بديعة النعيمي ـ بوابة صيدا
صباح الخامس من مايو لعام 2025 اختار الصاروخ اليمني الفرط صوتي رمزا صهيونيا قام بالأمس على حساب الدم والألم الفلسطيني، حيث التاريخ الدموي للعصابات الصهيونية التي ارتكبت مئات المجازر عام 48 وكانت اللد واحدة منها.
اللد التي أدرك قادة الحركة الصهيونية منذ البداية بأنها إن أرادت البقاء على قيد الوجود فلا بد من القضاء على وجود المدينة، لأن بقاءها سيشكل عقبة في طريق إقامة الدولة اليهودية، فكانت عملية "داني" التي أطلقها "بن غوريون" في مطلع نوفمبر 1948. مع العلم أن اللد كانت ضمن الدولة العربية بحسب قرار التقسيم الصادر عن "الأمم المتحدة" في نوفمبر 1947.
وتم الاستيلاء على المدينة بما فيها مطارها الذي كان يمثل في ذلك الوقت أبرز رموز الجغرافيا الفلسطينية وعصبها الأهم بعد مجزرة طالت المئات من أهلنا، وتهجير الآلاف.
المطار الذي يحمل اليوم اسم أول رئيس وزراء صهيوني "بن غوريون"، هو معلم أيديولوجي يثبت أن دولة الاحتلال الغاصبة قامت على سياسة النفي والمحو، فبعد الاستيلاء عليه تمت إعادة تسميته وأخضاعه للسردية الصهيونية القائمة على تزوير الحقائق وإعادة كتابة التاريخ المزيف كما هي عادتها مع كل ما هو فلسطيني.
إن استهداف هذا المطار من قبل أنصار الله في اليمن ردا على استباحة غزة وأهلها بالقصف والحصار، يعيد إلى أذهاننا ذلك التاريخ المؤلم . وهذه الضربة المباركة لم تكن تهدف إلى تعطيل حركة الطيران وحسب، بل هي تهديد للأمن الداخلي لدولة الاحتلال ومساس برمز من رموز سيادتها. فإعلان الطيران الأجنبي عن وقف رحلاته إلى هذا المطار ولو بشكل مؤقت يمثل لحظة انهيار نفسي لدى المؤسسة الصهيونية التي بنت صورة وهمية للأمان المطلق على مدى عقود، حيث كسرت الضربة هذه الهالة وفضحت هشاشتها. وقد ورد عن شبكة "سي إن إن الأمريكية" أن "فشل "إسرائيل" في اعتراض صاروخ يمني استهدف مطارها الرئيسي كشف نقاط ضعفها".
فالصاروخ اليمني الذي استطاع اختراق ٤ طبقات للدفاع الجوي ووصل إلى قلب هذا المطار يعتبر تحول استراتيجي في قواعد الاشتباك حيث باتت رموز السيادة لدولة الاحتلال أهدافا مشروعة. وهذه الرموز لا تشكل فقط مراكز قيادة، بل تمثل البعد الاستعماري الذي قامت عليه دولة الاحتلال المارقة. فالمكان الذي استخدم يوما في تهجير الشعب الفلسطيني، يضرب اليوم بصاروخ يمني عربي أصيل، وكأن التاريخ يثأر لنفسه بعد مرور سبعة عقود، لتغدو هذه اللحظة تاريخية بامتياز من ناحية تأثيرها وقوتها وقدرتها على تفكيك رمزي لأحد أهم أركان هذه الدولة. كما أن هذه الضربة كأنما جاءت لتحرر الجغرافيا من سطوة الأسماء المزيفة وتعيد لها الأسماء الحقيقة والدليل ما جاء في البيان الرسمي للمتحدث الرسمي باسم أنصار الله يحيى سريع حيث قال فيه... "سنعمل على فرض الحصار بتكرار استهداف المطارات خاصة مطار اللد المسمى "بن غوريون".
ومن هنا فإن هذه الضربة تفتح الباب أمام مرحلة جديدة في معادلات الصراع، حيث لم تعد دولة الاحتلال بمنأى عن تداعيات عدوانها وتجبرها واستقواءها، حتى من جبهات كانت في زمن مضى بعيدة عنها جغرافيا. وفي ظل هذه التغيرات قد نشهد تصاعدا في استهداف رموز أكثر لدولة الاحتلال يقلب موازين قواها. فالضربة اليمنية الحرة لم تكن فقط فعلا عسكريا، بل رسالة استراتيجية تقول أن الأيام القادمة قد تحمل مفاجآت أخطر.
بوابة صيدا موقع إخباري متنوع ينطلق من مدينة صيدا ـ جنوب لبنان، ليغطي مساحة الوطن، والأمة العربية، والعالمين الإسلامي والغربي.. يقدم موقع (www.saidagate.com) خدمة إخبارية متنوعة تشمل الأخبار السياسية، والاقتصادية، والاجتماعية، والإسلامية، والمقالات المتنوعة.. تقوم سياسة الموقع على الحيادية، والرأي والرأي الآخر، يستقي الموقع أخباره، من تغطيته للأحداث، ومن وكالات الأنباء العربية والعالمية..