المجتمع

د. عبد الكريم بكار

في كل مرة أسمع شاباً يقول: "أنا حرّ في اختياراتي"... أبتسم. ليس سخرية، بل لأنني كنت يوماً أقول مثل هذا، حتى اكتشفت أن الحرية لا تعني أن تختار، بل أن تعرف من الذي يُملي عليك الاختيار دون أن تشعر.

إن المجتمع اليوم – بعاداته، بمنصاته، بلغة مديحه وعتابه – لا يُخبرك ماذا تفعل صراحة، لكنه يشكّل أُفق تفكيرك بصمت، ويعيد برمجة وعيك كل يوم دون أن يستأذنك.

تعتقد أنك تختار، لكن في الحقيقة: أنت تسير على سكة وُضعت تحت قدميك منذ سنوات الطفولة… عبر الإعلانات، والأمثال، والمقارنات، والضغط الاجتماعي، وحتى عبر الدين إذا فُهم منقوصاً.

أيها الشاب، أيتها الفتاة:

إن التحرر لا يكون بالصوت العالي، ولا بالتمرّد، بل بأن تجلس مع نفسك وتُسائلها: لماذا أختار ما أختاره؟ من أين جاءت هذه القناعة؟ ولمن تُرضي هذه الخطوة؟ وهل أنا أقود نفسي… أم تُساق من حيث لا أدري؟

إن الأمة لا تقوم بخُطَب الحماسة، بل برجالٍ ونساءٍ فكّوا الأغلال عن عقولهم، ونقّوا نواياهم، وساروا في درب الوعي وهم يُراجعون أنفسهم قبل أن يُراجعوا الآخرين.

ـــــــــــــ

إقرأ أيضاً

القيم ومصادرها: من أين يتلقّى الطفل قيمه؟

52 معلماً في تربية الأبناء (للآباء والأمهات)