل لما يُرى في الأراضي الفلسطينية: عمليات نزوح قسري، ومصادرة منازل، وهدم، وقطع سبل العيش، ونقل غير قانوني لمعتقلين سوريين إلى إسرائيل. وتعتزم إسرائيل الحفاظ على وجودها إلى أجل غير مسمى.

أما في لبنان، حيث لا يزال 64 ألف شخص نازحين من منازلهم بعد حرب العام الماضي، تتصاعد الهجمات الإسرائيلية. على الرغم من التفاوض على صفقة سلام في تشرين الثاني / نوفمبر الماضي، شنت إسرائيل غارات شبه يومية في الأراضي اللبنانية، كان آخرها الأسبوع الماضي فقط. وتواصل احتلال خمس نقاط استراتيجية تشن منها هجمات على أهداف تزعم أنها مرتبطة بحزب الله.

ووفقاً لقوة حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة في لبنان، فإن إسرائيل مذنبة بارتكاب أكثر من 10,000 انتهاك جوي وبري لوقف إطلاق النار، قُتل خلالها مئات الأشخاص.

في خضم هذه الفوضى، يُطرد المدنيون مرة أخرى من أراضيهم، ويصبحون عرضة للاعتداءات العسكرية الإسرائيلية، ويخضعون أساساً لنوع من "السيادة الإسرائيلية الفائقة". ووفقاً لتقرير حديث لصحيفة "نيويورك تايمز"، "يقدم الوضع في لبنان مثالاً مقنعاً لشرق أوسط جديد حيث أصبح النفوذ الإسرائيلي منتشراً في كل مكان تقريباً".

أي وقف إطلاق النار هذا؟ وما نوع هذا الوضع القائم؟ الإجابة هي: وضع متقلب وغير مستدام، لا يمكن لأي عقل رشيد أن يتوقع ظهور أي شكل من أشكال السلام خلاله، سواء في فلسطين أو في الشرق الأوسط .

قد يكرر الوسطاء وأصحاب المصلحة والدبلوماسيون لغة وقف إطلاق النار المرحلي ومخططات إعادة الإعمار، لكن الحقيقة هي أن هذه خطط لمستقبل لن يتحقق أبداً ما لم تتوقف الأعمال غير القانونية لإسرائيل عبر الأراضي التي ليس لها حقوق قانونية عليها.

إن الوهم الخطير بأن الحياة تعود إلى طبيعتها لا ينطبق فقط على غزة، بل على فلسطين والمنطقة الأوسع. وسرعان ما سوف يتبدد هذا الوهم.

بوابة صيدا

الكاتب

بوابة صيدا موقع إخباري متنوع ينطلق من مدينة صيدا ـ جنوب لبنان، ليغطي مساحة الوطن، والأمة العربية، والعالمين الإسلامي والغربي.. يقدم موقع (www.saidagate.com) خدمة إخبارية متنوعة تشمل الأخبار السياسية، والاقتصادية، والاجتماعية، والإسلامية، والمقالات المتنوعة.. تقوم سياسة الموقع على الحيادية، والرأي والرأي الآخر، يستقي الموقع أخباره، من تغطيته للأحداث، ومن وكالات الأنباء العربية والعالمية..

مدونات ذات صلة