إبراهيم درويش ـ القدس العربي
ذكرت وكالة أنباء “أسوشيتد برس” أن شركات الطيران العالمية باتت تتجنّب الرحلات إلى إسرائيل، باستثناء شركات الطيران الإماراتية مثل “فلاي دبي” و”الاتحاد”.
وفي تقرير أعدّه جون غامبريل وتيا غولدنبيرغ، قالا إن عاماً من الحرب ترك أثره على مطار بن غوريون الدولي؛ فقد ألغت شركات الطيران العالمية الرحلات، وباتت البوابات فارغة، وصور الأسرى الإسرائيليين لدى “حماس” تتابعها قلّة من المسافرين القادمين وهم يسيرون نحو قاعة الأمتعة.
لكن مكتباً واحداً لاستقبال المسافرين، وتسجيلهم لا يزال مكتظاً بالمسافرين إلى الإمارات، التي فتحت جسراً لإسرائيل إلى خارج العالم طوال فترة الحرب.
وبالإضافة إلى تعزيز الموارد المالية لهذه الشركات، فقد سلطت الرحلات صورة عن العلاقات المستمرة بين البلدين، والتي نجت من الحروب المستعرة في الشرق الأوسط، وستتقوى أكثر بعودة دونالد ترامب إلى البيت الأبيض.
وبحسب جوشوا تيتبلبوم، أستاذ دراسات الشرق الأوسط بجامعة بار إيلان، فهذا “موقف سياسي واقتصادي”، و”هي الخطوط الجوية الأجنبية التي تواصل الطيران”.
وقامت شركات الطيران الدولية، منذ هجمات “حماس”، في 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023، بوقف، ثم استئناف الرحلات الجوية، ثم وقفها من وإلى البوابة الإسرائيلية نحو العالم.
ومظاهر القلق حقيقية، حيث تتذكّر شركات الطيران إسقاط الطائرة الماليزية، رحلة 17، فوق أوكرانيا قبل 10 أعوام، وإسقاط إيران طائرة الخطوط الأوكرانية، رحلة 752، فوق طهران عام 2020.
لكن شركة “فلاي دبي”، الشقيقة لطيران الإمارات، واصلت رحلاتها، وأبقت على صلة إسرائيل بالعالم الأوسع، حتى بعد توقّف المنافسين من مزوّدي الرحلات المنخفضة الكلفة عن تسيير الرحلات إلى إسرائيل.
وفي الوقت نفسه، استمرت شركة “الاتحاد” في رحلاتها إلى إسرائيل أيضاً. وفي حين يظلّ الحفاظ على جدول الرحلات مهماً من الناحية السياسية للإمارات، التي أقامت علاقات دبلوماسية مع إسرائيل، في عام 2020، فإنها زادت من الإيرادات المالية، وخاصة لشركة “فلاي دبي”.
وأوقفت شركات دولية مثل “دلتا إير”، ومقرها أتلانتا، و”لوفتهانزا” الألمانية، رحلاتها، وغيرها من شركات الطيران الكبرى. واستأنف البعض منها رحلاته، ثم أوقفها بعد الهجمات الصاروخية الإيرانية ضد إسرائيل، في 1 تشرين الأول/أكتوبر، وما تبع ذلك من هجوم انتقامي إسرائيلي ضد إيران، في 26 تشرين الأول/أكتوبر. وهددت إيران بالرد.
وكان توقف الرحلات الدولية مفيداً لشركة “إلعال” الإسرائيلية، التي عانت أثناء وباء كورونا. وحققت الشركة أفضل أرباحها في نصف العام الحالي بـ227 مليون دولار، مقارنة مع 58 مليون دولار في نفس الفترة من العام الماضي.
وعلى مدى العام الماضي، زادت أسهم “إلعال” في البورصة الإسرائيلية بنسبة 200%، مقارنة مع نسبة 29% في مؤشر تل أبيب المالي الأوسع. ومع ذلك، تفتقر “إلعال” إلى الطرق والاتصالات التي تمتلكها شركات الطيران الدولية الكبرى.
