بوابة صيدا
جاء في كتاب «الأذكياء» لابن الجوزي ما مضمونه أن الشاعر أبا مِحْجَن تزوج زوجة ثانية، ونَشَبَ بينها وبين زوجته الأولى خلاف وشقاق، فجعل كل زوجة في بيت مستقل، ثم بدا له أن يجمع بينهما، ويؤلف بين قلبيهما، وأن يشعر كل زوجة منهما أنها هي الأثيرة لديه.
فذهب إلى زوجته الأولى، وقال لها: يا زوجتي الحبيبة، إن زوجتي الجديدة حلفتْ عليَّ بالله أن تزورك إقراراً منها بحقك وقَدْرك، وأن تشاركنا غداءنا، وإني أكره أن تراك في حال ضعف وفقر، فخذي هذا الدينار، واشتري به من الطعام والزينة ما يليق بك، ويُظهرك أمامها في أجمل صورة، فلا أريد أن تبدو هي أجمل منك وأنت الأجمل في عيني، والأقرب إلى قلبي، فقالت له: لا تهتم يا زوجي العزيز، واللهِ سأُجَمِّل نفسي وأُجَمِّلك أمامها، ولن ترى إلا ما يسرك.
ثم ذهب إلى بيت زوجته الثانية، وقال لها: يا زوجتي الحبيبة، إن زوجتني الأولى حلفت عليَّ بالله أن تزوريها إقراراً منها بمنزلتك وفضلك، وأن تشاركينا غداءنا، وإني أكره أن تراك في حال ضعف وفقر، فخذي هذا الدينار، واشتري به هدية لها، وزينة لك، لتظهري أمامها في أجمل صورة، فلا أريد أن تبدو هي أجمل وأنت الأجمل في عيني، والأقرب إلى قلبي، فقالت له: اطمئن يا زوجي العزيز، فوالله سأجعلها تراني وتراك أجمل مما نحن عليه.
ثم خرج من عندها وذهب إلى صاحب له، وقال له: اسمع، غداً سأجمع زوجتيّ على الغداء، فتعال إليَّ مُسَلِّما، وهنئني -بصوت عالٍ- على زواجي، وما أنا فيه من سعادة، ثم اسألني أي زوجتيّ أحب إليّ، وأَلِحَّ عليَّ في السؤال حتى أجيبك.
فلما جاء الغد اجتمع أبو محجن بزوجتيه، ومر عليه صاحبه، وبارك له وهنأه، ثم قال له: أخبرني يا أبا محجن، أيُّ زوجتيك أحب إليك الأولى أم الثانية؟
فقال له: سبحان الله! أتسألني مثل هذا السؤال وهما تسمعان؟!
فقال صاحبه: سألتُك بالله أن تخبرني، ولن أنصرف من باب دارك حتى تقول لي أيهما أحب إليك.
فقال أبو محجن: بما أنك سألتني بالله فإن أحبهما إليَّ صاحبة الدينار، ووالله لا أزيدك شيئاً فوق هذا، وانصرِفِ الآن.
فامتلأتْ نفس كل زوجة بالسرور والثقة، وظنت أنها هي المقصودة دون الأخرى، وفاز أبو محجن بالطمأنينة، وراحة البال، وغلب عقلُه كيدَهما.
بوابة صيدا موقع إخباري متنوع ينطلق من مدينة صيدا ـ جنوب لبنان، ليغطي مساحة الوطن، والأمة العربية، والعالمين الإسلامي والغربي.. يقدم موقع (www.saidagate.com) خدمة إخبارية متنوعة تشمل الأخبار السياسية، والاقتصادية، والاجتماعية، والإسلامية، والمقالات المتنوعة.. تقوم سياسة الموقع على الحيادية، والرأي والرأي الآخر، يستقي الموقع أخباره، من تغطيته للأحداث، ومن وكالات الأنباء العربية والعالمية..