• لبنان
  • الخميس, نيسان 24, 2025
  • اخر تحديث الساعة : 8:04:32 ص
inner-page-banner
مقالات

“فحم ليوم الاستقلال بأسعار زهيدة جدا"..!!!!

بديعة النعيمي ـ بوابة صيدا

انتشر مؤخرا على منصات مستوطنين وهم يحتفلون بما يسمى ب "يوم الاستقلال" صور لأطفال من غزة استشهدوا حرقا داخل خيامهم جراء قصف عصابات الاحتلال  وكُتب عليها..

“فحم ليوم الاستقلال بأسعار زهيدة جدا"..

إن ما ورد في الصورة يمثل جرحا مفتوحا في الضمير الإنساني، لا يمكن المرور عليه مرور الكرام دون استحضار السياقات السياسية والتاريخية والإنسانية التي تؤطر هذا المشهد المؤلم "فحم للبيع".

أن يُحتفل بما يسمى "يوم الاستقلال" على جثث أطفال أُحرقوا وهم أحياء داخل خيامهم، وأن تتحوّل صورهم إلى مادة تهكمية تُعرض على منصات إلكترونية، لهو تجسيد مرعب لانحدار القيم الإنسانية حين تسلبها الأيديولوجيا والعداء المتجذر ضد الآخر.

إن ما يُعرف ب "يوم الاستقلال" في الرواية الصهيونية، يقابله في الوعي الفلسطيني يوم "النكبة"، وهو اليوم الذي تم فيه اقتلاع مئات الآلاف من أصحاب الأرض الشرعيين من قراهم ومدنهم عام 48، ومحو أكثر من 500 قرية فلسطينية عن الوجود، وارتكبت عشرات المجازر الجماعية، وأُجبر الشعب الفلسطيني على التهجير القسري.

وهو لا يزال يدفع ثمن تلك اللحظة التاريخية حتى اليوم. وفي الوقت الذي تحتفل فيه دولة الشتات بقيامها المزعوم، يتذكر الفلسطينيون جراحهم المفتوحة، ويعيشون تداعيات النكبة على شكل حصار، احتلال، استيطان، قتل ممنهج، وتجريف للهوية والتاريخ وأخيرا حفلات الشماتة على حساب جثامين متفحمة لأطفال غزة.

الصورة التي نُشرت والتي يظهر فيها مستوطنون يحتفلون ويعرضون تلك الصور، ليست مجرد فعل فردي، بل هي انعكاس لثقافة عنصرية متجذرة في فكر الاحتلال، تم شرعنتها سياسيا وتغذيتها إعلاميا، وتبريرها دينيا من قبل التيارات المتطرفة. فبدلا من أن تكون صورة الطفل المحترق صرخة ضمير تهز العالم، أصبحت مادة للسخرية والشماتة، وكأن الشهيد الفلسطيني لم يعد يُحسب ضمن السلم الإنساني أو الأخلاقي.

هذا التدهور الأخلاقي لا يقتصر على المنصات الفردية بل يجد صدى في صمت المجتمع الدولي، الذي يغض الطرف عن هذه الجرائم، ويستمر في سياسة الكيل بمكيالين.

إن استباحة دماء الأطفال واستخدام صورهم في الاحتفالات هو إعلان واضح أن القضية لم تعد فقط نزاعا سياسيا أو صراعا على الأرض، بل صارت معركة وجودية على المفهوم الإنساني نفسه.

فكيف يمكن للعالم أن يصمت أمام مشهد أطفال يُحرقون داخل خيامهم، ثم تُستخدم صورهم ك "دعاية احتفالية"؟؟

إن هذا الصمت المريب هو تواطئ بحد ذاته، ويعكس انهيار المنظومة الأخلاقية التي تأسست عليها القوانين الدولية ومواثيق ما تسمى بحقوق الإنسان.

ما حدث هو جريمة مزدوجة..قتل الأطفال الأبرياء حرقا، ثم تشويه ذكراهم عبر تحويلهم إلى أدوات دعائية في احتفالات تعيد إنتاج المأساة الفلسطينية في كل عام. هذا الفعل ليس فقط انتهاكا للإنسانية، بل هو محاولة لمسخ الحقيقة.

هذه الصور التي أراد العدو أن يجعل منها مادة سخرية، ستظل شاهدة على حجم الألم، وستبقى صرخة في وجه العالم بأن هناك شعباً يُقتل ويحترق ويُهان، ومع ذلك لا يزال يصمد، ويتشبث بأرضه وكرامته وحقه في الحياة.

وصباح الخير يا عرب.....

بوابة صيدا

الكاتب

بوابة صيدا موقع إخباري متنوع ينطلق من مدينة صيدا ـ جنوب لبنان، ليغطي مساحة الوطن، والأمة العربية، والعالمين الإسلامي والغربي.. يقدم موقع (www.saidagate.com) خدمة إخبارية متنوعة تشمل الأخبار السياسية، والاقتصادية، والاجتماعية، والإسلامية، والمقالات المتنوعة.. تقوم سياسة الموقع على الحيادية، والرأي والرأي الآخر، يستقي الموقع أخباره، من تغطيته للأحداث، ومن وكالات الأنباء العربية والعالمية..

مدونات ذات صلة