مقالات

د. عبد الكريم بكار ـ بوابة صيدا

ليس السؤال: هل يتشرّب الطفل قيماً؟

بل السؤال الأهم: من أين؟ وعلى يد مَن؟ وبأي أسلوب؟

الطفل يولد بعقل منفتح وذاكرة مستعدة، ولا تمر سنواته الأولى حتى يكون قد امتلأ بمئات القيم والتوجهات.

من هنا، علينا كمربين أن ندرك أن غرس القيم لا يحدث فقط عبر الدروس المباشرة أو القصص الجميلة، بل يتم من خلال أربع قنوات رئيسية:

1. الأسرة: القدوة الحيّة

يتعلّم الطفل من أفعال والديه أكثر مما يتعلّم من أقوالهم.

حين يرى الصدق في حديث أبيه، والتواضع في سلوك أمه، يتشرّب هذه القيم دون أن يشعر.

وأي انفصال بين القول والفعل يربكه ويشوّش بوصلته الأخلاقية.

2. المدرسة والمربّون

المعلم ليس ناقلاً للعلوم فقط، بل هو حامل لقيم.

المواقف اليومية في الصف، وطريقة التعامل مع الخطأ، ولغة الجسد، وحتى تعابير الوجه… كلها رسائل تُغرس في وجدان الطفل.

3. وسائل الإعلام والتقنية

منصات التواصل، الرسوم المتحركة، الألعاب، المقاطع القصيرة…

هذه الوسائل لا تمرّ على الطفل مرور الكرام، بل تشكّل جزءاً كبيراً من مخزونه القيمي، سواء بالوعي أو باللاوعي.

ولهذا، فالرقابة الذكية، والمشاركة الواعية في اختيارات الطفل الرقمية، أصبحت ضرورة لا ترفاً.

4. الأصدقاء والمجتمع

ما يُقال على ألسنة أقرانه، وما يُتداول في بيئته القريبة، يزرع فيه الكثير…

فالصداقة ليست مجرد ترفيه، بل بيئة تشكيل للقيم.

ومن مسؤولية الأهل توسيع دائرة المعارف، واختيار البيئات النظيفة التي يندمج فيها.

خلاصة اليوم:

غرس القيم لا يبدأ عندما نقرر أن نبدأ،

بل هو عملية مستمرة، تبدأ من لحظة الميلاد، وتمضي بصمت…

فإن لم نكن نحن من يغرس، تولى غيرنا المهمة!