كما توقفت شركات الطيران منخفضة التكلفة عن الطيران إلى إسرائيل خلال فترات الحرب، ما أدى إلى ارتفاع سعر تذاكر “إلعال”. وقالت الشركة، في نتائجها المالية للربع الثاني من هذا العام، إن أعداد الركاب عبر مطار بن غوريون انخفضت إلى النصف، مقارنة بنفس الفترة من العام السابق.
لكن “فلاي دبي” واصلت رحلاتها، وسيّرت الشركة 1,800 رحلة إلى إسرائيل منذ تشرين الأول/أكتوبر العام الماضي، ولم تلغ إلا 77 رحلة، حسب شركة تحليل الملاحة الجوية “سيريوم”. وسيّرت الشركة، في أيلول/سبتمبر وحده، 200 رحلة.
ونقلت الوكالة عن مسافر ينتظر في الطابور الطويل أمام “فلاي دبي” قوله إن استمرار الرحلات “رمز أن الإمارات تريد الحفاظ على السلام”. ولم تردّ “فلاي دبي” على أسئلة الوكالة.
وبالمقارنة، فقد واصلت شركة “الاتحاد” تسيير رحلات إلى إسرائيل، لكن عدد الرحلات أقل من رحلات “فلاي دبي”، التي استفادت من توقف شركات منخفضة الكلفة مثل “ويز إيرلاين” و”بلو بيرد”.
وتقول “الاتحاد” إنها تراقب الوضع في المنطقة عن كثب، لكنها مستمرة في تسيير الرحلات. وفي بيان من الشركة للوكالة قالت فيه إن مطار بن غوريون لا يزال مفتوحاً، ويطبق أفضل إجراءات السلامة والأمن، ما يسمح لـ”الاتحاد” وشركات الطيران الأخرى توفير الروابط الجوية طالما كانت هناك سلامة لعمل هذا.
وبعيداً عن الأثر المالي، فإن قرار استمرار الرحلات الجوية مرتبطٌ باتفاقية التطبيع عام 2020، ومع أن أبو ظبي عبّرت عن غضبها أكثر من مرة من الحرب الإسرائيلية في غزة، إلا أن قنصلية إسرائيل في دبي وسفارتها لا تزالان مفتوحتين.
وفي رد على الوكالة بشأن التقرير، أرسلت الحكومة الإماراتية تقريراً لوكالة أنباء الإمارات “وام”، أشار إلى دعم أبو ظبي لحل الدولتين في مؤتمر القمة، الذي عقد بداية الشهر الحالي بالرياض. ودعت أبو ظبي أكثر من مرة لوقف إطلاق النار والإفراج عن الأسرى الإسرائيليين.
وفي ضوء الغضب الواسع في العالم العربي ضد الحملة العسكرية الإسرائيلية المدمرة في غزة، لم يعد مطار دبي الدولي يعلن على لوحاته الإعلانية الإلكترونية عن موقع تسجيل الوصول إلى تل أبيب. فهو يقع في زاوية بعيدة من إحدى محطات المطار، بجوار منصة لشرطة دبي. كما يراقب حراس الأمن الخاصون الصف، في حين يراقب أفراد، يبدو أنهم ضباط شرطة سريون، البوابة، وهو مستوى عال من الأمن أكثر مما يلاحَظ عادة في المطار.
لكن يُسمح عادة بصفوف المسافرين الذين يتحدثون العربية والعبرية ويحملون جوازات سفرهم الإسرائيلية الزرقاء.
وتعلق دينا إسفندياري، الزميلة البارزة في مجموعة الأزمات الدولية ببروكسل: “إنه مجرد رمز لالتزام الإمارات العربية المتحدة بالعلاقة”، و”بغض النظر عمّا يحدث، وبعيداً عن مسار الحرب، أو مدى انتهاك إسرائيل للقانون الدولي، فقد قرّرت الإمارات العربية المتحدة أن هذه خطوة اتخذتها، وأن العلاقة تظل مفيدة لها”.